يا مرح الطفولة الهارب من الشرّ الغاضب
إلى قرش العتمة القابع في زوايا بيتنا الهادر
بالدموع فائض, بصرخات أرملة
أسمها أمي
تنادي أبي مات شهيد....
***
ماذا أخبر ألعابي كيف ستضحك من جديد؟!
وماذا إن إهترأت؟ كيف لي ببديل؟
وهل يصبح للألعاب معنى ان لم تكن
من أبي
لكنّ أبي مات شهيد
***
وعلى حضن من أنام لأن سريري لم يعد
محصّن كنت أحضن أبي وأنام بحضنه
فأرى الأمان
كبرت عشرين عاما يوم مات أبي
زرت في يوم كل الأماكن
اتّشح داري بالسواد, بالعتمة
بقلوب بيضاء شغافها أسود...
***
بعد عشرين عاما إن رأيت
أولاد من قتلوا أبي, سأسامح
لأن هم من سينتقمون لي
سيفجرون ذريّتهم كلّها لأنها في يوم
قتلت الطفولة
لأنها قتلت أبي الشهيد
***
يا مرح الطفولة الهارب من عبث الظالم
من حقد الغاشم
يا طفولتي لا تنتهي فأنا لم أكبر بعد
كنت سأخبر أبي اني أحبه كثيرا
كنت سأخبره بمستقبلي
أريد أن أصبح طبيبا
ولكن رحلت طفولتي باكرا كما رحل أبي
كم سأشتاق اليك؟!
كيف قتلوك؟
وقتلوا معك طفولتي
أين هو الوطن المنشود؟
كيف سلبوك منّي؟
واستجرّوا عطف الجميع مني..
يا طفولتي لا تستسلمي!
دعيني أعيشك فأنت مرادي..
***
انا ما كنت أبكي أبي الشهيد
لأن طفولتي لم تستوعب ما حصل
كنت أبكي أختي الكبرى تبكي
أبي الشهيد..
ورأيت عندها الجميع يرمقونني
وتعقبتني الكاميرا لتوصل الخبر
أبي مات شهيد
***
في يوم واحد كبرت عشرين عاما
وأصبحت أنا من يصنع الخبر
ولمّا تعلمه الجزيرة بعد
كانت عن الخبر بعيدة
غطّت عينيها بنظارات عتيقة
فلم تر أبي الشهيد...
***
كنت وقتها أزمّ شفتاي لهول ما حصل
وعندما كبرت أدركت ما الخبر!
ولمّا تعلم الجزيرة ما حصل...
سجّل أيها التاريخ أبي
مات شهيد..
إهداء: الى أطفال الشهداء