news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
طبق رز ... بقلم : بشر الكردي

" الى أمي , مع أصدق التمنيات بإقامة طيبة في جنة خلقت خصيصاُ لأجلك "


 رتبت المذيعة المشهورة الأوراق التي في حوزتها و عدّلت جلستها ناظرة إلى ضيفها النجم و قالت :

_ و الآن , و في نهاية هذا اللقاء , أود أن أسأل ضيفي العزيز سؤلاُ شخصياُ إن كان لا يمانع ؟

ضحك الضيف و أشار بيده أن تفضلي , فقالت :

 

_ بعد هذا المشوار الطويل في فن الطبخ الذي بفضله أصبحت معروفاُ كأشهر طاه في المطبخ العربي و الأوربي و الآسيوي , هل هناك لون من الطعام لازلت تشعر أنك إلى الآن لم تتقنه ؟ .

انحنى الضيف إلى الأمام شابكاُ كفيه , و نظر طويلاُ إلى الأرض , ثم رفع رأسه و قال باسماُ :

 

_ كما تعلمين يا سيدتي , فأنا أنحدر من عائلة فقيرة و لكن مثقفة , فوالدي كانا جامعيين – رحمهما الله – و كان أبي كثير السفر بهدف تحسين وضعنا المعاشي , و كانت تمر أيام علينا لا نملك في البيت إلا اليسير القليل من المال , مما كان يدفع أمي إلى اختراع بعض الأطعمة البسيطة تسد رمقنا بها , و من هذه الأطعمة قالب حلوى مصنوع من الرز الله وحده يعلم أين تعلّمته؟

و في كل المرات التي كانت تعده كانت تفشل في صنعه , فتارة كانت تحرقه و تارة أخرى كانت تقدمه نصف ناضج , و لكنها لم تكن تيأس , و  توفيت من دون أن تفلح في تقديمه لنا كما يجب أن يكون .

 

و كنا نحن أولادها نأكله و التعليقات الساخرة تملأ المكان  .

صمت الطاهي المشهور و أشاح بوجهه محاولاُ تفادي دمعتين احتارتا في مقلتيه , باسطاُ كفه فوق فمه , و أخذ نفساُ عميقاُ حبسه بداخله و أطلقه بهدوء محاولاُ تهدئة روع نفسه , لكنه فشل فلم يخجل بأن جعلهما تنسابان فوق خديه , ومن دون أن يمسحهما نظر إلى المذيعة نظرة تنم عن جدّية تامة لم يعهدها أحد من ذلك الوجه الضحوك المرح الذي يتميز به كل الطهاة , و قال :

 

_ صدقيني يا سيدتي , لقد تألقت في إعداد كل ألوان الطعام و الحلوى التي تخطر و قد لا تخطر على بالك .

طبخت لملوك و أمراء و رؤساء و وزراء و سفراء و نجوم سينما  و غناء من كل أنحاء العالم و ربحت جوائز و كسبت شهرة عالمية لم يصل إليها أحد , و لكني , و إلى هذه اللحظة , لازلت أفشل في صنع ذلك القالب البسيط من الأرز المحلّى الذي يجب أن يحمل نفس الطعم الغريب و ذات الشكل المضحك الممتلئ حباُ و دفئاُ كالذي كانت تصنعه لنا أمي في تلك الشتاءات البعيدة القاسية .... .

2011-04-28
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)