يا وطن الخير أحب أن أعترف لك كم كنتَ معطاءاً معي؟!, كم وهبتني السلام والأمان ؟!
وجلّ ما يستهويني ويسيطر عليّ... أن أرتمي بحضنك يا وطني.!. وأقبل ترابك.., واعترف كم كنت مقصّرة معك؟! كم ارتشفت من عطاءاتك؟ ولم أهبك شيئا حتى الآن..!. سامحني يا وطني, ولكني والله طوال سنين.. فيك حاولت أن أدرس اختصاصا يجعلني أردُّ معروفا بسيطا لك, وقد تثبت الأيام ذلك يا وطني...
نعم لقد درست الإعلام...., نعم لقد ضحكوا عليّ وعلى اختصاصي هذا, ماذا سيفيدك الإعلام يا فتاة؟!.. لستِ في دولة أوروبية تعترف بالصحفي وتهبه الكثير, وتحسب ألف حساب له, ولكن ها قد سنحت الفرصة لأقول كلمتي, ألم يحن الوقت لإعلام حرّ ونزيه؟!, يؤدي وظيفته على أكمل وجه فيراقب مؤسسات الدولة وينتقد المخربين والفاسدين, أي يمارس سلطته الرابعة
والتي لم ينلها حتى الآن...إلا بالاسم!..
لا أريد أن أستبق الأحداث, فثمة آخرون يجلسون وراء طاولتهم يرتبون ويناقشون قانون الإعلام الجديد...آمل خيراً يا وطني... مادام فيك من الشرفاء الكثيرين...آمل خيراً يا وطني..
تجري أشياء كثيرة على أرض الواقع, تستحق أن تسترعي انتباه الجميع يتناقلها الناس بين بعضهم البعض لكن ثمة شيء واحد يغيب هو الحقيقة, المتهم الوحيد هو الاعلام والضمائر التي تعمل فيه...ما من شك أن الصحفي يحاول أن ينقل الحقيقة والحقيقة التي ينقلها ويضعها بيد مؤسسته أيّاً كان نوعها من أنواع المؤسسات الإعلامية.. وهناك تجري على الحقيقة تعديلات وتحريفات وقص ولصق وكلمات تبرز وكلمات تختبئ, هذا ما نسميه في عالم الإعلام سياسة الوسيلة الإعلامية, اذن من الذي يضغط على الضمير الصحفي حتى يعاني من أزمة فيشكك الجميع فيه, يبدو جليّا أنها سياسة الوسيلة الإعلامية لكن ما يسترعي الانتباه هو أن الوسيلة الإعلامية وسياستها هي من تقدم الوعي للآخرين فكيف يغدو هذا الوعي إن لم يكن مبنياً على أشياء حقيقية بالفعل يصبح وعياً معلباً مشكوك بصحته وصلاحيته, فسياسة الوسيلة الإعلامية هي من يصنع القرار وبالتالي هي التي تؤثر في أصحاب الرأي وهي التي تسهم مساهمة كبيرة في تكوين الرأي العام...
وهنا يبدو في كثير من الأحيان أن الرأي العام مشوّه لأنه تم بناؤه على معطيات غير حقيقية مبنية على سياسات الوسيلة الإعلامية...وإذا كانت الكثيرة من القرارات الدولية مبنيّة على الرأي العام العالمي فهذا يعني أن هذه القرارات كلّها مزيّفة لأنها بُنيت في الأساس على قاعدة يعتريها الكثير من الشك..
ولكن لماذا تنتهج الوسيلة الإعلامية نهجا معينا دون آخر؟! اذن ثمّة ضغوط على الوسيلة الإعلامية حتى تنتهج سياسة معينة تستطيع من خلالها أن تبقى على قيد الحياة...ولكن من يمارس تلك الضغوط ؟....إنها تمارس من قبل الحكومات التي تعتقد بذلك أنها تقود جمهورها إلى برّ الأمان وتسير به إلى مستقبل زاهر...
إذن هل يتبين لنا ان القيد التي يتكبل الحقيقة ويلحق بها الضرر منوط بسياسات الحكومات وما تريد تحقيقه وان ادّعاء حريّة الإعلام في بعض الدول هو ادّعاء باطل ومزيّف لأنه مقاد ومسيطر عليه من قبل الحكومات بشكل مباشر أو غير مباشر...
والسؤال الذي يحضر في هذه الزفّة للإعلام..هو هل سيتحرر الإعلام في وطني من القيد ومن سيطرة الآخرين؟! هل سيستطيع أن ينقد مؤسسات الدولة ؟!..ويراقب المخطئين.؟...أعتقد وبما أن الفساد مشكلة متفاقمة جدّا فالسبيل الوحيد لردعها هو ترك الفرصة سانحة للإعلام لينقد ويراقب, ولنترك المجال للصحفيين ...من يستطيع أن يثبت فساد موظف أو مسؤول؟! على أن يقدم الصحفي الحجج والبراهين, طبعا كل ذلك وفق أسس ومعايير معينة لأن الحرية مسؤولية..
دعونا لا نضع الإعلام بين فكّي الكمّاشة نعصّها متى نشاء فيتألّم الإعلام.. ونتركها متى نشاء فيسترخي الإعلام..!
آمل خيراَ.. يا وطني..!..