news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
الحياة مرآة أعمالك وصدى أقوالك... بقلم : بدر خواجكية

يحكى أن أحد الحكماء خرج مع ابنه خارج المدينة ليعرفه على التضاريس من حوله في جو نقي بعيداً عن صخب المدينة وهمومها..


سلك الإثنان وادياً عميقاً تحيط به جبال شاهقه وأثناء سيرهما تعثر الطفل في مشيته وسقط على ركبته

فصرخ الطفل على إثرها بصوت مرتفع تعبيرا عن ألمه : آآآآه

فإذا به يسمع من أقصى الوادي من يشاطره الألم بصوت مماثل : آآآآه

نسى الطفل الألم وسارع في دهشة مصدر الصوت : ومن أنت ؟؟!

فإذا الجواب يرد على سؤاله : ومن أنت ؟؟!

 

انزعج الطفل من هذا التحدي بالسؤال فرد عليه مؤكدا : بل أنا أسألك من أنت ؟

ومرة أخرى لا يكون الرد إلا بنفس الجفاء والحدة : بل أنا أسألك من أنت ؟

فقد الطفل صوابه بعد أن استثارته المجابهة في الخطاب فصاح غاضبا : ' أنت جبان.. '

فهل كان الجزاء إلا من جنس العمل .. وبنفس القوة يجيئ الرد ' أنت جبان.. '

أدرك الطفل الصغير عندها أنه بحاجة لأن يتعلم فصلا جديدا في الحياة من أبيه الحكيم الذي وقف بجانبه دون أن يتدخل في المشهد الذي كان من إخراج إبنه

 

قبل أن يتمادى في تقاذف الشتائم تملك الإبن أعصابه وترك المجال لأبيه لإدارة الموقف حتى يتفرغ هو لفهم هذا الدرس..

تعامل الأب كعادته بحكمة مع الحدث .. وطلب من ولده أن ينتبه للجواب هذه المرة

وصــــاح في الوادي : ' إني أحترمك.. '

كان الجواب من جنس العمل أيضا . فجاء بنفس نغمة الوقار ' إني أحترمك.. '

عجب الإبن من تغير لهجة المجيب .. ولكن الأب أكمل المساجلة قائلا : ' كم أنت رائع '

 

فلم يقل الرد عن تلك العبارة الراقية ' كم أنت رائع '

ذهل الطفل مما سمع ولكن لم يفهم سر التحول في الجواب ولاذ صمت رهيب لينتظر

تفسيرا من أبيه لهذه التجربة الفيزيائية...

علق الأب الحكيم على الواقعة بهذه الحكمة :

أي بني نحن نسمي هذه الظاهرة الطبيعية في عالم الفيزياء صدى .. لكنها في الواقع هي الحياة بعينها .. إن الحياة لا تعطيك إلا بقدر ما تعطيها .. ولا تحرمك إلا بمقدار ما تحرم نفسك منها  ..))

 

. من منا لا يعرف القانون الشهير للعالم نيوتن  ....قانون نيوتن الثالث للحركة……

  ((   لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه ))

 

إذا عملنا  إسقاطاً لهذا القانون على علاقاتنا مع الآخرين فسنجده منطبقا تماما  فمبدأ لتأخذ يجب أن تعطي هو إسقاط لهذا القانون على واقع الحياة

فأنت حين تحتاج إلى وقفة أصحابك بجانبك……بالمقابل هم ينتظرون منك أن تقف بجانبهم في وقت حاجاتهم

وهنا نجد الأخذ والعطاء

 حتى في العاطفة فنجد أن هذا القانون ينطبق

فأنت حتى تأخذ حباً من الطرف الأخر......  يجب بالمقابل أن تقدم له حب أيضاً

 

ولو أن هذا الحب الذي قدمته له قليل فقد يغضب ويتهمك بعدم الصدق في العاطفة

وهذا ما يفسر لدينا المساواة في المقدار

كذلك اذا أردت ان يتقبلك الناس ويأخذون برأيك او يستمعون لنقدك

بالمقابل يجب ان تتقبل منهم نقدهم........وان تأخذ رأيهم ومشورتهم

الحياة مرآة أعمالك وصدى أقوالك..

 

إذا أردت أن يحبك الله فأحب غيرك..

وإذا أردت أن يوقرك أحد فوقر غيرك..

وإذا أردت أن يرحمك الله فارحم غيرك..

وإذا أردت أن يسترك الله فاستر غيرك..

وإذا أردت الناس أن يساعدوك فساعد غيرك..

وإذا أردت الناس أن يستمعوا إليك ليفهموك فاستمع إليهم لتفهمهم أولا..

 

لا تتوقع من الناس أن يصبروا عليك إلا إذا صبرت عليهم ابتداء

هذه سنة الله التي تنطبق على شتى مجالات الحياة .. وهذا ناموس الكون الذي

 

تجده في جميع تضاريس الحياة .. ستجد ما قدمت وستحصد ما زرعت..

بالنهاية

لا أجد شيئاً من العلاقات لا ينطبق عليه هذا القانون .... إلا .............علاقتنا مع ربنا عز وجل

لأنه يعطينا أكثر مما نعطيه بكثير ...وربما نسيء إليه كثيرا ولا  يبادلنا الإساءة وفوق ذلك يغفر لنا ويسترنا

لماذا ؟؟   لأن من أسمائه   (( الغفور الرحيم     سبحانه وتعالى  ))

 

2011-05-05
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد