news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
الانديبندنت | تاريخ الحرب العالمية الأولى في لحظات .. معركة السوم . ترجمة : محمد نجدة شهيد

مذبحة الأبرياء ــــــــ اليوم الذي سار فيه بشجاعة 21 ألف جندي بريطاني نحو حتفهم .. كانت معركة "السوم" خطة لمعركة انتحارية دفع ثمنها جنود عاديون من المتطوعين تعوزهم الخبرة العسكرية . الصحفي جون ليتشفيلد يكتب عن اليوم الأكثر كارثياً في تاريخ الجيش البريطاني .


1- في صباح يوم الأول من تموز 1916 ، وبعد الساعة 7:30 بقليل كان الجندي كارل بلينك من الفوج 169 الألماني يتسلق على عجل السلم المؤدي إلى أعلى المتراس على حافة الخندق المحطم قرب قرية سيري في شمال فرنسا حيث رأى مجموعات من الجنود البريطانيون المتطوعون وهي تتقدم الواحدة  تلو الأخرى بخطى عادية نحو أعلى المنحدر السهل بإتجاه خطوط خنادق الفوج ـــــــ كانوا " أصدقاء " من شرق لانكشاير وجنوب يوركشاير .

 

2- وقال الجندي بلينك في وقت لاحق للمؤرخ البريطاني مارتن ميدلبروك بعد مرور أكثر من نصف قرن على الواقعة " لقد فُوجئنا كثيراً برؤيتهم وهم يتقدمون نحونا ، لم نرى مثل ذلك من قبل . كنت أراهم منتشرين في كل مكان ، وكانت أعدادهم بالمئات . وكان الضباط يسيرون بهدوء بخطى عادية وهم يتقدمون الصفوف . وقد لاحظت أحدهم يمشي بهدوء وهو يحمل بيده عصاً يتوكأ عليها .

 

وعندما بدأنا بإطلاق النار ، كان يتعين علينا تلقيم أسلحتنا مرات ومرات . كانوا يتقدمون نحونا بالمئات . ولم يكن هناك حاجة للتسديد ونحن نصوب أسلحتنا نحوهم ، كنا نقوم فقط بإطلاق النار . ولو كانوا يركضون نحونا لكانوا قد هزمونا " . كان الهجوم في سيري أحد أكثر الحلقات دموية وغير المجدية في يوم كان الأكثر قتلاً في تاريخ الجيش البريطاني ــــــ اليوم الأول من معركة السوم .

 

3- وكان أصدقاء الأكرينغتون ، الذين يُشكلون قوام الكتيبة 11 من فوج شرق لانكشاير ، عمال عاديون جاؤوا من مهن مختلفة . فكان منهم عمال مطاحن ، وعمال محال تجارية ، وعمال سكك حديدية ، ومحامين . والعديد منهم كانوا أشقاء وابناء عمومة وجيران واصدقاء قدموا من أكريننغتون وبارنلي وبلاكبيرن ، وتطوعوا معاً في الدفعة الأولى خلال فورة الحماس الوطني التي سادت خلال شهري آب وأيلول 1914.

 

  وكان هذا اليوم أول يوم يشاركون فيه في القتال ـــــــ كما كان عليه أيضاً حال أصدقاء بارنسلي وكتيبة مدينة شيفيلد الذين كانوا يتقدمون بمحازاتهم نحو الخطوط الألمانية . وفي كثير من الحالات ، لم يكن بعضهم قد مضى على وجوده في ساحة المعركة فترة تتجاوز النصف ساعة أو حتى أقل من ذلك .


4- كان هناك 720 جندي من مجموعة أصدقاء أكرينغتون ممن شاركوا في " الهجوم الكبير " الذي قامت به القوات البريطانية في الساعة 7:30 من صباح يوم الأول من تموزــــــــ وكان أكبر هجوم بريطاني في الحرب حتى ذلك   الوقت . وبحلول الساعة 8:00 كان هناك 584 منهم قُتلوا أو جُرحوا . ووصل بعض جنود المجموعة في الموجة الأولى من الهجوم حتى الخطوط الألمانية ، في حين أبيدت عن بكره ابيها الموجه الثانية والثالثة بالمدافع الرشاشة الألمانية حتى قبل أن تصل المنطقة العازلة .

 

 أما المجموعة التي وصلت إلى الخطوط الألمانية فقد عُزلت عن بقية المجموعات وتم بشكل سريع سحق أفرادها أو أرغموا على التراجع . وحدث تقريباُ نفس الشيء في باقي قطاعات جبهة الهجوم البالغ طولها أكثر من 16 كم والتي شن الجيش البريطاني على امتداها هجومه في صباح ذلك اليوم والذي كان يتكون ثلثيه في ذلك الوقت من المتطوعين .

