باسم انتمائي لهذا الشعب الأبي ، المتمثل بحب الوطن و الحياض عن كل ذرة تراب من ثراه المجيد ، و باسم شهدائه الأبرار الذين انضموا إلى قائمة المجد و الخلود في هذه الحقبة الدقيقة التي تعصف بأمنه و استقراره ، و تنال من وجدانه و حضارته ، لتلقي بظلالها الداكنة على أوصاله و أركانه .
يؤرقني ما شهدته سورية الحبيبة في الأيام الماضية من أحداث مؤلمة ، و أفعال مؤسفة ، أرادت أن تجتث وحدة الأبناء و لحمة الإخوة ، بما حملت من غل مدبر تحت ذريعة السلمية و الحرية ، و لست اليوم بصدد التحدث عن المؤامرة الحاقدة التي أحيكت لتضرب الاستقرار و الأمن معاً تحت ذرائع مشروعة ، بات الجميع يدركها و يتحدث عنها ، إنما أردت أن أتحدث في قضية بالغة الأهمية ، أراد صناع الفتن و الدسائس أن يؤججوا نارها بين أبناء البلد الواحد ، و أن يمزقوا بها لحمة جسد الوطن الحبيب , ألا و هي لغة التخوين و ازهاق الوطنية في نفوس الآخرين .
لقد واصلت الليل بالنهار و أنا أتصفح المواقع الالكترونية الإخبارية ، و أنشئت صفحات للتواصل مع الآخرين ، بغية نشر الوعي و مجاراة أدوات الإعلام المغرض و المأجور ، في ظل هذه المحنة البغيضة ، لكن أكثر ما كان يؤلمني حقيقة ، هو أولئك الأشخاص الذين لم يكونوا على مستوى الحدث أبداً ، و الذين تبنوا لغة التخوين بشكل واضح في كتاباتهم ، و كأن الوطن حكر عليهم دون غيرهم ، و أخذوا يتراشقون الشتائم بدلاً من الحوار الوطني الموضوعي ، كما جعلوا من المهاترات الكلامية وسيلة للإقناع ، عن طريق نشر صور القردة و الخنازير و مقارنتها للأسف بصور لبعض الإعلاميين و الممثلين السوريين ، عوضاً عن الحوار البناء الذي سوقه الفكر السوري الناضج ، و الذي علمنا دائماً أن نحدد الأولويات و نوحد الصفوف في مثل هذه الظروف العصيبة .
لقد امتاز الشعب السوري بالوعي و الوطنية ، و قد نوه الدكتور بشار الأسد إلى ذلك بخطابه في مجلس الشعب عندما وصف الشعب السوري بأنه شعب واع ٍ و وطني أيضاً ، و بأنه يتعلم من نجاحاته ، كما أشاد بأهل درعا و وصفهم أنهم أهل الكرامة و الشهامة ، فكيف يتجرأ البعض ممن أسلفت ذكرهم بتخوين أهل درعا !! ، أهل الكرامة و الشهامة ، و كيف يصفون كل من خرج في الاحتجاجات السلمية في بداية الأحداث أنه مندس و متآمر ، و قد برأهم السيد الرئيس عندما قال : ليس كل من خرج في التظاهرات متآمر , و نوه إلى شرعية مطالبهم أيضاً .
و مما أثار حفيظتي أيضاً بعض المواقع الالكترونية السورية ، و التي قامت باقتباس أخبارها من مصادر إعلامية مغرضة لسورية ، لا بل و قد نشرت على صفحاتها عبارات طائفية بشكل علني ، و تهويلاً غير مبرر للأحداث ، و إن لم يكن مقصوداً طبعاً ، لكنه بطريقة أو بأخرى إنما ينشر فكر تلك المصادر الرخيصة التي تعمدت دس السم في الدسم كما يعلم الجميع .
و في النهاية آمل أن أكون قد وفقت في تسليط الضوء على قضية ذات أهمية ، فالوطن يتسع لجميع أبنائه ، و كلنا نحلم بمستقبل أفضل ، و بفضاءات أرحب و أجمل ، لا تشوبها دسائس الحاقدين .