نتيجة للأحداث التي تمر بها سورية الحبيبة، يتطلب الواجب الوطني من كل فرد متابعة تطور الأمور وتحديد موقفه الصريح بعيداً عن الضبابية والغموض
فالأمر يرتبط بالوطن ومصيره، وكل كلمة أو موقف ستؤثر على مجريات الأحداث سلباً أو إيجاباً وسواءً أصدر الموقف عن كبير أو صغير، فأبناء الوطن أمام أمر يتعلق بمصير الوطن كله يؤثر وكله فاعل.
إن الظروف التي مرت بها سورية في الأيام الماضية كانت مصيرية بكل ما تعنيه الكلمة، وقد استطاع شعب سورية وقيادتها من محاصرة المؤامرة وسحق عناصرها مع ما رافق ذلك من شهداء وجرحى وتحطيم للممتلكات وتغطيات إعلامية مغرضة مليئة بالسموم، ونحمد الله على وجود قنوات وطنية قليلة العدد كبيرة الفعل والأثر ونتمنى أن يزداد عددها في القريب العاجل وأن تستطيع تأمين قوة إعلامية مؤثرة تزيد مناعة الوطن وصمود أبنائه، حيث أن الإعلام من أهم أسلحة المعارك والصراعات في عصرنا هذا.
ومن خلال متابعة القنوات الفضائية المتواصل حيث كانت البرامج تتضمن تلقي الرسائل والاتصالات أو المقابلات، من كافة الشرائح، والتي كان لها أثر كبير في النفوس، وطبعاً أكثر ما يشد الانتباه المواقف المتميزة إما بأشخاصها أو بكلماتها وطبعاً غياب شريحة أو تقصير شخصيات معتبرة يثير الانتباه، مثلما أن دخول شريحة بسيطة بمواقف غاية في الروعة لعمقها الوطني الصادق سيثير الانتباه والإعجاب.
ونتيجة لذلك لابد أن أعبر عن موقفي من شريحتين لما كان لهما من تأثير:
-الشريحة الأولى هي العمال السوريين الفقراء في شمال لبنان الذين عبرت مواقفهم على أنهم أبطال حقيقيون بموقفهم وجرأتهم وبتعبيرهم عن حب وطنهم وصونه بدمائهم وأرواحهم، فهم يعملون للحصول على لقمة العيش بعيدون عن أهلهم وأسرهم يعانون ويكابدون وقد عرضت عليهم الأموال المغرية منذ اللحظات الأولى لانطلاقة الأحداث للقيام بالتظاهر ضد رموز بلدهم لكن حسهم وشعورهم الوطني جعلهم يرفضون بإصرار عشرات الآلاف من الدولارات وثبتوا على حبهم لوطنهم رغم ما تعرضوا له من ضغط بعد رفضهم هذا.
-الشريحة الثانية هي شريحة لها الأثر البالغ في الناس لأن وجودها مرتبط بالجمهور وهي شريحة الفنانين، طبعاً لقد عبر البعض القليل سريعاً عن موقفه وقال كلمته، أما الأكثرية منهم تأخرت ولا يمكننا تفسير هذا التأخير بحسن نية أو تبريره بظروف أو انشغال، فالأمر يتعلق بوطن يا سادة، ما قصر معكم أبداً يا سادة، وبقائدٍ أزال عنكم الهم وأبعد عنكم الغم يوم غُلق سوق الفضائيات العربية في وجهكم، أم نسيتم يا سادة؟!!
وأنتم في وطنكم وبين أهلكم ومحبيكم، عجباً من بياناتكم فهي ضعيفة إلى حد لا يوصف وتبدو كأنها رفع عتب لا أكثر بل أتهمكم بأن فيها ضبابية وعدم تقدير للأحداث وضحاياها وفيها اتجاه للاصطياد في القادم أكثر مما فيها تعبير موضعكم لقد خذلتم جمهوركم، وكأني أقرأ بكم الارتباك والتشرذم.
إن موقفكم الضبابي الضعيف خذل أولئك الساهرين على وحدة الوطن وسلامته وإننا تضامناً مع شهداء الوطن وجرحاه ومدنه وقراه من أقصاه إلى أقصاه نعلن عن استيائنا من موقفكم وعن شعورنا بأنكم تقفون الحياد بانتظار المنتصر، وشعرنا بأنانيتكم وضيق أفقكم لأن الوضع تمت قراءته من قبل شعب سوريا منذ مساء الخميس يوم صدور رزمة الإصلاحات.
أخيراً، عرضت موقفين لشريحتين متباينتين وللقراء الحكم والفصل، مع خالص حبي وتقديري لمن كان له السبق في التعبير عن موقفه الصريح والواضح في بدء الأحداث بلا مواربة، ولمن عذره مقبول في مكنون نفسه قبل قبوله من الآخرين.
وتحياتنا الغالية إلى أولئك العمال الذين كانوا بموقفهم كباراً وكباراً، وهنا أعبر عن رأيي بالطلب من الحكومة القادمة أن تعمل على تأمين فرص العمل لمثل هؤلاء العمال لأنهم ساهموا بقدر كبير في دعم أمن واستقرار الوطن وقد تخلوا عن أموال كانت تعادل دخلهم لعشرات السنين، شكراً أيها العمال البسطاء وتحية مرة أخرى لشرفكم الذي نفخر به وبكم.