 

5- ويُقدر المؤرخ ميدلبروك أنه من أصل 66 ألف جندي بريطاني شاركوا في الموجه الأولى من الهجوم ــــــــ  بموجب أوامر بالتقدم بخطى عادية وليس الركض ، وهم يحملون على ظهورهم أنواع مختلفة ثقيلة من الطعام ، والذخيرة ، والأسلاك الشائكة ، وأسلاك جهاز ارسال البرقيات ، والمعاول ، وحتى الحمام الزاجل ــــــــ  قتل أو أصيب نصفهم تقريباً في أول 60 دقيقة . ومع قرب مغيب شمس ذلك اليوم ، وبعد عدة هجمات كارثية مماثلة على طول جبهة الهجوم مع بعض النجاحات ، كانت حصيلة الهجوم النهائية 21 ألف قتيل وأكثر من 30 ألف جريح .

 

6- كان اليوم الأول من الهجوم في السوم مذبحة بكل معنى الكلمة جرى فيها التضحية بجيش المتطوعين الذي تم انشاؤه في عام 1914 ، والذي كان سيقوم ، حسب توقعات الرأي العام البريطاني ، بدحر" الهمج " وبالسير نحو   برلين . لم تكن هناك مثل هذه السذاجة لدى البريطانيين أبداً مرة أخرى .

 

7- كانت الكارثة بأكملها نتيجة خطأ عسكريون محترفون وخاصة الجنرال السير هنري رولينسون ، القائد العام للقوات البريطانية في السوم ، الذي كان يزدري المهارات القتالية لجنوده المتطوعين الذين شكلوا ثلثي قوام الجيش تحت قيادته ــــــــ وخاصة الضباط المتطوعين المرابطين في الخطوط الأمامية المستعدين دوماً للقتال ولكن لم يكونوا مدربين بشكل كاف . وقام رولينسون بوضع خطة عسكرية حرمتهم من أي حق في المبادرة ، وُتظهر بوضوح أنه وامثاله لم يتعلموا الدرس من الهجمات الدامية ، ولكنها كانت أصغر حجماً ، التي فشلت عام 1915 في نوف ـــــ شابل ولوس . وبدلاً من ذلك ، حاول رولينسون نسخ تكتيكات ألمانية ناجحة مهدت لمعركة فردان في شباط ذلك العام .


8- وكان من شأن القصف المدفعي المتواصل لمدة سبعة أيام باستخدام أكثر من مليون قذيفة سحق خطوط الجبهة الألمانية ، وتدمير مرابط المدفعية ، وبعثرة خطوط الاتصالات . وكان من المقرر ، حسب الخطة الموضوعة ، أن يقوم الجنود البريطانيون ، وهم يحملون على ظهورهم أشياء مختلفة ثقيلة ، الانطلاق من خنادقهم في الساعة7:30 صباحاً ، ليس عند الفجر ولكن في وضح النهار.


9- وكان يتعين عليهم التقدم بخطى عادية لا أن يركضوا وذلك من أجل ضمان بقائهم ضمن التشكيلات القتالية ولا يكونوا مبعثرين . كما كان يتعين عليهم أيضاً عدم التسلل ـــ الزحف ـــــ إلى الأمام بينما تكون المدفعية البريطانية تقصف المواقع الألمانية . ولم يتلقوا أي تعليمات حول كيفية التقدم والتعامل مع مواقع محصنة يدافع عنها جنود . وعلى أي حال ، قيل لهم ، أن جميع الألمان سيكونوا قد قتلوا نتيجة القصف المكثف ، أو سيكونوا مذعورون يتكورون على أنفسهم من شدة الخوف .

 

وستكون مهمة الجنود البريطانيون عندئذ مجرد التقدم للاستيلاء على الخطوط الألمانية مثل تقدم الأحجار على رقعة الشطرنج . وسيضطر الألمان بموجب التعليمات الدائمة لديهم القيام بهجوم معاكس مما سيكبدهم خسائر ساحقة تشل قدرتهم على مواصلة القتال .

 

10- لم يكن رولينسون يعتقد بإمكانية حدوث " اختراق مفاجئ " للخطوط الألمانية في ساحة المعركة . كان يؤمن بنظرية الاستنزاف ، كان يُفضل استنزاف الألمان . وقام بفرض خطته المبنية على ذلك على القائد البريطاني العام المشير دوغلاس هيج الذي ابدى شكوك عديدة حولها . وكانت النتيجة أن بلغت حد جريمة مذبحة جماعية لقواته .


11-  وكان أن فشلت عملية القصف المدفعي التي استمرت 7 ايام متواصلة على الرغم من كونها الأكبر في التاريخ العسكري البريطاني حتى ذلك الوقت . كانت هناك قذيفة معطوبة من أصل كل ثلاثة لم تنفجر لدى سقوطها على الخطوط الألمانية . ولم تتأثر خطوط الاتصال الألمانية وظلت تعمل دون عائق في معظم الأماكن . وتحصن المدافعون الألمان في مخابئ من 6 طبقات محفورة في أعماق تربة كلسية . وتعرضت مرابض المدفعية الألمانية لبعض الأضرار لكنها بقيت تعمل ولم تخرج من الخدمة .

 

12- وعندما نهضت كتائب مجموعة الأصدقاء وغيرهم من الخنادق للتقدم نحو الخطوط الألمانية ، حصدتهم المدافع الرشاشة التي يصل مداها إلى بعد ميل . كما تعرضوا لقصف مدفعي . وهكذا دُمرت عدة وحدات حتى قبل تقدمها لمهاجمة الخطوط الألمانية ـــــــ أربعة كتائب من تينيسايد الايرلندية ، ونيوفاوندلاندرز. أما أولئك الذين تمكنوا من الوصول حتى الخنادق الألمانية فقد وجدوا أن الأسلاك الشائكة كانت لا تزال قائمة في أماكنها ، ولم يتم إزالتها كما وعد قادتهم  .


13- ويتذكر الجندي جيمس رايد من ملاك وحدة سيفورث هالاندرز الثانية التي تتكون من جنود محترفين " كنت أرى كيف كانت تتقدم الموجات الأولى التي بدأت الهجوم ، وكيف تم الايقاع بها وهي ترتدي التنورات . قُتلوا على الأسلاك الشائكة وبقوا معلقين هناك وقد اخترقت أجسادهم الطلقات .. مثل اصطياد الغربان الواقفة على الأسوار" .

 

وُتظهر المناطق التي تمكن فيها الجيش البريطاني من السيطرة على الخطوط الألمانية ـــــــ وكان معظمها في الجزء الجنوبي من ساحة المعركة جنباً إلى جنب هجوم فرنسي ناجح واسع النطاق ـــــــ أن رولينسون كان مخطئاً في عـدة أمور .

 


14- وقد أظهر جنود رولينسون المتطوعون منتهى الشجاعة عندما طلب منهم القيام بالمحال . ولو كانوا قد أعطوا فرصة ضئيلة لربما كانوا قد غامروا ونجحوا في ساحة المعركة . وها هي وحدات من مجموعة أصدقاء مانشستر وليفربول ، ووحدات أخرى من مجموعة الستر تتجاهل تعليمات رولينسون في التقدم " بخطى عادية لا الركض " .

 

ويقوم جنود هذه الوحدات بنسخ التكتيكات الفرنسية بالتسلل ــــــ الزحف ـــــ حتى الخطوط الألمانية قبل انتهاء القصف البريطاني حيث انقضوا على الجنود الألمان قبل أن يتمكن هؤلاء من أخذ مواقعهم في أعلى الخنادق المدمرة وراء مدافعهم الرشاشة . لحق بهذه الوحدات خسائر فادحة ولكنها تمكنت في نفس الوقت من احتلال أجزاء كبيرة من الخطوط الألمانية .

 

15- وشهد اليوم الأول من معركة السوم ، وإلى حد كبير، مشاركة جنود من أسكوتلندا ، وشمال بريطانيا ، وايرلندا الشمالية ، ولندن ، وشمال ميدلاندز . آخرون ضحوا بالدم في وقت لاحق  . وبلغت الخسائر البشرية 9 آلاف من يوركشاير، و6 آلاف من لانكشاير . وعندما بدأت البرقيات تصل بريطانيا غرقت شوارع وأحياء المدن الشمالية بأكملها في الحداد . وكان التجنيد في بريطانيا قبل عام 1916 مهنة الأقوياء والمتأنقين في نفس الوقت : أبناء الطبقة الأرستقراطية والعاطلين عن العمل ، وخاصة من أسكوتلندا وإيرلندا . وكان الوضع في البحرية البريطانية مختلف بعض الشيء .


