*حدث في مثل هذه الفترة من أحد الأعوام الماضية و خلال لحظة اغتسال روح بمطر يومٍ شتائيِّ عاصف أن أقرّت محكمة عقلي قراراً غير قابل للطعن يقضي بحكم مشاعري و قلبي بالسجن المؤبّد مع الأشغال الشّاقّة بتهمة القتل العمد للحبّ......
و حدث ما حدث و منذ تلك اللحظة بدأ قلبي بتنفيذ الحكم.. لم يكن وحيداً في سجن المشاعر المقيّدة و سمع في ذلك السجن العديد العديد من القصص المؤثّرة لقلوب أخرى حكمت بأحكام عديدة و متنوعة ..... و أصبح لديه أصدقاء كثر من القلوب المحطّمة، و استمرت حياة العذاب و فقدان الحرّيّة.
هذه سنوات و سنوات كان خلالها قلبي المسكين صامتاً و كأنّه لا يزال تحت تأثير الصدمة... صدمة الظلم الّذي أحاق به، وكان ينظر حوله بعينين متعبتين من إرهاق التفكير و ظلام الوحدة.... و بقيت أيامه تتكرر متشابهة لا يتغيّر فيها شيءٌ سوا إطلاق سراح بعض القلوب الأخرى أو التّعرّف على قلوبٍ محطّمةٍ جديدة حكم عليها حديثاً....
و كثيرةٌ كانت محاولات محامي العائلة المختص بمثل هذه المشاكل لإقناع قلبي بالدّفاع عنه و التّقليل من سنوات الحكم و يأتي الرّد دائماً بالرّفض و دون وجود أيّ سببٍ مقنع و لم يكن لذلك من تفسير إلّا الاستسلام و الاعتياد على النّمط الحاليّ من الحياة المقيّدة.....
*هكذا..... إلى أن جاء.....
جاء حاملاً معه مشاعل النّور و شموع الحرّيّة.... أتى ليغير تاريخ قلبي و يقلب موازيين حياتي ..... و يا لمفارقة القدر كان محامياً.... محامياً أتى ليدافع عن قلب أخته البريء المحكوم بالخيانة ظلماً و بهتاناً.....و كان قلب أخته صديقاً لقلبي جمعهما الظلام أياماً و أشهراً و سنين في السّجن......
نظر إلى عينيّ نظرةً لن أنساها ما حييت و قال: \"شكراً لك على كل ما قدمته من مساعدةٍ و دعمٍ لأختي و أعدك أنّي سأخرجك من هنا و أعوّضك عن كل ما فاتك من أيامٍ جميلة يستحقّها قلبك البريء\".حدث هذا في أول لقاءٍ لنا معاً..... آمنت به منذ اللحظة الأولى و عرفت أنّه قدري....و كالغريق الّذي يستجدي من ينقذه و يبحث عن قشّةٍ صغيرة تساعده ..... انتظرت أنا.... انتظرت وعداً أتاني من شخصٍ غريبٍ لا يجمعني به شيئاً سوى لقاءً يتيماً و قلباً ممزّقاً ،خرج فيما بعد من السجن، هو قلب أخته.....
*ترى هل يصدق وعداً؟؟؟..... سؤالٌ سألته نفسي لقلبي يوميّاً مراراً و تكراراً..... و انتظرت.... انتظرت.... و مرت سنة .... سنتان.... ثلاث ولم يأت بعد....و بدأت نفسي تفقد الأمل و تسرّب اليأس إلى قلبي أيضاً.... لكنّ عقلي أبى أن تكون الحريّة إلّا من خلال الوعد الّذي رأته عيناي بعينيه....
*الآن و بمرور خمس سنوات على الوعد.... بقي كل من قلبي و عقلي يبحثان عن الحرّيّة المنشودة.... ما زال البحث مستمرّاً.... و ما زال الانتظار قائماً.......