كنت أسافر وحدي أتنقل بين أرجاء وطني ...أحداً لم يقتلني.. أحداً لم يقنصني, زرت ربوع بلادي الخضراء ولم أكتف بأيام الجمعات, كنت كعصفورة حرة, تزقزق بين الأشجار
كانت الطيور من حولي من كل الأصناف والأنواع تغرد بسلام وأمان.... لم يكن أحدا يرميها
غدرا لم يكن أحدا يقنصها... لم يكن أحدا يزرع بينها الفتنة...
لكن أطفالي هم من سيغردون من بعدي... أطفالي وأطفالكم..
هل سيسافر أطفالنا عندما يكبرون بأمان في أرجاء وطنهم بدون خوف عليهم ؟!...سؤال يلحّ
إصراراً... لكن بارقات الأمل تضيء في الأفق وتنادي الجميع... لتعلن إشراقة بشمس جديدة..
وإن عصفت بك أزمة يا وطني ...فإن الأزمات تصنع الأبطال, تصنع رجالا من حديد
فإن كنتِ أيتها الأزمة لم تقدري على قتلي وقتل وطني فإنك حتما ستزيدين وطني صلابة
وقوة...وستزيدني عزماً وحباً له.. سيولد الحب... وسطك..
سيرجع الأمان إلى وطني.. ستعود الضحكات تملأ المدينة... ستعود النزهات في كل أيام
الأسبوع ...
وأنت أيتها السياسة الخرقاء لا تعصفي بي وبوطني لأنك سياسة المصالح سياسة الأقوى؟!...
سحقاً لك أيتها السياسة يا صاحبة العينين الرّماديتين, لا أطيقك ولا أطيق محيّاك السخيف
ولا أطيق مصالحك الشخصية ولا أطيق من اخترعك ومن تربّع على عرشك...
يقول المثل: (قاضي الأطفال شنق نفسه) وأنا أقول: (قاضي السياسة شنق نفسه) آه يا قاضي
السياسة حاولت جاهداً أن تنصف الجميع ولكن..! إذا كنت أ أنت من بُنيَ على السياسة وعلى تلبية
المصالح فكيف ستبقى حيّاً؟!, ها.. كم أنا سعيدة؟! اشنق نفسك ومت منتحراً من صخب المصالح
وصخب القوة, من صخب عمالقتها من صخب الفوضى التي عجّت العالم...
أنت كتمثال مكسور؟! لئن أَعجب الجميع يبقى هو التمثال المكسور؟! لكنك لست فينوساً لا ...
ولا تستطيع أن تقرب لها... أنت تمثال مكسور محطم من حولك المعجبين من أمثالك كثر...
سحقا لروادك.... ولأساطيرك..!
سحقا لك تغيّر القوانين وتجعلها لصالحك سحقاً لك يا قاضي السياسة...أوَ لم تعلم.... أن جذورنا
راسخة ولا يمكن لرياح العفونة ان تقتلع جذورا راسخة ...
سنكتشف حينها حبنا لوطننا الحبيب .. ...سنكتشف كم أن حب الوطن لا يذقه خائن..!..
فقط من يحبه الأوفياء له أولئك الذين ان أرادوا أن يصنعوا الحرية فهم يصنعوها على أرض
أوطانهم وتحت سقف أوطانهم... لا يسرقون أطفالا من حضن أمهاتهم , ولا يرملون نساء
ولا يحتجزون الطفولة... بل يتركونها تلعب بسلام وأمان..
نعم أنها أزمة وهي التي كشفت لي كم أحبك يا وطني..!..ولم أكن أعلم بذلك.. هي الأزمة كشفت
لنا كم ينبغي علينا أن نحييّ حماة الوطن؟!..أن ندرك كم هم أوفياء لوطنهم الغالي...كم هم يحبونه
حتى لو أنه وسط الأزمات..؟!..