عندما كنت في المدرسة الابتدائية أتشاجر مع أحد الطلاب يأتي إلى مدرس الدين الشيخ / عبد الخالق والى خصمي ويقوم بمصافاتنا معاً , وبعد أن التحقت بالمتوسط كانوا مدرسي الدين يحثوننا على العلم وعدم إيذاء الآخرين وكانوا يقولون لنا حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (تبسمك في وجه أخيك صدقة) , وكانوا يحثوننا على تقديم الدعم الإنساني للمسلمين ولغير المسلمين ايمانآ بحديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم (لكل كبد رطب صدقة)
في الثانوية بدؤوا مدرسي الدين والشيوخ يحثوننا على التسلح بالعلم والإيمان ويحثوننا على وحدة الصف الإسلامي – وضرورة أن نحذر إسرائيل وأمريكا وأوربا بأن حكوماتهم لا تريد الخير للأمة الإسلامية والعربية , وأن أمن أمتنا الإسلامية وأخينا المسلم أهم الأمور لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلماً ، ستره الله يوم القيامة) متفق عليه .
اليوم في عام 2011 يطل علينا شيوخ أو سوبر شيوخ يقلبون موازين ما تعلمناه رأساً على عقب , متناسيـيـن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف في وئد الفتنة.
فهذا طارق السويدان – يطل علينا عبر التلفاز طالبا الشعب اليمني الشقيق بحمل السلاح وتعطيل البلد – مع العلم أن طارق السويدان هو من ذوي المعرفة والعلم لكنه ليس من أهل الفتوى ! مطالبا اليمن السعيد بتعطيل البلد هل يعقل لرجل داعية إسلامي بالخير أن يدعوا إلى فتنة في بلد إسلامي وما يهمه هو طالما أن غترته البيضاء ترفرف من هواء التكيف وصحن التمر إلى جانبه والقهوة المرة لا تنقطع عنه ومن ثم يطالب الشعب اليمني بالتمرد والإحتجاج المسلح , وهو يعلم أنه سيسقط عن ذلك آلاف القتلى لكن الذي يده بالنار ليس كالذي يده بالماء.
ومن ثم يطل مرة أخرى عبر برنامج (نبض الكلمة ) الذي تبثه ام بي سي – مشيداً بعدوان الناتو ضد أهلنا المسلمين المدنيـيـن العزل متناسيا آلاف القتلى والمشردين والأرامل والأيتام نتيجة هذا القصف ولم يتحدث ولو بكلمة واحدة عن هذا – وينتقل مباشرة للحديث عن الشقيقة سوريا ويقول (أن من يقف إلى جانب النظام السوري فهو آثم عندي) – تعالى لله عما يقول فالمثوبة والعقاب هي من عند الله وليس من عندك يا طارق السويدان متناسيا الأمن الذي تنعم فيه سوريا ومتناسيا أن سوريا أرضا لكل العرب وكل عربي يدخلها مباشرة بدون تأشيرة فهل سوريا تدفع ثمن عروبتها الآن؟
متناسيا أن سوريا التي فتحت أراضيها لملايـيـن اللاجئين العراقـيـيـن والفلسطينـيـيـن واللبنانيـيـن بالوقت الذي كانت دول أخرى تغلق حدودها وتمنع اللآجىء من النظر حتى الى أراضيها.
أما عائض القرني فالأمر حقاً حزين فبعد قرائتي لكتابه الشهير (لا تحزن) لم أستطع إلا أن أحزن وبشده على ما قاله عائض القرني – عندما قال (أن الرئيس الأسد فقد شرعيته) ولم يستشهد بحديثه لا بالقرآن ولا بالسنة بل استشهد بمقولة (أوباما) – يا عائض القرني هل أصبحت تستشهد بمقولة رئيس دولة نظامها مزق العراق الى عريقات ودكت طائرات البي 52 مدينتي الفلوجة والرمادي بأطنان من القنابل الذكية والأخرى الغبية؟ هل نستشهد بمقولة رئيس دولة أعدمت رئيس مسلم عربي شرعي (صدام حسين) رحمه الله – وجعلت جيش العراق العظيم الذي كان يهز أركان الأرض مسخ تتضاربه الأمواج – الآن أصبح أوباما هو المرجع الشرعي لحكمنا , وأنت تعلم تمامآ أن أمريكا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا ما أرادوا يوماً الخير لأمتينا الإسلامية والعربية.
