كما عادة الموتورين ، يحتاجون دائما لموجة ليركبوها ، لأنهم بأفكارهم و إيديولوجياتهم المهترئة غير قادرين على صنع موجة توجه الشعب السوري لما يريدون، فمنذ بدأت الأحداث في درعا ، تحرك هؤلاء و مرتزقتهم ليزيدوا الموجة علواً و يبثوا سمومهم و يزرعوا الفتنة، ولكن هل كانت البداية من درعا؟
الجواب لا، البداية لم تكن في درعا ، كانت في مدينة أخرى من سوريا ، وهنا أعني التحرك الحي على الارض و ليس الجهاد الافتراضي ، فصفحة العملاء التي جذبت عشرات الآلاف من غير السوريين ، كانت مهمتها دعم التحرك التخريبي على الارض بمحاولات توجيه الوعي و برمجة الشباب السوري على الوعي الثوري الزائف.
فالتحرك على الارض ووفق ما ظهر جليا للمتابعين ،كانت خطة خلق فتنة دينية طائفية ، بمعني صراع بين الاديان وبين الطوائف ضمن الدين ، و بالتدقيق قليلا في وضع المدن السورية ، عدا دمشق كونها العاصمة و مركز القيادة، سنجد أن مدن مثل (( اللاذقية ، حمص ، طرطوس)) هي مثالية جدا لتنفيذ مؤامرتهم ، يضاف إليها بانياس كونها مقسومة نصفين بين طائفتين كريمتين (( الأخوة العلويين و الاخوة السنة)).
ربما و حسب ما اعتقد كانت الفتنة يجب ان تبدأ من اللاذقية ، لماذا؟
لوجود دينين رئيسيين (( الاسلام و المسيحية)) ولوجود طائفتين اسلاميتين (( السنة و العلوية)) و بإضافة عوامل أخرى مهمة كونها مدينة السيد الرئيس بشار الاسد ، و ان ضياع اللاذقية سيعطي صورة سيئة عن مدى قدرة النظام على حماية السلم الاهلي و التعايش الديني و المذهبي في سوريا، ربما الاحداث في درعا كانت مؤجلة قليلا ، لكن ظهور بعض المطالب الأهلية و التي حولها ضابط غير مسؤول إلى تظاهرات و احتجاجات ، اعطت هذه المجموعة المرتزقة فرصة لاستغلالها و تحريك الاصابع في درعا لاستغلال فورة الشعب المطالب بإصلاحات حياتية بسيطة ورفع الظلم، تحرك السلفيون النائمون ، و تحرك الناشطون الحقوقيون الذين لم نسمع بأسمائهم قبل بدء الاحداث ، و استمرت الامور في تصاعد و اريقت الدماء من الشعب و الامن و الجيش والفاعل لم يكشف عن وجهه الاسود حتى تصدى افراد الجيش السوري لعرابي الفتنة في درعا و اصطاد معظمهم، و بزيارة وفد المدينة للقائد الاسد ، تم وأد الفتنة ابدا ، و انضوت درعا من جديد أبية وفية تحت راية الوطن و حكمة القائد، و بقي بعض الناشطين السياسيين من اتباع المناع و المالح يديرون بعض المراهقين بما يسمون انفسهم متظاهرين اصلاحيين رفعت عنهم المدينة ووجهائها الغطاء.
لم يرق للشياطين الهدوء الذي ساد المحافظة يوم جمعة الاصرار ، فسقطت تطلعاتهم سقوطا مدويا ، حين خرج بعض مئات من المراهقين يهتفون بمطالب لم يدركوا معناها بدون لافتات و بدون خطة تحرك ، فمشوا قرابة الساعة في شوارع درعا لينفضوا خائبين ، فالمحافظة تجاوزت هذه المرحلة ، و التزمت بكلمتها مع قائد الوطن.
وتجاوزت عروس البحر ((لاذقيتنا الحبيبة)) بوعي اهلي منقطع النظير مفاصل الفتنة فيها ، و وقع الآثمون في بانياس بالأسر و سقط بعض الذباب ((خلية كنج)) بيد الأمن السوري و انكشف اهم خيوط المؤامرة.
في ظل هذا الفشل الذريع ، كان لابد من اعادة مجريات الخطة الآثمة لسياق التنفيذ ، فاليوم نرى حمص الوادعة الآمنة قد تحولت لمدينة اشباح ، اهالي يصرخون من خلف ابواب بيوتهم مستغيثين بالجيش ليخلصهم ممن تستروا بالدين من اصحاب اللحى الرخيصة لقتل و ترويع الناس متنادين عبر مكبرات الصوت في المساجد للجهاد ضد اهلهم و جيشهم الذي هو ليحميهم من أي عدوان ، امعنوا بضباطه وجنوده قتلاً و تنكيلاً وعادت حمص بسرعة، بكل مكوناتها الدينية و الطائفية ، عادت هادئة وادعة كما عهدناها، فالواضح اذن من المخطط انهم يسعون إلى فصل كل مدينة على حدا ، فالتصعيد في درعا ، و القتل و الترويع و حرق الأملاك إنما جاء ليفتح مجال لتساؤلات الشعب السوري في باقي المدن ، لماذا التصعيد في درعا؟ فالجواب ليبدأ باقي السوريين في المدن بتوجيه القذف و الذم و السب و الشتم لدرعا و لأهل درعا ، و بذلك سيصعد الاهل هناك و سيكون الشعب السوري قدم لهم اول ضربة على مفصل اللحمة الوطنية الذي هو طوق النجاة لكل السوريين من هذه الفتنة الشعواء و المؤامرة الدهناء، فعليكم يا اهلي و شعبي الحبيب باللحمة الوطنية وعدم الانجرار وراء مخطط مدروس نفسيا و ماليا و تنفيذيا ليهدم هذا الوطن ، فاللحمة الوطنية هي السفينة التي ستحملنا آمنين فوق هذه الموجة و سترسو بنا في وطن افضل في ظل هذه الهجمة الاصلاحية الغير مسبوقة التي يقودها السيد الرئيس حافظ الاسد ، دمتم و دام الوطن و قائد الوطن بخير، و استغل بركة هذه الايام من اعياد دينية للاخوة المسيحيين و الاعياد الوطنية ، لأبارك للشعب السوري ثورة الوعي الراقية التي حضرت في وقتها و زمانها ومكانها.