أنا عطف الله في أرضه و رحمته بين خلقه , من صدري يشعّ نور السماء ليغمر بدفئه الأبناء , تحت قدمي تجد الجنان و بين يدي سبيل المجد و في ابتسامتي سر الخلود , حملتك في بطني تسع شهور فاختلطت أضلاعك بأضلاعي و انصهرت عناصرك مع عناصري و عانقت روحك روحي فأنا أنت و أنت أنا , إلا أنني أحبك أكثر من محبتك لنفسك
أنا رمز المحبة و شعار السلام , من أجلي خلق العطاء و أمامي تبسط الأيدي و تفتح الأفواه , فأنا ملكة القلوب و شفاء الأرواح , و اسمي هو أجمل ما لفظته الشفاه و أروع ما سمعته الآذان , رعيتك صغيراً و حفظتك كبيراً و حاربت من أجلك الدهور و الأيام و حميتك حتى من نفسك , فأنا الملجأ الذي تأوي إليه و الكتف الذي تستند عليه , من ثديي شربت ماءك الأول و من يدي تذوقت طعامك الأول , أمام عيني بدأت الطفولة و تحت رعايتي بلغت الشباب و الرجولة , حياتي سخرتها في خدمة حياتك و سكبت عواطف قلبي كلها في أحشاءك , من أجل عينيك سهرت الليالي و حرصاً على مستقبلك قتلت أوقاتي .
أنا العذراء التي في حضنها تكلم يسوع و أنا التي من أجل حليب ثديها تذوق موسى طعم الجمر , أنا الخنساء راعية الشهداء و أمينة التي من رحمها خرج آخر الأنبياء , من أجلي اهتز عرش الرحمن و في حقي نزّلت أيات القرآن .
هل عرفتني أيها الإنسان ؟ , إنها أنا يا ولدي , أنا أمّك .