هنا ..في عمق أعماقي يقبع خوف كاسر..ينغص عليَ فرحتي و يأسرني في سجن هواجسي وشكوكي ..
خوف يحرمني أن أعيش السعادة ويسلبني الأمان الذي لطالما افتقدته..
خوف يزيد وحشة هذا الليل ..وشراسة ذاك النهار..
يدمي قلبي ويسقم روحي ويعصف براحة بالي ..
يكاد يقتلني ..فأعمد إلى مباغتته ..لأشبعه قتلاً..لكنه في كل مرة يأتيني وراء قناع مختلف و باسم مستعار يبعد عن ذاته الحقيقي الشبهة.
حيناً يأتيني تحت مسمى الغيرة ..فيستبيح أحلامي ويستوطن عن الأمان بدلاً ..
يجتث ابتساماتي ..بكف شيطانية..ويستشري كسم يقتل ثقتي ويضعف مناعتي و يستنفذ صبري و حكمتي..
يستقي من دموعي ويتغذى على براعم ربيع لم تزهر أزاهيره بعد..فأقتلعه حين يبدأ بالتمكن مني صارخة في وجه صلابة حجته بأحاسيس يلين لها البازلت ...أحبه...فيتلاشى ويتوارى بعيداً يجر أذيال خيبته..ليعود مجدداً فهو لا يملني..
ليعود بحلة أدهى و مسمى أبهى و قناع يكاد يكون أكثر إقناعا ..
هذه المرة أتاني مباغتاً لتلك الثقة التي غرستها منذ اللحظة الأولى و حرصت على الاعتناء بها حتى باتت شتلة يافعة
أتاني معرفاً عن نفسه ...كان في غاية اللباقة والنبل ..انحنى قليلاً كما ينحني الأمراء ..و همس برقة بالغة أنا الحذر...للحظة كاد أن يستملك فكري بأفكاره ..تستهويني طريقة طرحه للأمور لكن لا ..فأي سم ذاك الذي سيبثه في عروقي .. وأي داء سيفتك بعواطفي و يضنيني ..
ربما لو وجد الدواء لحال دون تلك الأسقام ..و دوائي يا سيدي بين يديك ..تلوح به أمام ناظري .. ثم تواريه تحت عباءتك الرمادية..لأتوه أنا بين أفكاري ..أبيضها و أسودها ..فأستفيق على حيرة تجعل ثوبك الرمادي حلاً وسطاً.. لا يجيرني ناراً و لا يهبني جنة ..
وجوه الخوف تلاحقني و تأبى إلا أن توقعني يوماً في شركها ..و حبك هو حصني الحصين ..لكن إلى متى سأقبع هنا أصارع الشك والغيرة والقلق والحيرة وحقائقً في أحيان كثيرة..
إلى متى سأجابههم بسلاحي الوردي و بجسد أنهكته آلام الغربة ...!
أخشى أن أصحو يوماً فأجد نفسي دون سلاح ...و دون صبري...
صلواتي تكاد لا تنقطع فهي عزائي الوحيد و ورقتي الرابحة الأخيرة رغم كل الانكسارات ..رغم كل الاختلاجات ..رغم كل الصراعات ..رغم كل ما أعانيه من انهزامااااات.