كبرنا على رائحة الخبز الطازج مع الزيت والزعتر وكوب الشاي الدافئ في صباح شتوي بارد قبل ان نطرد النعاس من أعيننا الرافضة للاستيقاظ
كبرنا على لعبة الضيوف مع بنات الجيران والفناجين البلاستيكية الملونة التي نملؤها أحلاما وحكايات
كبرنا على مسح السبورة وكتابة التاريخ والحكمة اليومية و آنسة أنا
كبرنا على ترديد (ماما يا انغاما) وتغليف الكتب وتزيين الدفاتر بالأزهار وتسطير صفحة الدرس وتأخير الواجب المدرسي
كبرنا على عقاب المساطر والرعب من المديرة والتفنن بابتكار اسباب الغياب
كبرنا على أغنيات الطفولة البريئة و(غسل وشك يا قمر وحمار جدي الذي لا يملك سيارة
كبرنا على جرح الزمان _ سالي _ وعنزة اليتيمة هايدي وترقب مصير (عائلة فلونة) وانتظار احداث _جزيرة الكنز_
كبرنا على تفسير دوائر الفنجان وتصديق ابراج الصباح والبحث عن اسم الحبيب في بصمة الاصبع
كبرنا على النقش على دفاتر الذكريات ورسم القلوب الحمراء و(اذكريني..فالذكرى ناقوس يدق في عالم النسيان)
كبرنا على اخفاء روايات الحب ودواوين نزار قباني وقراءة قصص العشق
كبرنا على الثقة بالورد وتصديق وريقاته عندما نسألها(يحبني/لايحبني )
كبرنا على حفظ كلمات أغنية (Hello!)و (Endless love)والتباهي بترديدها على مسامع مدرس اللغة الانكليزية الشاب الخجول
كبرنا على صوت مطرب يتردد من بيت الجيران ( ياريت بترضي حبيبة قلبي تكوني ) ليتردد بعده صوت آخر من بيتنا ( ماحدا بعبي مطرحك بقلبي)
كبرنا على زراعة الوعود في رسائل الاحلام:سأحبك للابد..وسأذكرك للابد..والمخلص لك للابد
كبرنا على قيمنا الجميلة والحرص على الاحتفاظ بالبطاقات والرسائل والهدايا والورد المجفف بين صفحات الكتب
كبرنا على ابتسامة خجلى نداريها ونحن نسمع كلمات الاعجاب عند عودتنا من الجامعة في اول يوم من حياتنا الجامعية محتضنين المريول الابيض بفخر كأنه وسام بطولة نحمله
كبرنا على السير عكس التيار والوقوف في وجه كل غربي و ( قومية عربية ) و( الوطن العربي الواحد)
كبرنا على الكثير في زمن اختلفت فيه التفاصيل..واليوميات..وبراءة الاطفال..والحب ..والقيم..ومفاهيم القومية والوطن
ليتنا نجمل هذا الزمان ببعض التفاصيل الصغيرة ليحمل ابناؤنا بعض ذكريات جميلة معهم لزمان آخر