وضع البطلُ خِنجرهُ الذي ظلّ لعدةِ أيامٍ يصقلهُ على خصرهِ ليخرج من منزل والده في مَهمةٍ فدائيةٍ باركتها العائلةُ الكريمةُ فرداً فرداً .
فهاهي الجدةُ العجوز تُقبِّلُ رأس حفيدها الشاب هامسةً في أذنهِ (الله يرضى عليك ترى شرفنا بإيدك )وهاهو الأبُ الرؤوفُ يشدُّ على يد ولدهِ وقد اغرورقت عيناهُ بالدموع قائلاً (حطيت أملي وأمل العيلة كلو فيك يالله يا سبع .. الله يكون معك )
مضى الشِّبلُ المغوار لتنفيذ مهمته الجليلة مشحوناً بكل معاني الرجولة والبطولة و.....الاستبسال ....!! وما هي إلا أيامٌ من البحثِ والتحري والتخفي حتى وصلَ بذكائهِ الموروثِ أباً عن جدْ..!إلى طرف الخيط وإلى المكان الذي ستشهد جدرانهُ الصماء معركة الرجولة والشرف ...نعم لقد استدلّ بمساعدة بعض ( الشرفاءِ!!)من أبناء قريته القاطنين في المدينة عن مكان الطريدة التي جندت العائلةُ خيرة شبابها (لاصطيادها )..وبطريقةٍِ مبتكرةٍ استوحاها بطلنا من أفلام (الأكشن )الأمريكية التي تربى عليها فتياننا وتقمصوها ببراعة .
.رسم خطتهُ بإحكامٍ ليستفردَ بالفريسة كي لا يسمح لأحدٍ أن يُنقذها من (أجلها المحتوم )ركلَ البابَ برجله ودخل ......صبيةٌ مثل زهرةِ ربيع متفتحةٍ للتو.. تحضِّرُ الطعامَ لزوجٍ يعملُ ليلَ نهار ليؤمِّن لها ولمولودهما القادمُ بعد أيامٍ ما يسدُّ الرمق ويُغني عن السؤال حيثُ هربا من حُكم العشيرة الغاشم ومن وقوفِ أولاد العمومة في وجهِ كلِّ غريب فإما أن تتزوج من أحدهم أو تقضي عمرها تحت حكم الإخوة الجائر دون زواج ..هربا معا وتزوجا على سنة الله ورسوله ..عاشا معاً تحت خطَّ الفقر والجوعِ والحرمان ...بعيدا عن القهر والطغيان .لكن يبدو أنّ السعادة لا تليقُ بالفقراء ...............
- وأخيراً وجدتك يا فاجرة مّرغتي راسنا بالتراب وشوهتي سمعتنا للأبد ...تشاهدي على روحك ....واستلّ خنجرهُ بسرعة البرق قبلَ أن تنطقَ شقيقتهُ التي استظلّ وإياها تحت سقف بيتٍ واحد واقتسما معا براءة الطفولة وبعضا من شقاوة الشباب ...ببنت شفه ...ثم سدّدَ رميتهُ (المباركة !!!)إلى حيثُ قلبها الصغير البريء ..كلمةٌ واحدةٌ قالتها وفارقتِ الحياة (آآآآخ ياااا أخي ) ؟؟!!!!!!!!!!
إخوتي هل تسائل أحدنا يوما عن قاتل هذه الصبية وغيرها ...أما أنا فأسألُ نفسي هذا السؤال في كلّ مرةٍ أقرأ أو أسمع فيها عن جريمة شرفٍ هنا أو هناك ترى من القاتل .....جهلٌ مطبقٌ بالدين والعلم والعقل أم جاهليةٌ صماء عادت إلينا معاشر الأعراب أشدُّ قسوةً ووحشيةً من وأدِ البنات ..... قد يقولُ قائلٌ أن الفتاةَ إذا عابت تُقتل لأنها بذلك تُسببُ العار لعائلتها وللعشيرة فأقول ألا سحقاً لعائلةٍ لم تعرف كيف تربي صغيرةً على حسن الخلق ....
بالعطف والحنان بالرحمة والإحسان ألا سحقا لعشيرةٍ اختزلت شرفها وكرامتها وعزتها ....بفتاة....دفعها جورُ ذويها للهرب ...من خيارين لا ثالث لهما الموتُ قهرا أو الموتُ قتلا ... فالأخُ الذي تُدخلهُ الشقيقةُ الجنة إن وصلها أدخلتهُ النار لأنه قتلها ...صحيحٌ أن الشرفَ من أغلى ما يملكهُ الإنسان لكنّ هذا الشرف يُحمى بطريقة(عفوا تعفُّ نساءكم )لا أن يرتكب الرجالُ من المعاصي والكبائر وهتك الأعراض ورمي المحصنات ما تقشعرُّ له الأبدان ثمّ يستبسلون إن زلت فتياتهم أو تمردت على عاداتٍ اخترعوها فكبلتهم ....فيغسلون العار بالدم بينما لا يغسلُ عارهم إلا نار جهنم وبئس المصير ...
.كم تأثرتُ وذابَ قلبي حسرةً على ما فرطنا من خُلقِ نبيِّنا الكريم بموقفٍ نبويٍّ شريفٍ قرأتهُ للتو.. حيثُ أنّ فتاةً شكت للرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام بقولها (إن أبي زوّجني من ابن أخيه ؛ ليرفع بي خسيسته، وأنا كارهة . فدعا رسول الله أباها، وجعل الأمر إليها ، فقالت : يا رسول الله قد أجـزت ما صنع أبي ؛ ولكن أردت أن تعلم النساء أنْ ليس للآباء من الأمر شيء.(. ومواقف أخرى كثيرة تدلُّ على حسن خلقُ الرسول الكريم وحسن صحبتهِ لأهل بيته حيثُ قال (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )صلوات الله وسلامه عليك يا رسول الله والله لو أن رجال أمتنا تمسكوا ببعض رحمتك بأهل بيتك وحنوك عليهنّ وحسنَ تربيتهنّ على ما أمر الخالقُ ونهيهن عما نهى لما زلت امرأةٌ من نسائنا قط
- أيها الكرام اعلموا أن الأنثى هبةً منَّ الخالقُ بها على أحدكم فإن أحسن تربيتها زادتهُ شرفاً في الدنيا وأعلت مرتبتهُ في الآخرة وإن أساء ...فليتحمل ما اقترفت يداه .....