إذا تمكنت مدينة عين العـرب من الصمود وهزيمة الحصار، فستكون عندئذ قـد نجت من كل الأقدار والأخطار الصعبة التي تحيق بها حالياً . هـذه المدينة الواقعة على حدود سورية الشمالية مع تركيا كانت طيلة الأسابيع الماضية على وشك السقوط في وجه حصار وحشي يفرضه عليها تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بإسم داعش . لكن أكراد سورية الذين يُطلقون على المدينة إسم البلد (الوطن) مستمرون في الدفاع عنها بقوة ، وقامت الولايات المتحدة يوم الأحد الماضي بمساندتهم بإسقاط جوي للأسلحة وإمدادات أخرى .
وهكذا أصبحت المدينة ، التي تجاهلها في الماضي
القادة العسكرين الأمريكيين باعتبارها مدينة غير هامة في مسرح العمليات ضد
تنظيم الدولة الإسلامية ، ليس فقط مركز هـذه العمليات بل أصبحت أيضاَ بمثابة
اختبار لمدى نجاح الخطة الأمريكية التي تقوم على توجيه الضربات الجوية في
المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في سورية ، والاعتماد على القوات البرية
المحلية لهزيمته . ولكن لا تزال هناك مشكلة رئيسية تواجهها الإدارة الأمريكية
وهي كون هـذه القوات البرية المحلية إما غير منظمة ، أو منقسمة سياسياً ، أو هي
، كما في حالة أكراد مدينة عين العـرب ، في خطر نفاد الذخيرة وقلة السلاح لديها
.
إن سقوط عين العـرب من شأنه أن يُظهر مدى ضعف الخطة الأمريكية ، ويُعطي تنظيم
الدولة الإسلامية نصراً مهماَ . ونظراً لموقع المدينة بجانب تركيا ، فإن سقوطها
سيُمّكن التنظيم من عبور الحدود وتهديد تركيا العضو في حلف الناتو بشكل مباشر،
وهي خطوة قـد تجبر الحلف على التدخل للدفاع عنها .
ومن الواضح أن الجزء الكبير المفقود في العملية الأمريكية الجارية الآن هـو
تركيا التي يُسلط ترددها في مساعدة أكراد مدينة عين العـرب الضوء على نقاط
الضعف في بنية الخطة الأمريكية نفسها . لقد كان قرار إعادة إمداد هؤلاء
المقاتلين من الجو خطوة سببها اليأس من إمكانية حدوث تغيير في موقف تركيا في
وقت كانوا فيه معرضين للخطر ، والرئيس أردوغان يرفض تقديم المساعدة لهم على
الرغم من الدعوات المتكررة من واشنطن .
ويوم الإثنين فقط ، وبعد الإسقاط الجوي الأمريكي ، قالت تركيا أنها ستسمح لقوات
البشمركة العراقية بعبور أراضيها للوصول إلى عين العـرب . ومع ذلك ، لم تصل
لغاية الآن أي تعزيزات إلى المدينة عـن طريق تركيا . وقد أوضح أردوغان يوم
الخميس إنه على استعداد للسماح فقط لمئتين من هـذه القوات بدخول المدينة عبر
تركيا ـــــــ وهـذا العدد بالكاد يكفي في مواجهة حوالي ألف من افراد التنظيم
المتواجدين في المنطقة كما تشير التقارير .
لقـد كانت تركيا على الدوام عضو صعب المراس في حلف الناتو حتى في أحسن الأوقات
. زاد الآن من حدة ذلك أمرين إثنين . الأول ، إصرار تركيا على اعتبار الحكومة
السورية بأنها تشكل تهديد أكبر في المنطقة من تنظيم الدولة الإسلامية . والثاني
، علاقات تركيا المتأزمة مع مختلف الجماعات الكردية . وقـد دعمت تركيا منذ فترة
طويلة تنظيم الدولة الإسلامية ، التي كان هدفها في البداية الإطاحة بالحكومة
السورية ، من خلال السماح بعبور حدودها لأفراد التنظيم وبدخول السلاح والمال
إلى سورية .
الآن ، وفي الوقت الذي تقود فيه الولايات المتحدة المعركة ضد التنظيم ، تقول
تركيا أنها ستعمل مع الأمريكيين . ومع ذلك تحجم عن مساعدة المقاتلين الأكراد في
عين العـرب لأنها تخشى أن يؤدي ذلك أيضاً إلى تقوية حزب العمال الكردستاني داخل
تركيا ، الذي يقود حرباُ انفصالية مريرة ضد الحكومة التركية منذ ثلاثة عقود ،
على الرغم من دخول الجانبين مؤخراً في محادثات السلام . من الصعب في الحقيقة أن
نرى ماذا يكسب السيد أردوغان من إغضاب الأمريكيين أو من إغضاب الأكراد في
العراق الذي يرتبط مع تركيا بعلاقات جيدة . كما أن رفض تركيا تقديم المساعدة
يهدد أيضاً محادثات السلام التي بدأت مؤخراً مع حزب العمال الكردستاني .
ومهما يكن ، تبقى هناك أمور عديدة غامضة عندما بدأ الرئيس أوباما مهمة في سورية
سابقة لأوانها كان من الأفضل أن لا يتورط فيها . إن الفشل في تأمين التعاون
الكامل من حليف مهم يترك نجاح المعركة ضد التنظيم في موضع شك على نحو متزايد .
الجمعـة 24-10-2014.
لرابط |
http://www.nytimes.com/2014/10/24/opinion/why-kobani-must-be-saved.html _r=0
........................................................................................
مـلاحظـة : نشرت وكالة رويترز في نفس اليوم تقريراً صحفياً كتبه مراسلها من
أنقرة جوني هـوغ عـن علاقة تركيا المثيرة للشكوك مع تنظيم الدولة الإسلامية
وتأثير ذلك على العلاقات التركية ـــــ الأمريكية قال فيه ، ضمن أمور أخرى
عديدة ، أن الولايات المتحدة تعتقد أن تركيا تقدم دعماً معنوياً خفياً على
الأقل للتنظيم .
وأن موقف الحكومة التركية على الساحة الداخلية يحظى بصورة عامة بقبول حسن لعدم وجود رغبة تذكر لدى الأتراك في الدخول في مغامرات خارجية وسط الركود الاقتصادي الراهن ، وفي ظل الضغوط المختلفة الناجمة عن استضافة نصف أعداد اللاجئين السوريين إجمالاً ولكن الصورة تبدو مختلفة على الصعيد الخارجي حيث نقل هـوغ عن أحد الخبراء الأمريكيين قوله " ربما يكون الاتراك خبراء بارعين في مجال السياسة الداخلية لكنهم ينتمون إلى مجموعة المبتدئين في مجال السياسة الخارجية وخاصة في وقت يُهدد فيه تنظيم الدولة الاسلامية بزعزعة استقرار المنطقة ".
ونقل هـوغ أيضاً عن دبلوماسي أمريكي قوله إن إصرار
تركيا على مطالبتها بالإطاحة بالحكومة السورية واقامة منطقة آمنة أدى إلى إرباك
الشركاء واثارة غضبهم رغم أنهم يتفقون مع هـذه الأفكار من حيث المبدأ لكن لا
يعتبرونها من الأولويات . وأختتم هـوغ تقريره بقوله أن عدم قيام تركيا بموائمة
مواقفها بدرجة أكبر مع الرأي العام العالمي سيؤدي الى زيادة في عزلتها وجعل أهدافها
بعيدة المنال . وكالة رويترز. الجمعـة 24-10-2014 .
الرابـــط |
http://www.reuters.com/article/2014/10/23/us-mideast-crisis-turkey-idUSKCN0IC1Z520141023
https://www.facebook.com/you.write.syrianewss