عاد نيسان.... لكني لا أشم فيه رائحة الزهور, وحتى اللون الأخضر لم يعد مبهجا, عاد نيسان على غير عادته كئيبا, هذه المرة غير كل المرات....
ففي نيسان هذا: وطني مجروح, وثمة آخرين يفكرون بغير عمل, وآخرين يعملون بغير فكر.... هؤلاء هم من يخربون وطني.... بقصد أم بغير قصد...
هذا هو حال نيسان ووطني, فما بالك لو اجتمع نيسان هذا ووطني النازف مع مرارة الغربة....
يصبح الربيع فاقدا لهويته...
فأستسلم لهذه المشاعر والهواجس..وأشعر بالاحباط..
ثم اذكي في نفسي روح التفاؤل, أناشد وأترجى كل عبارات التفاؤل, لأشعل في مخيلتي ذاكرة
جديدة مليئة بالأمل....
والجأ لقراءة كلمات الله, فأصبر وتقفز الطمأنينة الى قلبي.
أيها الآخرون: ان اختلاف الآراء لا يفسد ائتلاف القلوب, كيف لكم أن تجروا وطني الى الويلات؟!...
وتناشدوا الغرب في ان يتدخل ضد وطننا؟...
أولسنا اخوة في الوطن؟!...
او لم تعلموا ان هذا الغرب يريد ان ينتهز اي فرصة للقرصنة, مستغلا فيروس الثورة الحميد المنتشر في البلاد العربية.
الجميع نحن وأنتم متفقون ان ثمة اشياء كثيرة ينبغي تغييرها واصلاحها في البلاد, والمطالبة بالحرية حقّ, ولكننا لا نريد لهذا الحق ان يراد به باطل, فما طعم الحرية التي تأتي بقوة أوروبا واميركا؟!...طعمها مرّ..كالحنظل.
اليس مشيناً ان تقارنوا رئيسنا برؤساء دول مجاورة, كانوا عونا وحليفا لإسرائيل حتى ولو على حساب تجويع شعوبها.
ومن أعطاكم الحقّ بأن تخطفوا مناّ أمننا وسعادتنا, وأملنا أن نعيش تلك الاصلاحات التي ننتظرها بفارغ الصبر..
فحتى حكمة الخالق ارتأت ان تصنع كوننا في سبعة أيام, ليأتي بهذا الجمال, وهذا البهاء, فكيف بنا نحن المخلوقون؟
فما يأت بسرعة, يذهب بأسرع, وحتى الجنين الذي ينزل قبل اكتمال مقومات حياته ينزل ميتا, ونحن الملايين لا نريد لهذه الاصلاحات الا ان تأتي مكتملة النضج, قابلة للحياة.
ايها الآخرون, اولستم ترفعون شعارات الحرية والديمقراطية؟!..
او لم يخرج الملايين من أهلنا وأخوتنا؟! ليقولوا لكم: كفى؟
نحن كلنا خلف قائدنا, وتحت سقف وطننا الغالي سورية, نريد ان نعيش حياة كريمة دون منغصّات.
هؤلاء الملايين الذين خرجوا وملؤوا ساحات الوطن, اوليسوا من هذا الوطن؟! ألم يقدموا الغالي والرخيص في سبيل عزته وكرامته...
أم أنكم ترون أنهم ينتمون الى بلد آخر, أم أنه ينطبق عليكم قول أفلاطون:
نحن مجانين اذا لم نستطع أن نفكر, ومتعصبون اذا لم نرد أن نفكر, وعبيد اذا لم نجرؤ ان نفكر....
أخوتي, رحم الله من سقى هذا الوطن بدمائه الذكية, فلنحفظ هذه الدماء الغالية.....
أعيدوا لنا بهجة الربيع....
لا تحرمونا أملنا بغد مشرق....
لا تحرموا أولادنا من ربيع مزهر...