16- وفي معركة السوم ، قاتل أبناء الطبقة المتوسطة والحرفيين ـــــــ كتبة ، محامين ، عمال مهرة ــــــ على أرض أجنبية لأول مرة . وهذا يساعد على تفسير لماذا السوم ـــــــ مثل فردان بالنسبة للفرنسيين ــــــ أصبحت رمزاً ملازماً للبريطانيين  في الحرب . وقام البريطانيون والفرنسيون بتبديل جميع الوحدات المرابطة على خطوط المواجهة بالتناوب أمام آلة الفرم ــــ القتل ـــــ في سنة 1916. وهكذا كان كل جيل يمرــــــ كفترة زمنية ــــــ يُضاعف عدد الناس الذين شارك أحد أسلافهم في السوم وفردان .


17- ويُمكن القول ، أن هذين النزاعين هما في الحقيقة معركة واحدة يفصل بينهما مسافة 150ميل ، ولكنهما متداخلين بالنسبة للوقت . وقد تم اختيار السوم كموقع لهجوم الحلفاء في العام السابق لكونها كانت تشكل نقطة تلاقي الخنادق البريطانية مع الفرنسية . هناك ، وهناك فقط ، يُمكن للحلفاء أن يُهاجموا جنباً إلى جنب .

 

وساعد الهجوم الألماني غير المتوقع في فردان على زيادة سرعة وتيرة الاستعدادات البريطانية ، وقلل في نفس الوقت من حجم مساهمة الفرنسيين . وبعد انقضاء اليوم الأول الكارثي في السوم ، ساد الجمود لمدة أربعة أشهر ونصف ، مع بعض النجاحات المحلية البريطانية ، ولكن بدون حدوث إنفراج في الموقف .


18- وحصل رولينسون على رغبته . فقد قام الألمان بالفعل بهجوم معاكس ـــــــ مراراً وتكراراً . كانت خسائرهم هائلة ، مثل الخسائر التي لحقت بالبريطانيين ، والفرنسيين ، والكنديين ، والأستراليين ، والنيوزيلنديين ، والجنوب أفريقيين . وبحلول منتصف تشرين الثاني ، عندما بدأت حدة المعركة تخف شيئاً فشيئاً ، كان هناك أكثر من مليون ومئة ألف من الضحايا في السوم ـــــــ ما يقرب من أربعمائة ألف من البريطانيين والكومنولث ، ونصف مليون من الألمان ، ومئتي ألف من الفرنسيين .

 

وكان هناك ، من بين جميع هؤلاء ، واحد توفي من أصل كل أربعة أو ما يزيد قليلاً ــــــ من ضمنهم 125 ألف من البريطانيين وجنود الإمبراطورية كالهنود وغيرهم . ولا تزال أرقام الضحايا الدقيقة محل خلاف ، ولكن من المؤكد كانت السوم المعركة الوحيدة الأكثر دماراً بامتياز في الحرب .


19- ومع قرب حدوث التحول الفصلي من الصيف إلى الخريف ، أصبحت ساحة المعركة هامدة بعد أن كانت خضراء مليئة بأشجار الغابات يوم الأول من تموز . وأصبح المشهد مقفراً يضم قرى مدمرة ، وجذوع أشجار مكسورة ، وثقوب قذائف ، وجثث متفسخة ، وطين في كل مكان . وبحلول منتصف تشرين الثاني كان الفرنسيون والبريطانيون يحققون تقدماً يُعادل 77،5 متر في كل يوم قتال ، ما يعادل طول ثلاثة أرباع ملعب كرة قدم . وكان كل متر من الأراضي المكتسبة نحو الساحل الشرقي يكلف في المتوسط حياة 11 من الجنود البريطانيين ، والايرلنديين ، والأستراليين ، والنيوزيلنديين ، والكنديين ،  والجنوب أفريقيين .


20-  وجرى لأول مرة في السوم وفردان تطبيق قوة وبراعة الصناعة والإدارة الحديثة ، وبقوة لا تنضب ، على أجساد البشر. إن السماح لثلاثة ملايين من الرجال يتقاتلون في منطقة مساحتها 200 ميل مربع لأكثر من ثلاثة اشهر يتطلب تنظيم وتصميم سياسي ، ومهارات إدارية وقوة اقتصادية ، وليس فقط القوة العسكرية أو القسوة .

 

21- واستُخدمت الدبابات في القتال لأول مرة في السوم من قبل البريطانيين يوم 15 أيلول . كما ظهرت في المعركة للمرة الأولى قاذفات اللهب ، والطائرات المقاتلة الفعالة ، وأنواع من الغازات السامة أكثراً فتكاً في فردان والسوم . كما شهدت ساحة معركة السوم أيضاً آخر هجمات وحدات سلاح الفرسان البريطاني في أوروبا في منطقة هاي وود منتصف شهر تموز 1916، مع نتائج يُمكن بسهولة التنبؤ بها .

