في البداية وليسمح لي الجميع أن أترحم على أرواح الشهداء، فالدم الذي سال على أرض الوطن هو دم سوري
لا يستحق منا إلا الإجلال و الاحترام، ثم اسمحوا لي قبل أن أبدأ مقالتي هذه أن أطالب كل ذي لب على أرض الوطن الغالي أن يتحمل مسؤولية هذه المرحلة التي نمر بها، وأن نفكر ملياً قبل أن نتبنى موقفاً أو آخر، وأن تكون هذه المواقف نابعة من حس وطني مسؤول، يضع مصلحة الوطن ومصلحة أبناء الوطن بكل أطيافهم فوق كل مصلحة شخصية.
لقد استبشرت خيراً بوسائل الإعلام المحلية وقد لمست منها بعض الخطوات وإن كانت خجولة في سياق حرية التعبير من خلال كسر الحاجز بين الإعلام والمواطن وكنت أعتبر هذه الخطوة الحضارية هي البداية الصحيحة لتعقب الفساد والمفسدين وإجراء الإصلاح المنشود والذي يطالب به كل السوريين الشرفاء، فالمنطق يقول أن معرفة الخلل وأسبابه هو الأساس في إصلاحه وتجاهل المشكلة أو التعتيم عليها لن يؤدي إلا إلى تفاقم المشكلة وخروجها عن السيطرة.
نحن نقدر ذلك العبء الجسيم الذي يحمله إعلامنا المحلي في مواجهة المبالغة التي تمارسها قنوات فضائية معروفة، لكن مواجهة هذه القنوات لا يبرر أبداً أن تقوم القنوات والإذاعات السورية بمبالغة من نوع آخر فالمواطن السوري أثبت قدرته على تمييز الخطأ من الصواب فمن خلال متابعتي لتغطية الإعلام السوري للتظاهرات في سورية استغربت مؤخراً من الفجوة الكبيرة الحاصلة بين ما يحدث على أرض الواقع وما يتم نقله عبر هذه القنوات ما يشكل تأثيراً على مصداقيتها ومدى متابعة السوريين لها، لقد شعرت بالألم الشديد والأخبار تتوارد عن شهداء من جانب المتظاهرين والأمن، لكن الألم الذي أبكاني حقيقةً كان بسبب المهزلة الإعلامية الغير مسؤولة والتي لا يرضى بها أي مواطن سوري، ففي الوقت الذي كنت أطمئن على أصدقائي في حي الميدان بعد تظاهرة كبيرة فيه، استغربت من خبر تم نشره على القناة الإخبارية السورية يقول وتحت عنوان هام "أهالي حي الميدان يشكرون ربهم على الأمطار الشديدة التي هطلت بينما "قنوات مغرضة" ما زالت تنقل صوراً تقول أنها لمظاهرة في الميدان" أغلقت جهاز التلفاز وقررت أن أجلس مع نفسي لأقرر أيهما أختار الكذب الواقعي أم الحقيقة المفبركة.