*زوربا مطعم ومقهى يقع في ساحة الميسات بدمشق ... كانت لي به ذكرى عطرة ...
في ساحةِ الميساتِ
ينتظرُ الصباحُ ضياءَهُ
فالصبحُ يبدأ من شفاهكِ عندما تتبسمينْ
في ساحةِ الميساتِ
أضواءُ المدينةِ تختفي
وكأن شمسَ الفجر خبأها الجبينْ
في ساحةِ الميساتِ
تنتظمُ العصافيرُ الصغيرةُ
فوق أعمدة الإنارةِ بانتظاركْ
والليل ينفضُ ثوبهُ
فترى النجومَ تساقطت
من فوق أهداب السماءِ
على جفون النائمينْ
في ساحة الميساتِ
تخرج من شقوق الأرض أزهارُ البنفسجْ
ويهطلُ مثل زخاتِ الشتاءِ الياسمينْ
في ساحة الميساتْ
مقهىً ينامُ على الرصيفِ
كأن من أحجاره تعبُ السنينْ
مقهى تطاردهُ عيونُ العاشقين
نرجيلة الشمّامِ مازالت به
والمقعدُ المشتاقُ
والشاي المعطرُ بالحنينْ
زوربا ...
وحكاية المقهى الحزينْ
زوربا ...
بناءٌ فيه ذاكرةٌ وإحساسٌ وأوجاعُ البكاءْ
فيه السماءُ تكومت
من ذا رأى في الأرضِ – من قبلُ - السماءْ
فيه الهوى يمتد جسراً بين أعصاب اليدينْ
فيه ابتداء الجرح لكن
فيه للجرح الدواءْ
جلَسَتْ هناك لساعة أو ساعتينْ
عينانِ سوداوانِ .... لا
عينانِ بنيّانِ ... لا
عينان من لون الخرافةِ
في الحقيقة لست أدرك أي لون يختبي في المقلتينْ
والوجه مرآه القمرْ
جلست تحدثني عن الحب المحاصر بالدموعِ
وبالقضاءِ وبالقدرْ
أوليست الأمطارُ أطفالً الغمامْ
هل يا ترى بعد الشتاء تعود حباتُ المطرْ
أوليس مكتوب على الحي الفراقْ
وعلى الغريب بأرضه
كُتبَ السفرْ
وتبسمتْ
وتدحرجت رغم التبسم
دمعةٌ من كل عينْ
وتناولت
من سكر الشاي المعطرِّ قطعتين
ورمت بفنجاني البقية ....
زوربا ...
يخبئ وجهها في سقفهِ
وجدارهِ
ونقوشِ أعمدة الرخامْ
زوربا
يخزنُ صوتها
في نكهةِ الخبزِ المحلى
ويضيفه
معَ رشة السُّمَّاءِ في طبق الطعامْ
فإذا أكلتُ
سمعتُ همس حبيبتي
وسمعت دندنة الكلامْ
زوربا ...
تلخصت الفصول به
فتظل أوراق الخريف اليابسات
مدار عامْ
وكأن أيارَ الذي جئنا به
خلع الربيع ولم يزل
في الحيّ منتظراً هواها كالغريبْ
أو شمسُه أوصته أن يُبقي الخريفَ ببابه
قبل المغيبْ
زوربا يشاركني بها
فأراه يسألني بحرقة عاشقٍ
وكأننا لما تقاسمنا هوانا
كان للمقهى نصيبْ ...
زوربا ...
القلب يسكنه الحنين
فأعودُ مشتاقاً إليكْ
أنفاسُها في كل زاوية لديكْ
والنارُ في نرجيلة الشمام ما انطفأتْ
والمقعد المشتاق تحضنه الدموعْ
وأنا وأزهارُ البنفسجِ والعصافيرُ الصغيرة
مثلُ مقهانا الحزين
في ساحة الميساتِ ننتظرُ الرجوعْ ....