عندما تضيع بين الحق والباطل .......... عندما تأخذك الدنيا بغرورها ............. عندما تُظلم وتقف على عتبة الحياة ........ عندما تجد بريق الأمل بين طيات الخيانة
َنظرتْ إلى القمر إنه بدر هذه الليلة , ولكن لماذا يرسم كل هذا الحزن على صفحات وجهه , نسمات الهواء العليل تداعب وجهها علها ترسم ابتسامة على هذا الوجه الحزين .
رن هاتفها .... إنها تعرف المتصل وتنتظر اتصاله ... أجابت بهدوء .... سمعت صوته الدافئ الذي حرك لها مشاعرها من جديد .... وزاد من طرقات قلبها
- استقالتك مرفوضة .... أريد أن أراك غداً .... حتماً لابد أن أراك ... لن أسمح لك بالرحيل ... لابد أن نجد حلاً لكلينا
- أجابته ودموعها تسبق صوتها ..... سآتي غداً صباحاً ..... كما قلت لابد أن نجد حلاً .... علنا نضع النقاط على الحروف
أغلقت السماعة وهي تتذكر أيامها السابقة برفقة زوج خائن , لم تعرف معه سوى أيام قليلة من السعادة ..... لا بل كانت ساعات من السعادة ..... ظنته أنه من سيشاركها عمرها ويحميها من غدر الأيام و قسوتها ... ظنت أنها وجدت الزوج والحبيب والصديق و الأخ و الأب ..... كانت تحلم ببناء أسرة متماسكة تكون عونا لها في الحياة ... ولكن الحياة أبت أن تجمعها إلا بزوج أناني , ما أن تحسنت أوضاعه وظروفه المادية حتى وجد أُخرى .... نعم كانت الأجمل ولكنها لم تكن تحمل له من الحب ما حملته هي .... فكرت كثيراً أ أٌلقي باللوم عليها أم على زوج خائن ...
- هــي وجدت زوجاً أحبها وأعطاها كل شيء هل كانت ستفكر للحظة ما فعلته في غيرها ؟! هل كانت ستفكر بمشاعر زوجته وانكسار قلبها عندما يعود من عندها وعيناه تنضحان بالفرح والزهو والسعادة ؟! هل كانت ستفكر في زوجة تموت شيئاً فشيء وهي تبحث في نفسها عن بقايا زوج قد أحبته؟
- هـــو .... وجد زوجة صغيرة وجميلة وربما تكون قد أحبته .... هل كان سيفكر في نفس قد قتلها ... وفي مشاعر قد دفنها ؟! هل كان سيفكر بمن أحبته وبمن أعانته وبمن خلعت عنه عباءة التعب والحزن وقسوة الأيام ؟! هل كان سيفكر في زوجه تحتاج إلى رجل بقربها ومعها ؟!
هل مازال يذكر كيف تقاسما الحب والحزن وكيف تقاسما هموم الأيام ؟
في صباح اليوم التالي دخلت ذلك المكتب الذي قضت فيه أجمل لحظات عمرها....... في الأيام الماضية كانت تدخل بابتسامة مشرقة كافية لإضاءة سماء الليل .... تبادر الجميع بالتحية والسلام ... أما اليوم فهي تتلمس الدروب من حولها فلا تجد من يدلها على شيء تائهة بأفكارها .... تائهة بأنفاسها .... تائهة بقرارها .
دخلت مكتبه كعادته مشرق كساعات الصباح الأولى .... أحبته بكل ما فيه ... أحبته بلون عينيه ... بابتسامته ... بصوته ... أحبته بحزمه وصرامته .... برجولته بنظراته القوية و الحنونة معاً
جلست على الكرسي المقابل له ... التي اعتادت أن تحتسي عليه قهوة الصباح ... عندما كانا يتبادلان الأفكار و الآراء حول أداء العمل على الوجه الأمثل ..... أحست أنه سيكون اليوم الأخير الذي ستجلس فيه على هذا الكرسي .
عيناه كانتا مليئتين بحزن وشوق ولهفة .... جلسا للحظات قبل أن يلملما أشلاؤهما ويبدآن بالحديث
كعادته هو الذي كان يشد من أزرها ويعطيها من قوته في لحظات ضعفها ..... بادرها لم هذا القرار ... ما الذي تغير ؟ لماذا أردت الرحيل ؟ لماذا تصرين على وضع نقطة النهاية ؟!!
ربما لم تسنح لنا الظروف مسبقاً أن نتكلم بهذا الموضوع .... ولكنني أحببتك بكل ما فيك ... استأنست برائحة عطرك ... بأفكارك ... بثقافتك .. بآرائك ... بصوتك ... بضحتك .. في نهاية كل يوم عمل كنت ترحلين ولكنك كنت تبقين معي ... والآن ألا ترين أنني لا أستحق كل هذا منك ؟!!
أجابته بدموع عينيها وبآهات قلبها ... أنت وحدك من خفف عني الطعنة التي تلقيتها من طليقي ... أنت وحدك من أعطاني بريق الأمل عندما كنت لا أرى إلا العتمة ... منذ رأيتك أحسست أن تياراً كهربائيا قد صعقني من رأسي حتى أخمص قدمي ... أحسست بالضياع من سحر اللقاء ... منذ رأيتك تغيرت نظرتي للحياة ... أحببت الحياة لأجلك .
أيقنت أننا لا نخلق فرادى ... أننا نخلق أرواحاً متجانسة ... كنت روحي التي عشت لأجلها, سنتان مرت على لقاءنا الأول ... نسيت العالم فيها ولم أعد أعرف غيرك ... كنت أداوي جرحي بصورتك ... كنت ألملم أشلائي بصوتك ... كنت تفتح منافذ الأمل والحياة بكلماتك وأفكارك
ولكن في كل يوم عندما أخلو بنفسي يجتاحني خوف أصيل , فمن ذاق طعم الظلم لا يقوى عليه , صورة زوجتك لا تفارقني , أراها بأحلامي تبكي ... تستجدي ... لتقول لي ابتعدي , لتقول لي ارحلي , لتشتمني ... وأصحو وأنا أعاهدها على الابتعاد
لقد قُدر لنا الفراق قبل اللقاء , قدر علينا أن نعيش معاً بقلوبنا وعقولنا لا بأجسادنا , سأخذك معي في رحلة الحياة , فلن أدعك يوماً , فلقد زٌرعت في قلبي ولن أستطع نسيانك يوماً .