ممزق أنت
بين جسد يضرب جذوره في التراب،
وروح تدق أبواب السماء.
معذب أنت بألم الولادة
وسكرات الموت.
معذب بغلواء الشهوة
التي لا تطفئها السباحة
في غدران اللذة الهوجاء.
ممزق أنت بين ماض
يعشش كالعنكبوت في زوايا ذاكرتك،
وغدٍ لا تعرف كيف تحيك رداءه.
معلق أنت بين مئذنة وناقوس،
مصلوب على الحدود بين الأوطان والمنافي.
منسي أنت كزهرة يابسة في كتاب الزمن،
ذرة غبار في الكثيب،
نجم منطفئ في المجرة،
محارة لفظها الموج،
مسيَّر كمزقة غيم على أصابع الريح،
كحجر يتردى إلى الهاوية.
محاصر أنت،
لا تعرف من أين أتيت
ولا أين تمضي.
قطارك لا وجهة له،
ولا تعرف في أية محطة سيلقي بك،
أمطارك لا تهطل كما تشتهي صحراؤك،
وأنهارك لا تلتقي بحارها.
أصدقاؤك سيهجرونك،
وأعداؤك لن يكترثوا بك.
ابناؤك يبقون عينيك مشرعتين
للريح والغبار،
وعندما تصاب بالعمى
لن تجد عصا تتلمس بها طريقك
إلى المأوى.
حبيباتك لن يذكرن الزهور التي أهديتهن،
ولا المناديل التي بللنها.
كم أشفق عليك!
تركع للسلاطين كي لا يشنقوك،
وتصلي للآلهة كي لا يحرقوك،
وتقبّل نعلي امراتك كي لا تهجر فراشك،
وفي الليل أنت مشنوق
ومحروق
في سريرك المهجور!
حائر أنت بين ما تشتهيه في الحياة
وما تخشاه بعد الموت.
يا ابن حواء
لا تخف!
الجنة أكبر من أن تضيق بخطاياك،
وجهنم أصغر من أن تتسع
لفضيلة واحدة!