كانت نهاية العمل في " صراع في الوادي " تقترب , ولم تبق إلا أيام قليلة , وتفترق فاتن عن عمر , وقد يتلاقيان فيما بعد أو قد لا يتلاقيان , وكانت فاتن تجلس في نهاية البلاتوه الكبير , قصر والدها الباشا " زكي رستم " في الفيلم , وكان عمر يغالب رغبته في أن يعترف لفاتن بالحب ويعاند إشفاقه على نفسه من أن ترده فاتن حمامة بلباقتها المعهودة.
استجمع عمر الشريف كل إرادته وخطا تجاه الركن الذي تجلس فيه فاتن وحيدة وهمس لها في انفعال :
- مدام فاتن .. أنا بحبك .
ألقت فاتن نظرتها عند قدميها وصمتت, لم تعقب , فقال عمر :
- هل تقبلين قلبي .. هل تحبينني
هزت فاتن رأسها هزة بطيئة , فامتدت يد عمر الى يد فاتن ملامسة في حنان ورفق وتلاقت نظرات الحب بينهما , فعاد يسألها :
هل تحبينني
دمعت عينا سيدة الشاشة وقالت في همس :
-نعم أحبك يا عمر
قال عمر :
- هل تقبلين الزواج مني
لكنها طلبت منه تأجيل هذا الأمر , ثم في النهاية حققت ما أراده قلبها .
حكايتنا تنحصر في اختيار عمر الشريف وجهاً جديداً على الشاشة الفضية وأمام من؟! فاتن حمامة التي كانت في عنفوان شهرتها وقوة سطوتها ولياقتها الفنية .. فقد رفضت قبل ذلك أن يلعب أمامها الدور شكري سرحان حتى لا تقع في فخ الثنائيات .. لأنها مثلت أمام شكري سرحان فيلم ابن النيل لنفس المخرج يوسف شاهين .. واستعرضوا جميع فتيان الشاشة وقتها .. فلم يجدوا الا شكري سرحان .. ولكن فاتن حمامة رفضت تماماً, بل وأصرت على الرفض .. واسقط في يد المنتج جبرايل تلحمي والمخرج يوسف شاهين .. وفكروا في احلال احدى النجمات في ذاك الوقت بداية من ماجدة أو أو زهرة العلى أو هند رستم .. أو ... أو ... فلم يجدوا الا فاتن حمامة هي الوحيدة التي تصلح للدور.
وهنا قفز الى خيال يوسف شاهين صورة صديقه وزميل دراسته عمر الشريف .. الذي لعب دور هاملت على مسرح كلية فيكتوريا وأقنع رمسيس نجيب به ..وسافر يوسف شاهين الى الاسكندرية لكي يقابل عمر الشريف .. ويعرض عليه العمل بالسينما وكان عمر الشريف في ذلك الوقت قد تخرج من الكلية ويعمل في شركات والده بتجارة الخشب .. وأخذها عمر الشريف على أنها مزحة من صديقه يوسف شاهين .. ولكن يوسف شاهين أكدها له .. واصطحبه للقاهرة لإجراء اختبارات الكاميرا والأداء. وكم كانت المفاجأة عندما أسرع رمسيس نجيب بالتعاقد معه على بطولة فيلم صراع في الوادي ... وكم كانت المفاجأة أيضاً عندما وافقت فاتن حمامة فور وقوع عيناها على هذا الفتى من النظرة الأولى .. وبدأ الاستعداد التام للتصوير, وكان معروفاً عن فاتن حمامة, انها بارعة في الاصطلاح المسمى بسرقة الكاميرا ممن أمامها .. ولكنها لم تفعل ذلك مع عمر الشريف في أي مشهد أو لقطة تضمهما سوياً ... وفعلتها مع باقي الممثلين معها بالفيلم سواء فريد شوقي .. أو زكي رستم أو حمدي غيث .. وهم باقي أبطال الفيلم .. بل كانت تجالس عمر الشريف أثناء الاستراحات لتعطيه من خبرتها وفنها الكثير..