 

كانت المعركة في الحقيقة لحظة محورية في حرب بالغة الأهمية كونها شكلت مرحلة انتقالية بين عالمين القديم والجديد . وقد جادل بعض المؤرخون البريطانيون بأن معركة السوم كانت انتصاراً لبلادهم ، ويقولون بأن قوة الجيش الألماني "انكسرت" في السوم . ( وماذا عن فردان ؟) . ويقولون أيضاً أن معركة السوم شكلت للجيش البريطاني ـــــــ وحتى لجنرالاته ـــــــ مسار تعليمي لاكتساب الخبرة القتالية ليظهر من بعدها أقوى في نهاية المعركة .


22- ويُعتبر السيد ميدلبروك أعظم مؤرخ بريطاني لمعركة السوم ، والذي كان يعمل في مزرعة لتربية الدواجن في لينكولنشاير عندما نشر كتابه " اليوم الأول في السوم" في عام 1971. وقام بتتبع آثار أكثر من 500 من الناجين من المعركة ـــــــ بريطانيين وألمان ــــــــ ليروي القصة من خلال مشاهداتهم للمرة الأولى .


23- وكانت الصحيفة قد سألت السيد ميدلبروك منذ ثماني سنوات إذا كان يعتقد أن معركة السوم كانت انتصار أم هزيمة للبريطانيين . وفي الآونة الأخيرة قمنا بالتأكيد على هذا السؤال مرة أخرى . وقد التزم السيد ميدلبروك (82 عاماً) بالرد التالي " إن الجيش الألماني ، الذي يُفترض أنه " انكسر" في السوم ، تمكن من وقف تقدم البريطانيين في أراس في أوائل عام 1917، وتسبب في حدوث تمرد في الجيش الفرنسي في شيمن دي دامز ـــــــ قصر السيدات ـــــــ في ربيع ذلك العام ، ومنع البريطانيين من التقدم لعدة أشهر في المعركة الثالثة إبرس في وقت لاحق من ذلك العام .

 

إن نفس هذا الجيش الألماني ، الذي من المؤكد وصلته تعزيزات كبيرة بعد انهيار روسيا على الجبهة الشرقية ، تمكن تقريباً من اختراق خطوط القتال وفاز بالحرب في عام 1918 قبل أن يتهالك أخيراً بسبب تقدم الحلفاء في ذلك الصيف . سيكون من المبالغة القول بوجود انتصار في معركة السوم لأي طرف" .

 

24- وماذا بشأن اعتبار معركة السوم " منعطف تعليمي" بالنسبة للبريطانيين ؟ رد السيد ميدلبروك بقوله " في  الحقيقة ، جرى تعلم القليل . وعلى الرغم من أن كارثة اليوم الأول لم تتكرر ، فإن الجنرالات واصلوا الانتقال من هجوم إلى آخر بلا هدف على جبهة واسعة أو جبهة ضيقة .. ولم يجري في نهاية المطاف اعتماد اساليب قتال جديدة مختلفة إلا بعد العام 1918 " .


25- ويُعزى الفضل لرولينسون في تطوير هذه الأساليب . ولم يتم أبداً فرض أي عقوبة مسلكية بحقه لمسؤوليته في المذبحة الجماعية يوم الأول من تموز 1916 . وتمكن أن يقود ، من الصفوف الخلفية ، التقدم الناجح في عام 1918 . وأصبح الرجل بعد انتهاء الحرب بطل قومي . فجرى ترقيته إلى مرتبة بارون ، ومنحه مبلغ 30 ألف جنية ، وتعينه قائد للقوات البريطانية في الهند . الانديبندنت . الأربعاء 28 ايار 2014 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنشر

صحيفة الانديبندت منذ يوم 3 أيار سلسلة تقارير يومية تحت عنوان " تاريخ الحرب العالمية الأولى في مئة لحظة " تتضمن سرد شيق ومختصر لبعض أهم وقائع وأحداث الحرب . تضم السلسلة مئة حلقة موثقة ببعض  الصور . وحلقة اليوم عن معركة السوم . وهي قرية تقع شمال غرب فرنسا أخذت اسمها من نهر يمر فيها . وكانت  ألمانيا قد غزت فرنسا خلال شهر آب 1914 واحتلت مساحات واسعة من البلاد من ضمنها السوم المطلة على بحر المانش . 

 

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

 

2014-06-06
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد