اليوم تتبدل المعطيات وتتغير من حولنا، فيما لا يزال المعلم متشبثاً بدوره يجاهد ليبني جيلاً بات على دراية بأمور التواصل وفتح أبواب المعرفة قبل غيره، ولأن العلم هويتنا وأفقنا، دأبنا على الإحتفاء في 19 أذار من كل سنة بصانع الأجيال ومربي رجال المستقبل ومخرجهم من ظلام الجهل إلى نور العقل والعلم ألا وهو المعلم...
حيث يقف الجميع إجلالاً وإحتراماً للإنسان الذي
أفنى شبابه من أجل أن يبني أجيالاً نافعة صالحة لخدمة بلده، فالمعلمون قادة تحولات
وصناع جيل قادم، هذا ما يمكن أن نستخلصه ببساطة من تراكم أدبيات، تجعل من المعلم
مصلحاً بمقام الرسل إستنادا لدلالة قول النبي "إنما بعثت معلم" أي مصلحاً ومنوراً
وصانعاً على جميع الصعد.
ينير المعلم بنور قلبه وعقله طرقات الأجيال لتتعلم وتبني لنا وطناً يتسلح بالعلم
والإيمان وليكون رابطة وصل بين الماضي العريق بحضاراته العريقة وبين الحاضر الجديد
الممتلئ بتفاؤل الحياة لبناء سورية الحديثة، إذ تشهد ساعات الدوام الأولى في مدارس
العاصمة السورية دمشق إحتفالات تنظمها الأوساط التربوية بمناسبة عيد المعلم السوري،
وتقدم الهدايا التقديرية من قبل الطلاب وإدارات المدارس للمعلمين والأستاذة
المتميزين، وتلقى الكلمات التي تثمن دور المعلم بوصفه مربياً فاضلاً يفني عمره في
دفع عجلة التقدم والتنمية في سورية.
إذن هذا الرمز التربوي الشامخ بشموخ جبال سورية نحمل إليه وفاء المؤسسة التي ينتمي
إليها "وزارة التربية" البيت الكبير الذي يسع أحلام وطموحات جميع معلمي سورية،
ومعهم تسعى هذه الوزارة أن تبقى تواصل المحبة والتعاون فيما بينهما من أجل السعي
الجدي لتحسين الواقع التعليمي وتطويره، وهذا ما تحمله الوزارة في طموح كبير يسكن
السيد الوزير ويحفزنا الى مزيد من العمل في جعل المسيرة التربوية في سورية مسيرة
بناء وتحضر ورقي.
في سياق متصل قطعت وزارة التربية السورية شوطاً كبيراً في مجال التعليم من خلال
تحقيق مبدأ ديمقراطيته وربطه بالتنمية الشاملة، ووضعه في متناول الجميع، كونه حقاً
تكفله الدولة لأبنائها وذلك بتطبيق إلزاميته، وإنطلاقاً من ذلك فقد عملت سورية على
إصدار معاييرها الوطنية لبناء المناهج المطبقة على التعليم ما قبل الجامعي ومواكبة
التطورات العلمية والتربوية وتعميق تأهيل المعلمين والمدرسين، فضلاً عن الجهود
المبذولة لوضع منهاج تربوي قادر على إستيعاب الحداثة العلمية
لذلك نجحت سورية في تحقيق هوية المواطن
السوري العربية والإسلامية من خلال إعداد وتطوير المناهج التربوية التعليمية التي
حرصت على إختيار أمثلة متنوعة تتلاءم والمراحل العمرية للفرد، كما حرصت على ترسيخ
البعد القومي في نفوس أبناءها الطلاب وهنا يمكنني القول بأن سورية كانت السباقة في
كل ما يخدم العمل العربي المشترك من أجل الوصول الى مجتمع مزدهر ومتقدم يستطيع
الإنسان من خلاله تحقيق طموحاته وتسليحه بالعلم والمعرفة.
