استعمرت ذاكرتنا في التاريخ المعاصر أضمومةٌ من الشعارات ، جاءت بها أحزاب وجماعات وزعماء غسلت أدمغتنا ، ونومتنا مغناطيسياً ، وأصبحنا نرددها ببغائياً ، لأنه لم يعد في مخزون الذاكرة غيرها ، فأ لفناها وتعودنا عليها .. وإذا حاولنا أن نستحضر بعضها نجد :
• من المحيط الهادر .. إلى الخليج الثائر .. لبيك عبد الناصر .
• أنا بعثٌ وليمتْ أعداؤه || عربيٌ اشتراكي عربي .
• ما منعبد إلا ربين .. الله وأنطون سعاده .
• الإسلام دين الحياة ، والدولة ، والممات ، والآخرة .
• العمال والفلاحون ، يصنعون الحياة ويحرمون منها .
• بالروح بالدم نفديك يا رئيس .
• فتحاويه .. فتحاويه .
• حمساويه .. حمساويه .
• جبهه جبهه شعبيه .
• جبهتنا ديمقراطيه .
• ما منختار ما منختار غيرك يا أبو عمار .
وبتحليل بسيط نرى في هذه الشعارات غياباً لذكر وقدسية الوطن ، وحل محله تمجيدٌ ( للرعاة ) الزعماء الأحزاب ، والجماعات . الأمر الذي يشير عمق غريزة القطيع ، واستفحال الفكر الرعوي الذي تولى الوصاية على الرعية ، وسيلته في ذلك قبضة أمنية مطلقة ، عززت طقوس الولاء على الأداء ، وعطلت القنوات التي تفضي إلى حلم الشعب بالحرية ، والكرامة ، والمشاركة بصنع المستقبل ، ففرتْ الخبرات ، كما العصافير الممنوعة من التغريد في أعشاشها وبين صغارها ، وهربت الأشجار من تربتها باحثة عن نداوة تبلل فيها شعيرات جذورها المتيبسة . وتحول الشعب إلى محبرة ألم تنغمس فيها ريشة الاستبداد ذات النصل الجارح ، تكتب باسمه ، وتعمل ضده .
شكلت الحكومات المتعاقبة دلة قهوة بدون فناجين ، وأقامت ولائمها لأنصارها ، وبقي الشعب خارج القاعة يستنشق الرائحة ، رغم أنه قدم لهم الذبيحة والبرغل والسمن والفواكه !! .
الأحزاب نجحت في فترة ما نظرياً ، لكنها سقطت سقوطاً مدوياً في الترجمة العملية ، والزعماء المخلصون قد يفلحون في قيادة شعوبهم ، ولكن لمشوار قصير ، ولن يكونوا بديلاً عن الشعب ليختزلوه في شخصهم .
الآن :
- يجب أن ندرك أن الأحزاب ضلت طريقها ، وأخذت القاطرة إلى بقاع الرمل والطين ، وغرّزت هناك وعليها أن تخرج نفسها من مأزقها ، وتقرأ خارطة الشعب لتهتدي بها !!.
- لابد لنا من ( فرمته دماغية ) كما يحصل للكومبيوتر ، لنمسح من عقولنا الشعارات التي ما زلنا نرددها ببغائياً ، بولاء رعوي .
- في مثل هذا العمر لن ندخل الجنة ، لأننا محمّلون بأثقال الفساد ... علينا أن نعود أطفالاً من جديد لكي نتعمد بالطهارة ، ونكون مؤهلين لحمل أفكار جديدة ، حضارية ونظيفة . . . ونتخلص من امبريالية الذاكرة !!.
-