news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
وتستمر الحياة... بقلم : وعد أبو علوان

وحيدة عادت تغني وترقص لحلمها اليابس ،فهل تتيبس الأحلام؟

وهل تتحول زهرة الأقحوان إلى صباره متمردة تتباهى بثوبها ألشوكي ؟!

وهل يتحول وجه من نحب إلى نجمة رمادية  شاحبة وشاحها الصوفي تملك منه العفن هو أهداها إياه ذات شتاء


على الرصيف الحجري ، لكن الآن لونه الأبيض انغرست فيه نقاط خضراء كبيرة وصغيرة .

فهل تتعفن الأحلام أيضا وتنصهر تحت الخطوات المسافرة ؟

عادت تفتح التلفزيون. مع أنها ليست من هواة متابعة الأخبار، ولكن يجب أن نعرف ماذا يجري من حولنا من مستجدات وهذه إحدى عبارات حبيبها.

المضحك نفس الأخبار، ونفس الأفكار، والحروب تكثر، أصبحت كل يوم تولد حرب، تتكاثر مثل الإنسان مثل الطيور مثل كل شيء.

فهل الجمادات أصبحت مثل الأحياء ؟

كثيرا في هذا الزمن ما تتحول الجمادات إلى أشياء حية ، نكلمها ، نبكي لأجلها  ونضحك لأجلها .

والأشياء الحية تعتزل الألوان وترتدي الصمت.

وجه حبيبها أصبح جمادا   تحول إلى لا شيء، لبس اللون الرمادي دائما"معطفه أصبح رماديا"، ولهجته رمادية، كلماته وغناؤه وحزنه وفرحه كل شيء فيه رمادي.

أصبحنا في أزمنة  المعجزات، في الزمن الرمادي، وفي زمن ولادة الحروب.وفي زمن أحلام الطفولة مشوهة مبتورة، ضائعة على الشوارع السوداء وفي زمن لا يوأد فيه سوى الحب والصدق والأماني

انطفأت كل الأمنيات ،احترقت كالشموع،نزفت مثل حمامة جريحة تلهث، تلتقط بقايا أنفاسها وهي سجينة بين الجدران.

عادت تقرأ دفاتر الأمس القريب وتبحث عن وجه حبيبها بلا أصباغ، بلا قمصان مخملية متلونة، وبلا حقائب مغلقة، وأوراق مغلقة، وأحلام مغلقة.

حبيبها أصبح شجرة حور بعيدة عن الأرض وما زالت تعلو وتعلو......

وهي ما تزال تراقبه تصغر وتصغر.......

قال لها في آخر لقاء :لا تكتبي كثيرا" فتتعب أصابعك ،ويصيبها اليباس .

لكن الأصابع همست لنفسها تخضر وتتبرعم وتزهر عندما تكتب أحلام الطفولة ،وأغنيات العصافير ،ووجه القمر.

وقال لها لا تلوثي أناملك الشفافة، كثيرا" بالحبر المتمرد.

لكن الحبر هو يحولنا إلى قلوب شفافة، تدق بصدق وترقص على أنغام الحقيقة .

وقال لها حبيبها لا تقرئي كثيرا" فتتعب عيناك، ويصاب دماغك بالشلل التدريجي.

ولكن القراءة يا حبيبي الأنيق تجعل عيوننا تلمع كالقناديل تضيء العتمة،عتم الروح،وعتم القلب،وعتم الأمس،تجعلنا نسافر للمروج الخضراء ، فنرتشف النسائم البحرية والجبلية ، ونرقص مع النوارس العاشقة ونغني مع الدوري وأبو الحن وندور مع الفراشات الهادئة ،نحضن الشمس ولا نحترق ندفئ أعماقنا المتعبة ، نرمم أوجاع الروح، نرمم أحلام الأمس المؤودة ،وأحلام الغد البعيدة.

أصبح كثير الملاحظات حبيبي...... أخبرت صديقاتها.

قلن لها تأنقي له، تعطري تبرجي، تدللي، فيزداد تعلقا" بك

لكنها احتجت، صرخت بهذه القشور سأكسبه ففي هذا الزمن أصبحت المظاهر كل شيء، لكنها لن تتخلى عن القراءة فهي تتشارك مع الكتاب بالأنفاس والدموع والحيرة، تحضن النقاط وترقص مع الحروف والفواصل تصنع عالمها المشجر، المزهر، المعطر.

الكتاب تقول دائما" هو الحياة الثانية التي أعيشها، أتنفس من بين الصفحات الهواء النظيف الطاهر.

لكن ماذا ستفعل حبيبها لا يحب السرد الطويل والعبارات التي يصنعها الكاتب، ويحب الإيجاز في كل شيء حتى المشاعر.

قرأت له مرة عندما كان لديه وقت فراغ ليسمعها : فردت الأميرة الشقراء ضفائرها على نافذتي الصغيرة ، وأزهر الأقحوان على الشباك الحديدية عندما التقيتك .

وابتسم أمير الليل لزرقة الموج ولمحارة حائرة مسافرة وحيدة على شاطئ الزمن تعد الخطوات التائهة تعد أنفاس العشاق وضحكات الأطفال وجدائل الصبايا عندما التقيتك.

ابتسم ابتسامته الرمادية وهو ما زال ينفث دخان سيجارته قولي أشرقت الشمس ،وأضاء القمر السماء وانتهى الأمر.

كم يكرر حبيبها كلمة انتهى الأمر. بكل بساطة كل الأمور تنتهي بإشارة منه.

هي تحب أن تسافر إلى البحر تصنع زورقا" من ورق ازرق تهديه لأكف الموج الماسية تحمله حلما" جديدا"، تصنع قلعة رملية وترسم زهرة نرجس.

فهي تحب المشي تحت المطر، المطر يبعثر شعرها، جسدها، يسرق شالها يبعثر أفكارها، يسافر بها لموطن شفاف كروحها.

لكنه دائما" يعتذر لا وقت لدي الآن.

وهي تنتظر منذ ذلك الحين أن يصبح لديه وقت.

وتعود لتخط على جدران الزمن خربشتها الطفولية ،فهي تحب أن ترسم جبلا" من خلفه تبتسم شمس الحلم الجديدة ،ونهر يرقص ويركض بين أشجار السرو والسنديان

لكن ألوانها أصبحت باهتة، والنهر صامت، متجمد والشمس ابتسامتها صفراء ذابلة.

حبيبها لا يحب الرسم ولا يحب سوى اللوحات التي تنسج مزاجا ته وطموحاته، فحبيبها أصبح رجل من هذا الزمن، ولم يعد العاشق لهمسة الليل عند نافذتها وهي تبتسم من خلف الستارة الشفافة.

أصبح الليل لديه سهرا" بين فتيات أنيقات، لا يعشقن الكتب والقراءة، فتيات يناسبن رجلا" من هذا الزمن.

حبيبها أصبح يهوى المباني العالية، والكراسي العالية، والأيدي العالية.

ولم يعد  يحب الريف والمنزل الصغير الراقص على التلة الخضراء .

ولكن عندما تمطر يوماً دنياه وتذوب الأصباغ من حوله، ستتبرعم الزهور مجددا" في دروبه الحجرية.

وهي ستبقى تقرأ وتكتب وترسم وتحلم وان لم يرجع هو كما كان ستستمر الحياة

2011-01-14
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد