سُئِلتُ يَوماً عن صفةٍ تُحبها في الناس فأجبتُ العقل ذلك المخلوقُ الغَريبُ الذي فُضلنَا به عن سائر ِ الخلق . المتصف بالقضاء فهو قاضي أنفُسِنا ومِيزانُها .
منه يولدُ الجمال واليه ينتهي.منه تُزرعُ بُذورُ الأمل ِ لمستقبل ٍ جديد و به تصفى أروحُنا .فهوَ ربُّ الجسد . ورَحيقُ زَهر ِ النفوس . يَعملُ لنرتقي لنعرِفَ سببَ وُجودِنا .لأنَّ لكُل ِ وُجود ٍ علَّة .
وتسألُ نَفسَك حِيناً من أنا .. ولماذا خُلقتُ هنا ...وماذا بعدَ الموت ..
ربُما هي أسئلة ٌ اعتادَ من يَستعملهُ أنّ يُفكرَ بها ..فهوَ المِفتاحُ ولكلِّ مُجتهدٍ نَصيب ..
تَنظرُ حَولكَ في دَهشَةِ العارفِ بأسرارِ الأمور .المَحكوم بلعنةِ الجنون . من أنُاس ٍ تَعيشُ كي تَموت فترى النائمَ إلى غُروبِ الشمس ..والساهرَ إلى مَشرِقها .. وتَرَى المُتَعفّن على كَراسي الانتظار ...والباحث َعن الحقيقة ِ في مَكتبة الأديان ولم يعلم أنها أمَامه ُأقرَبُ من ظِله .
وتَمضي في مَسير ِ دَهشتكَ فترى السَّاعي إلى قَلب ِ تُرابِ الأرض ِ مالا ً .. والغارق ِ في استيرادِ أدواتِ صُنعِ الحرية والديمقراطية متناسيا ً أنه خُلِقَ حُرا ً قبل اختراع ِ هذه الفتن .
وتسَألُ عَقلكَ في لحظة ٍ تتجردُ فيها عن مُحِيطك .تَسلَخُ جِلدَكَ المهترىء من سِياط الناس
..وتُفكرُ بعُمق ٍ أكثر ...
إلى أينَ تَمضي أيُّها الجيلُ الواقعُ بينَ فَكيّ التَحضُر والمَدَنية المُستوردة َ من زِبالةِ الغرب ... ولا عَجبٌّ .. فثقافتكَ لا تَتَعدى حُدودَ صُندوقِ الدُّنيا المَوجود في مَنزِلك ..تتقلبُ في مَحطات ِ شَخصيتكَ كما تُقلِبُ مَحطات ِصُندُوقِكَ فتارة ً تَبكي على طفل ٍلم يُكمل رَبيعهُ الثاني وتارة ً تَضحكُ على سذاجةِ برنامج ٍأسبوعي اعتادَ أنّ يزوُرهُ أمثالُك هنا قًناةٌ جَديدةٌ للأغاني ..وهُناكَ سِياسِيونَ يبيعونَ أفكاراً زائِفة عن العدل ِوالمساواةِ .....
في زمن ِ انقلابِ المقاييس لم يَعد مُستغربا ً ما يجري فأِن استلمتَ مَنصبا ً مُهماً فأنتَ مَعتوه إن لم تُعبئ جيوبك أما النزاهة فقد أصبَحت عِبارةُ قَديمة تَم إتلافُها في مَزبَلة التاريخ.
وأما المَحَبة دينُ الله فقد صُلبت على خَشَبة ِالمصالح ِالشخصية ولو اختَرَعنا جِهَازا ً لكَشفِ ما يُضمنُ المَرء لكانت حُرُوبنا لا تنتهي ونحنُ نَختبئ وَرَاء وجوهِنا المُمتلِئة بتعابيرِ المحبةِ الزائفة .
تَنظرُ إلى الفقيرِ نَظرة إشفاق ٍ ممتَلئة ٍ بالرأفة شاكياً إياهُ القدر الذي كتبَ مُعَاناتهُ البائِسةَ وبيدين ِ مَفتُوحتين تَشكرُ الله على نِعمهِ عَليكَ وقد نَسيِتَ أو تَنَاسَيتَ أن الفقِرَ هو فِقرُ العقلِ وليس فقِرُ المال لكن مَقَاييسنا للأمُورِ قد عَلمَتنا كيفَ نُفتي مَشاكِلنا ونَعيشُ كيفما نَشَاء في ظل ِ وصَايانا العشرة .
كثيرة ٌ هي مقاييسنا الخَاطِئة التي نُترجمُ بها تَفَاصِيلَ حَياتِنا ولكننا عِندما نُؤمنُ بأنُفسِنَا وعُقولِنا سَنخرجُ من قَوَاقِعِ أجسَادِنا ونَطيرُ إلى عَوَالم ٍ من نُور وعندها سَنُدرِك مَعنى الوجود .
تعالَ كي نبني مَدينتًنا الفَاضِلة بِدعائِم من مَحَبة ٍوسَلام وهيا بنا نَهدِمُ مَعَابِد الجَهِل ونَكسِرُ أصنَامَ اليَأس ِ وننطلقُ لمجدِ أبنائِنا.
(ابدأ مِن نَفسِك أولا ً لأنك الإنسانُ الذي تَحلمُ به الإنسَانية. .....)