النار التي تجتاح سورية حالياً بركان مشتعل، فالعالم أصبح عاجزاً عن إخماده، بسبب إنتشار الفوضى والميليشيات المسلحة في معظم أنحاء سورية مقتطعة مساحات شاسعة من الأرض ومنفذة عدداً متزايداً من الإغتيالات والهجمات، فالذي حدث في سورية وأدى إلى إندلاع الصراعات المسلحة يمكن وصفه بمخطط "الربيع الأمريكي العبري"الذي أشرف عليه الأمريكيون وهو يهدف في الأساس الأول إلى إعادة سورية للعصور الوسطى، إضافة إلى الحفاظ على أمن إسرئيل وبقائها في المنطقة.
اليوم إستحوذت دولة الدواعش في العراق وسورية على
اهتمامات دول الإقليم والمجتمع الدولي بإعتبارها تشكل خطراً حقيقياً على دول
المنطقه وتهدد السلم والأمن الدوليين، ليس ذلك فحسب بل ان دول المنطقه الغنية
والمتخمة بالغنى ستقوم بتسديد تكاليف الفاتورة كاملة، علما ان من قام بتمويل وتأسيس
الجماعات الإرهابية في مختلف مناطق العالم هي نفس الدول التي تقوم بضربهم الآن.
في هذه المعمعة يتشكل الدور التركي مرة أخرى ليعيد تأثيره على مجريات الأحداث , لكن
على نطاق أضيق مما كان عليه في بداية ما سمي بثورات الربيع العربي، بعد إنحسار
تأثيرها في سورية وما ساعد على بروز الدور التركي من جديد هي تحركات داعش الميدانية
في سورية والعراق, خاصة تعرضها لإقليم كوردستان العراق ثم محاولاتها المستمرة
للسيطرة على مناطق كوردستان سورية، وبالتالي فإن عزم تركية في إقامة منطقة عازلة
على طول حدودها مع العراق وسورية عقب سيطرة داعش على مدينة الموصل العراقية,
وتحرشها بإقليم كوردستان العراق, كانت تمهيداً لتحركات مرتبة سلفاً مع تنظيم داعش
لبدء قتالها الحالي مع الفصائل الكردية في سورية ومحاولتها السيطرة على مناطق كردية
محاذية لحدود تركيا الجنوبية
بالإضافة الى أن هناك خوف تركي أيضاً من نشوء
دولة كردية كبرى تشمل أكراد العراق وسورية، خصوصاً بعد ان حصل أكراد العراق على حكم
ذاتي ذي صلاحيات كبرى، وهذا سيؤثر بالتأكيد على أكراد تركيا الذين خاضوا حروباً
كثيرة مع تركيا للحصول على حقوقهم، لذا فإنه من صالح تركيا تدمير هذا الحلم الكردي
عن طريق "داعش" التي هاجمت أكراد العراق بالأمس وها هي تهاجم أكراد سورية اليوم،
ومن هنا يمكن القول إن تركيا تلعب دور الوسيط بين داعش والعناصر الإرهابية القادمة
من دول مختلفة لدخول العراق وسورية عبر أراضيها وبين الولايات المتحدة الأمريكية من
جهة أخرى، وهو ما يضع علامة إستفهام حول موقف تركيا المعارض للإنضمام لقوات التحالف
فى حربها على الإرهاب، وحسب تقارير إستخباراتية أمريكية أكدت أن أكثر من ألف مقاتل
ينضم إلى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" شهرياً مما يطول أمد الحرب التى تخوضها
قوات التحالف ضد مواقع المتطرفين فى العراق وسورية.
لم يعد خافياً على أحد أن هناك تعاون بين الإرهابيين والكيان الصهيوني في مناطق
الجولان، والحدود الأردنية السورية، وهذا مؤشر على أن إسرائيل ليست خارج مخطط يضم
دول غربية وعربية بقيادة أمريكية لإسقاط دول المقاومة والقوى المقاومة، لأن نهج
المقاومة وثقافة المقاومة، كل ما بقي من القوة العربية والإسلامية ، في مواجهة
المشاريع الصهيونية، وبالتالي لو كانت أمريكا، جادة بمحاربة داعش، هل كانت الطريق
التي يقدر طولها بمئات الكيلو مترات سالكة وآمنة لمرور مئات الصهاريج يوميا لنقل
مالا يقل عن ستين ألفاً من براميل النفط، من آبار النفط في كل من سورية والعراق إلى
تركية، وهل كانت تركيا لتجرؤ على فتح حدودها للنفط المسروق أو للسماح بدخول
المسلحين إلى سورية والعراق مع إمداداتهم العسكرية ؟ أليس ذلك يعني أن الولايات
المتحدة باتجاه دعم هذا الإرهاب، عبر إسرائيل وحلفاؤها لتدمير الدولة السورية،
والمنطقة في خدمة إسرائيل؟
وعليه… إذا كان الأميركيون جادّين في نوايا الحلّ السلمي في سورية او بتحريك عجلته
فإنّ هذا يتطلب بالموازاة حسماً سريعاً لكوباني وتتضح بالتالي معالم النوايا
الأميركية في جولة تفاوض جديدة مثمرة لا يتجدّد من خلالها جنيف 1 او جنيف 2، ويصبح
التفاوض واقعاً على الحلفاء والدول الجارة لسورية، وأولها الحكومة التركية الحالية
التي لا يبدو أنها تستطيع الصمود أكثر أمام أيّ خطر قد تشكله كوباني وأمام أيّ
إنزلاق لتركيا فيها، وهي لا تريد كما يتضح إشراك الجيش التركي بأيّ عملية عسكرية
حقيقية حتى الساعة لما في ذلك من تأثير مباشر على موقف الرأي العام التركي، من
الحكومة الحالية وإنتقادها أو معارضتها، خصوصاً بعد هزيمة الإخوان المسلمين في
تونس، حيث المعارضة التركية بالمرصاد لإقتناصها كفرصة مناسبة.
أعرف أن هموماً كثيرة كهذه مقلقة ومخيفة لنا، وأن التوجس مما يجري في سورية هو في
مكانه الصحيح، ما يعني أهمية مراقبة الموقف والتطورات، والتحسب لتداعياته وتمدده،
فأمن سورية من أمن دول المنطقة، وما يجري الآن لا يمثِّل خطراً على وحدة سورية
واستقرارها وأمنها فحسب، وإنما يشكل خطراً على الوضع في جميع دول المنطقة، وقد يكون
هذا ما تريده أمريكا ومن يدور في فلك مؤامراتها.
وأختم بالقول أن أمريكا هى من صنعت "داعش" لضرب استقرار الوطن العربى، والإستيلاء
على مقدرات شعوب المنطقة، فضلاً عن أنها اتخذت "داعش " كفزاعة لدول مجلس التعاون
الخليجي لإجبارها على دعم الإقتصاد الأمريكي، والهدف من ضربات التحالف الدولى فى كل
من سورية والعراق هو إسقاط نظام بشار الأسد، وبإختصار شديد أن المستفيد الأول من
تلك الحرب هو المجمع الصناعي العسكري الأمريكي طالما أن الحرب ستطول وطلبات الأسلحة
ستستمر وأموال النفط والغاز ستستنزف في شراء الأسلحة.
https://www.facebook.com/you.write.syrianews