وأخيرا أنتِ زوجتي قالها برجولة مبالغ فيها في حين كانت آلاء الفتاة الشامية ابنة الثمانية عشر عاما تنظر إلى الأرض والخجل يبوح بلسان وجنتيها البيضاويين، لقد أحبته حبا عجيبا وهي تنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر، ومع الأيام ازداد حبها له لقد قدم لها أكثر مما تتوقع كان لها القلب الحنون الذي عوضها عن فقدانها لأمها وهي ابنة أربع سنوات، كان الصدر الدافئ الذي تلتجئ إليه لتفرغ مرارة الأيام وتنظر من شرفة عينيه إلى مستقبل فيه أمل جديد
بعد ثلاثة أشهر من زواجها ثمة شيء غريب كان يحدث، استيقظت مرة على صوت بكائه، لكنه أقنعها أنه كان يسعل فقط!! كانت تحاول أن تحدق في عينيه لتبحر في عالم الأمل من جديد لكنه لم يكن يتيح لها الفرصة..
إلى أن جاء ذاك اليوم الكئيب حينما سألته عن سبب شروده وتغيره، فأجابها بعد أن رسم قبلة على جبينها
أنا واقع في حب امرأة غيرك،
استغربت آلاء وكأنها في حلم عجيب، كما أنها استغربت ردة فعلها الهادئة، لم تحطم الزجاج، لم تبكِ، لم تغب عن الوعي،
- ومن هي..
- امرأة خارج البلد ويجب أن أبحث عنها
- هل تحبها أكثر مني
- نعم
نظرت في الأرض بضع ثوان...
- لا بأس، اذهب إليها إن كنت ستكون سعيدا معها فأنا سأكون سعيدة
- طيب احتاج المال لأسافر إليها.
- خذ مجوهراتي وبعها وسافر إليها
- لا مجوهراتك!! قد تحتاجين إليها
وتحت إصرارها الفولاذي يبيع محمود المجوهرات وخلال أيام يكون المشهد المبكي جاهزاً، محمود أمام الباب مع حقيبته، وآلاء تحتبس دموعها وتؤجل انهيارها إلى ما بعد إغلاق الباب.
مر شهر كامل بعد مكالمته لها، كانت تنتظر مكالمته الثانية على أحر من الجمر، لكن جرس الهاتف بدا صامتاً، وبدأت الأمور تزداد قتامةً.
- ما أقسى الرجال... قالتها وهي تعتصر ما تبقى من دموع
ثم غرقت في بحر من الهموم و الشرود لا نهاية له. لينتشلها من غرقها صوت الهاتف... تقوم إليه مسرعة، متعثرة بكل ما في طريقها
- ألو مين
- الأخت آلاء؟؟
- نعم
- الأخ محمود يقرؤك السلام، وقد كتب ورقة يقول لك فيها أن موعدكم في الجنة.
- ماذا
- لقد استشهد البارحة في غزة، هنيئا لك يا زوجة البطل.