منذ اللحظات الأولى أدرك أن هذه المرأة الصغيرة التي يقف بجوارها كالتلميذ تعني الكثير بالنسبة له, رغم خوفه ورهبته وتصوره أنه لن ينجح ولن يصبح ممثلاً مرموقاً, وعندما بدأت فاتن تشجعه وتساعده, شعر أنها تهتم به وتحاول جاهدة أن تعطيه مزيداً من الثقة بالنفس, حينها تبلورت كل عواطفه وتركزت حول فاتن] ... ولم يدر بخلد أحد أن هناك قصة حب تتسلل في هدوء بين فاتن حمامة وعمر الشريف رغم علمها بأنه مسيحي الديانة .. ولكنه كيوبيد [كيوبيد في الميثولوجيا الرومانية هو ابن الإلهة فينوس /آلهة الحب/] الذي لا يعترف بالمسافات أو المستويات أو .. الديانات .. وكان معروفاً ان فاتن حمامة متزوجة من المخرج الرومانسي جداً ... عز الدين ذو الفقار وقد أنجبت منه طفلة اسمتها نادية ..
وكانت أيضاً ترفض أي مشهد أو لقطة فيها قبلة أو ملابس خليعة أو مشهد سرير أو حمام سباحة ... وكان بسيناريو الفيلم صراع في الوادي لقطة لعمر الشريف وهو ينزف بعد اصابته برصاصة أطلقها عليه حمدي غيث .. ويغمى عليه ... حيث يقع الشريف في البر الغربي في الأقصر على ظهره مصاباً بالرصاصة في صدره مغمى عليه, وكان المشهد مكتوباً بأن تأتي فاتن حبيبته وابنة الطاغية زكي رستم وتحتضن عمر فقط, لكن المذهل ..(وكان الحب قد وصل الى مداه) .. أنها انكفأت عليه وقبلته قبلة أذهلت الجميع بما فيهم يوسف شاهين .. وكانت قبلة غير سينمائية ولكنها قبلة حقيقية وطلبت فاتن حمامة من عز الدين ذو الفقار الطلاق بعد ذلك .. ونالت مطلبها.
وأشهر عمر الشريف اسلامه ... وتزوجا بعد أن أصبحت فاتن حمامة خالية من الموانع من عز الدين ذو الفقار .. والطريف أن الفنان شكري سرحان عندما رأى الفيلم ثار ثورة عارمة وصرح بالجرائد وقتها ان فيلم ابن النيل كانت به مشاهد أكثر سخونة من هذا المشهد ورفضت فاتن حمامة القبلة .. لماذا؟ ... وانتهت هذه القبلة بالزواج بعدما جمع الحب بين فاتن حمامة وعمر الشريف في قصة حب نادرة ولكنها للاسف لم تستمر الا لسنوات معدودة فقد خطفته السينما العالمية بعد ذلك فسافر الي اوروبا وأمريكا ..وسافرت وراءه فاتن جمامة وحاولت ان تحقق العالمية مثله فمثلت فيلما بعنوان "رمال من ذهب " مع نجم فرنسي الا انه لم يكتب له النجاح وكانت علي وشك اعتزال السينما وحاولت ان تنقذ زواجها الا انها لم تستطع وبالفعل تم الطلاق بينهما في بداية السبعينيات ومنذ ذلك الوقت لم يتزوج عمر الشريف.
بعد حوالي ثلاثة عقود من لقائهما الأول, صرح عمر الشريف: “لم أحب أو أتزوج بعد فاتن حمامة فهي المرأة الوحيدة في حياتي وحبي الأول والأخير. أما الانفصال فسببه بقائي في هوليوود ورفضها أن تترك حلمها وعملها في مصر، وبقيت على ذمتي لمدة عشرين عاماً دون أن أراها حتى طلبت مني الطلاق” بينما صرحت فاتن: شعرت أمام كلمات عمر الشريف الرقيقة في أول لقاء, أنني تلميذة صغيرة!
أما سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة فقد تزوجت ثلاث مرات في حياتها، وأشهر هذه الزيجات زواجها الذي انتهى في منتصف الستينات من الفنان العالمي عمر الشريف الذي من أجله انفصلت عن زوجها الأول المخرج عز الدين ذو الفقار، وقد أنجبت منهما نادية عز الدين ذو الفقار وطارق عمر الشريف، وهي حالياً متزوجة من الطبيب د. محمد عبد الوهاب.