وان كنّا أحيانا ننتقد قنوات فضائية تجرّنا الى الحروب بكذبها وضلالها,لا ننكر ان المادة تستطيع أن تصنع مع الموهبة والجهد برامج على تلك الفضائيات, تلتف اليها أنظارنا بكل الحبّ والاحترام.
The moment of truth بنسخته العربية, أثبت فيه المقدم وهو الممثل السوري عباس النوري, قدرته وبراعته في التقديم, ولكن ثمّة نقيض واضح بين النسختين العربية والأجنبية:
العربيات اللاتي خضعن لجهاز كشف الكذب, كنّ ذوات ضمائر ونخوة, اذ يطالعك في النسخة الأجنبية زوجات يخن أزواجهنّ, ويكذبن عليهم, يتاجرن بأجسادهنّ, ولا تمنعهنّ المادة من خوض غمار المواجهة, للحصول على الجائزة المادية وهنّ أمام أعين أزواجهنّ.
ففي احدى المقابلات مع جزائرية اسمها سماح متزوجة من لبناني, في ماضيها مأساة كبيرة لعب على وترها الحساس عبّاس النوري, كانت هذه المأساة بسبب ترك والدها لأمها وهي في عمر ثلاثة اشهر, تلك المأساة كانت مصدر مغلب الأسئلة الموجهة لسماح, فانهالت دموع سماح ودموع الجمهور, ولابد ان كنتم قد تابعتموها انهالت عيونكم بالدموع, توحدا مع الظلم, ظلم الآخر لنا...
فكانت حلقة ممتعة لعدة أسباب: صدق سماح , فإجاباتها حول اسئلة طرحت عليها وهي على كرسي كشف الكذب كانت صحيحة كلها, وتلك المأساة من جهة أخرى, ولوفائها لزوجها غير المطعون به ولا بأي شكل من الأشكال.
نموذج سماح هذا المنتقى بعناية, من حيث وجود المأساة, ومن حيث انها جزائرية متزوجة من لبناني. انها محاور يمكن الاعتماد عليها في طرح اسئلة محرجة جدا, خرجت سماح منها منتصرة, متغلبة على حزنها.
ها نحن قد أثبتنا براعة في تقليد النسخة الأجنبية, من ضمن سلسلة برامج, كانت لحظة الحقيقة احداها, ناهيك عن ستار اكاديمي, وسوبر ستار..الخ.
وان كنّا في لحظة الحقيقة اكثر حفاظا على علاقاتنا وقيمنا العربية الأصيلة....
ألا نستطيع أن نبتكر برامج من بنات أفكارنا, من محض أخيلتنا, لا تكون تقليدا للغرب.
برأيي نستطيع, وهنا نتوجه الى أصحاب العقول النيّرة المسافرة منها وما تبقى منها, أين
أنتم؟ أين هي أفكاركم؟ أين هي إبداعاتكم؟