ذهبت إلى حديقةٍ خاليةٍ من النّاس.....و جلست وحدي أفكّر و أفكّر....أجمّع أفكاري المحطّمة و أركّبها كما يركبّ الطّفل الألعاب و الكلمات........تلفّت يميناً و يساراً أبحث عن نفسي التّائهة.........فوجدت نفوساً كثيرة تسير و تسير......لست وحدي..... بل معي كثيرٌ من النّاس.....
و هكذا أصبحت مهمّتي صعبة..... و بعد بحثٍ دام ساعات وجدت أنّ هذه الحديقة تحوي نوعين من النّفوس: النّفوس السعيدة المرحة و نفوس الأطفال البريئة.... لم أجد لنفس مكاناً في هذه الحديقة.... كنت منبوذة من قبل الجّميع.... فخرجت تائهةً.... أبحث عن حديقةٍ أخرى..... و بقيت أسير أياماً عديدة.....حتّى وصلت إلى منطقة منعزلة خالية..... مخيفة.... مظلمة...... فوجدت حديقة صغيرة تعصف فيها الرّياح العاتية..... و دخلت لأرتاح على مقعد من مقاعدها السوداويّة المخيفة..... فسمعت صوتاً يناديني باسمي..... نظرت إلى مصدر الصوت..... فوجدت نفسي تجلس على مقعدٍ بجانبي وحيدةً غارقةً في السّواد.....و أخيراً وجدتها.... حملتها معي لأعود إلى المنزل..... فحدّثتني عن الأيام و الأشهر الصّعبة و الطّويلة الّتي قضتها وهي تائهةً وحيدة......
و منذ ذلك اليوم و حتّى الآن..... كلّما ضاعت منّي نفسي..... أذهب إلى نفس المكان قاطعةً المسافات الطّويلة....و أجدها جالسةً وحيدةً على نفس المقعد..... و من وقتها علمت أنّ مكاني في تلك الحديقة.... الحديقة الّتي أطلقت عليها اسم حديقة نفسي المسكينة الوحيدة....و لذلك أصبحت أقضي معظم أوقاتي في هذا المكان...... أفكّر و أفكّر دون أن يزعجني أحد...
و في يوم من الأيام..... ذهبت إلى حديقتي-حديقة نفسي كما أسمّيها-.... فوجدتها قد تحوّلت إلى مكانٍ يضجّ بالحيويّة..... و أصبحت ممتلئة بالنّاس المسرورين المرحين..... فغادرت المكان و أنا واثقةٌ أنّه لا وجود لمن مثلي.... فأنا لست سوا........ اســــــــــــــــتثناء............