اليوم ينبغي ان لا نتغاضى عن الرقم الصعب الذي يشكله التعليم في مسيرة الإصلاح
المنشودة، فمن خلال التعليم الناجح يمكن القضاء على التطرف ونبذ ثقافة التعصب، ذلك
لأن المعلم هو الوسيط الأهم بين المنهج والطالب إذ يستطيع ان يزرع قيم المحبة
والتسامح في نفوس طلابه، إضافة الى كون هؤلاء الطلبة هم شباب الدولة بحكم أعمارهم،
هم القادمون الى مسرح الحياة، بهم ومن خلالهم تتشكل صورة المستقبل ونوع ومزاج
الحياة التي ستكون
فاليوم نحن مطالبون جميعا بتعويض الزمن الذي
فات خاصة على صعيد التعليم لأنه ميدان صناعة التحولات الكبرى في حياة الشعوب،
بالتعليم تتجاوز الأمم نكساتها وبه تسمو على واقعها المأزوم، هذا ما أكده وزير
التربية هزوان الوز في المؤتمر الإقليمي للدول العربية، حول التربية ما بعد 2015،
المنعقد في شرم الشيخ بمصر والذي طالب الأنظمة التعليمية في العالم، وليس المنطقة
العربية فقط بمراجعة سياستها التعليمية وتنقيتها من غرس بذور الكراهية والحقد.
إن سورية ستبقى على الدوام صامدة بفضل محبة والتفاف الشباب حولها، فالطلاب أكّدوا
للعالم أجمع على أنهم سوريون بإنتمائهم وقيمهم، ومن هنا فكل ما يجري في سورية من
تدمير وتخريب لمدارسنا ولمعالمنا الثقافية هو مخططاً رهيباً وحاقداً لإزالة شواخص
سورية، يريدون من خلاله القضاء على حضارتنا وثقافتنا وإستبدال العلم بهمجية التخلف
والوفاء والمحبة بالبغض والكراهية، برغم ذلك يظل الأمل معلقاً على أعتاق شبابنا
وطلابنا الذي ما زال يجمعهم حب سورية، يتطلعون صوب المستقبل وهم يخططون له، هم الآن
يزرعون الأمل الجديد في نفوسهم، ويتحفزون لكي يكون لهم الدور الأكبر ليعملوا
وينتجوا، ويؤكدوا وجودهم، إنهم شباب يجري في عروقه حب سورية وكرامتها والدفاع عنها،
هذا هو الولاء الوطني وهذه هي محبة الأوطان التي يجب أن تسود، بإختصار شديد المعلم
هو سلاح الدولة لمواجهة الأفكار المنحرفة والجهل والتخلف ووسيلته للإرتقاء بالمجتمع
علمياً وخلقياً والمعلم هو المصنع الحقيقي لقادة المستقبل.
وفي الختام هذه تهنئة خالصة لزملائي المعلمين صناع شرف الكلمة والحرف، لهم أجمل
التبريكات والأماني وأن يديم فيهم قوة الصبر والإيمان ليتواصلوا مع مهنتهم العريقة
والنبيلة من أجل سورية التي تكن لهم الإحترام والتقدير، وليس مفاجئاً أن نرى لوحات
الشرف في جميع المحافظات مزينة بأسماء من قدموا أرواحهم بسخاء في سبيل الله والوطن،
اليوم الوطني لأحلامنا التربوية فيه نمنح الوزير باقة ورد ولمعلمي هذا الوطن الصامد
ملايين الباقات وسيل من أمطار العطر...!
نسأل الله العزيز القدير أن يمكننا من دحر الإرهاب وتحقيق الإنتصار وإعادة الأمن
والسلام الى جميع مدن سورية العزيزة، المجد لشهداء سورية...والخلود لشهداء الأسرة
التعليمية السورية.
https://www.facebook.com/you.write.syrianews