استيقظ أبو احمد كعادته كل صباح في الساعة السابعة كي يوقظ ابنائه الثلاثة للذهاب الى مدارسهم وكي يذهب الى عمله فهو موظف بسيط
وكعادته في كل صباح يحتسي قهوته وهو يستمع للاخبار وبما ان الاستماع الى القنوات الاخبارية الغربية يصيب بالاكتئاب ويشعر بالاحباط من كثرة الاخبار المتداولة فيها عن وطننا الحبيب فقرر ان يستمع الى قنواتنا المحلية عله يبدئ صباحه بأخبار تبعث فيه التفاؤل
جلس ابو احمد وبيده فنجان القهوة وبدأ يستمع لحديث المذيع الذي كان يتحدث عن الاصلاح الذي سيقوم في بلدنا وقد فهم ابو احمد بعض الجمل منه والباقي لم يفهمه ( لبلاغة التعابير التي يتحدث بها المذيع ولفصاحته باللغة العربية ) ولكنه بالمجمل تفائل بأنه لابد من ان هذه الاصلاحات ستغير من وضعه الاجتماعي والمعاشي للافضل
أنهى أبو احمد فنجان قهوته وقام ليرتدي ملابسه وهو يرتدي ملابسه قطع التيار الكهربائي عنه لم يعلم ما السبب واعتقد انه قطع اعتيادي لأنه يسكن في ضواحي دمشق وقطع الكهرباء امر طبيعي في تلك المناطق نزل ابو احمد من منزله ليتفاجئ وينسعق بأن الكهرباء قطعت عنه عمداً وذلك لعدم قدرته على تسديد الفواتير المتراكمة عليه
اكمل ابو احمد طريقه الى عمله منفعلاً متوتراً وتفكيره مهموم .. كيف سيتدبر أمر هذه البلية التي حلت عليه وذهب الى موقف الباص ينتظر ( ميكرو ) وبسبب أزمة المازوت مضت اكثر من عشر دقائق ولم يمر ميكرو فاضطر لركوب تكسي وعند فتحه باب التكسي فورا قال له السائق ( عداد ونص استاذ )
استغفر الله العظيم وركب التكسي كي يصل الى عمله قبل ان يتأخر وبدأ سائق التكسي بموشح الاكتئاب ( والله يا استاذ ما في شغل بلمرة يعني كنا نوقف جنب الفنادق ناخد سياح على معالم بلادنا الاثرية ناخد طلبات عل مطار يعني نستفيد هلأ ابدا الحال واقف ) وما كان ل أبو احمد ان يقول غير ( بعين الله ) وسرح بتفكيره قليلاً كي يتذكر ان هناك اصلاح وان الوضع قد تغير عن قبل كي يبعث في نفسه القليل من الأمل
دخل الى المؤسسة الموظف بها وقدم اجازة ساعية كي يذهب لمؤسسة الكهرباء ويرى ما حل هذه المشكلة التي حلت عليه وذهب الى هناك وبدء هذا الموظف يرسله الى ذاك وذاك الى تلك حتى اتى رجل واستوقفه جانبا وقال له ( هات خمسمية وبرجعلك ياه لاخر الاسبوع وانت ادفاع اللي عليك ) احمر وجه ابو احمد ليجد نفسه في مفترق طريق اما الرشوة واما ان يبقى دون كهرباء
اخرج من جيبه النقود واعطاها للرجل والرجل صاحب كلمة وما هي الا ساعة وام احمد تتصل بزوجها ( اجت الكهربا)
عاد ابو احمد لعمله واليوم سيستلم مرتبه الذي ينتظره من الشهر للشهر كالحلم البعيد وخاصة انه مع قرار زيادة الرواتب قد يجد فرصة لتوفير بعض النقود كي يتحسن وضع المعاشي الذي قد اقترب من خط الصفر في نهاية الشهر ليجد ان الضرائب الموجودة على هذا الراتب قد اذهبت الزيادة ( دخل وانفاق وتعويض تدفئة ولا ادري ماذا وماذا )
كي يخرج من عند المحاسب كباقي الموظفين وعلى وجهه معالم البوئس واليأس انتهى الدوام وقرر ابو احمد ان يمر على السوق كي يشتري بعض الحاجات الضرورية لبيته فأم احمد اتصلت به على جواله 4 مرات تذكره بما تريد وما ينقصها وما فتأت تقول ( البراد فضي يا ابو احمد )
ذهب ليشتري بعض الرز وهو يذكر انه الشهر الماضي كان ثمن الكيلو 50 ليرة ليقول له البائع ( والله يا حجي غليان صار ب 85 ) فقال له ( والسكر ؟؟ ) فقال له ( 70 ) ليتفاجئ في نهاية جولته في السوق بان الاسعار في ارتفاع وهو الذي ظن انه مع تخفيض سعر المازوت ستنزل اسعار المواد والسلع ( لأن وقت غلي المازوت غلي كل شي وع قولت غلي لأن المازوت غلي )
ليعود الى بيته وهو لم يشتري الا نصف ما طلبته ام احمد وهو في طريق العودة وصلته رسالة من شركة الموبايل تقول له ( عزيزي المشترك لقد تم ايقاف خطك علماً ان قيمة فاتورتكم 1786 ليرة سورية )
وهو لا يعلم انه تكلم بهذا القدر من المكالمات ولكن لمن الشكوى لا شكوى ولا حل غير الدفع فذهب الى المركز وسدد فاتورته في (سيريتيل ) ليتفاجئ ان الموظفة طلبت منه اكثر من قيمة الفاتورة فسألها عن السببفقالت انهم يقتطعون جزئاً من الفاتورة القادمة ويضيفونه على الحالية فدفع ابو احمد وقام ليتسند على الكرسي ويذهب الى بيته وهو يشد خطاه وهو سارح بهمومه ويحاول ان يتجنب البقال و اللحام وصاحب البيت الذي يعيش فيه لأنهم كلهم ينتظرون ان يسدد ما عليه من ذمم متراكمة
فعاد الى بيته متخبطاً يائساً لا أمل عنده بأن يتغير وضعه المعاشي الى الاحسن بل على يقين ان وضعه سيسوء اكثر فأكثر ...
( اعلم ان ما كتبته لن يقرئه احد ولن يعير احد اي انتباه له ...فقد تحدث عنه الكثيرين قبلي في المقالات والمسلسلات بقعة ضوء - مرايا و مسلسلات كثيرة ولم يستمع احد ولم يتحسن وضع المواطن ولم تحل مشاكله ولكن علينا ان نتكلم ان نقول وجعنا ان نفرغ ما في صدورنا حتى ولو على صفحات لن يقرأها أحد )