لكن العرعور له موقف مضحك هو عندما طالب بموت نصف الشعب السوري كي يعيش النصف الآخر – متناسيا أن سوريا الدولة الوحيدة بالكرة الأرضية التي ليس عليها ولا دولار واحد مديونية – متناسيا الخير الذي في سوريا متناسيا الأمان الذي ينعم به الشعب السوري , واسمحوا لي أن نأخذ بنظريته الفاسدة فلو قتل نصف الشعب السوري (لا قدر الله) فان النصف الآخر سيكون عبارة عن مجموعة من الأيتام والأرامل والمشردين , هذا ما يريده العرعور وما همه هو مادام يقفز من قناة إلى أخرى وجيوبه تعبأ بالدولارات وبحقه يوجد الكثير من الفتاوى بأنه ضال مضل وكل مل عليك هو أن تكتب بمحرك البحث جوجل على الإنترنت (فتاوي ضد العرعور) , لترى فضائحه.
أما السيناتور القرضاوي فهو دائماً يدعو إلى مواجهة الموت والفتنة والقتل فالدين لا يحثنا أن نقاتل مسلمين آخرين حتى لا تكون فتنة ولا يحثنا على التهلكة و قتل أنفسنا في مواجهة بين أعزل خام ضد مسلح متمرس متدرب, قال الله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم ان الله كان بكم رحيماً ومن يفعل ذلك عدواناً وظلما فسوف نصليه نارآ وكان ذلك على الله يسيرا) – سورة النساء-آية 29–
كما أنه لم يدعو حتى إلى الصلح بين الحاكم وبين شعبه والى إيجاد الحلول العادلة والوسطى التي تضمن حق الشعب دون اراقة الدماء ودون اهدار جسد المسلم لقول الله تعالى ( انما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) سورة الحجرات – آية 9 – لكن ما همه هو دامه يعيش بعز ورفاهيه بقصره بالدوحة ويدعو المصريـيـن تارة والليبـيـيـن تارة أخرى والسوريـيـن تارة ثالثة , للفتنة والقتل وهو يعلم أن ما يقوم به أجندة أمريكية بأمتياز.
وقس على ذلك محمد العريفي ونبيل العوضي , وغيرهم من هذه الجوقة التي لم تدين حتى اعتداء الناتو وتقسيم الكعكة الليبية , متناسيـيـن أن حصة فرنسا 35 % من النفط الليبي – ولم يذكروا حتى رأي الشرع في الطريقة التي قتل بها أسامة بن لادن وشرعية رمي جثتة بالبحر – لكن هيهات هيهات أن يتحدثوا بما يحرج شيوخ أمريكا.
التضليل الإعلامي:
عندما وصلت للمرحلة الجامعية درست الإعلام في الجامعة الأمريكية ببريطانيا – كانوا يعلموننا بضرورة التأكد من مصدر الخبر وكتابته دون تبهير ودون تجريح طبعاً هذا كله , كلام في الهواء لا أساس بالواقع له مطلقاً.
قناة الجزيرة : والجميع يعلم أن هذه القناة أوجدت بشكل متخصص لبث الفتنة والتفريق بين المسلمين وبين العرب , وقد بدى ذلك جلياً في نقلها أحداث تونس والقاهرة وليبيا واليمن سوريا , ودل على ذلك موجة الإستقالات العارمة التي هزت أركان الجزيرة من غسان بن جدو ولونا الشبل وجمانة نمور لأنهم رفضوا أن يكونوا بوقاً للكذب والفتنة والخداع وآخرها اقالة كل من وضاح خنفر مدير عام قناة الجزيرة واقالة مدير الجزيرة مباشر , لفشلهما في بث الفتنة بسوريا – ان الجزيرة مازال لها متابعون كثر لكنها حرقت مصداقية أوراقها , اسمحوا لي أن تعتبروني ايها القراء الكرام شاهد عيان فقد كنت بسوريا اذ بالجزيرة تضع خبرا عاجلا بأن الدبابات تدخل حي برزة في الليل , تصادف هذا الخبر بينما كنا وأصدقائي نتناول وجبة مندي في وسط حي برزة – فتجولنا فلم نرى لا دبابة ولا حتى عسكري واحد كل ما رأيناه سيارات تاكسي و باصات وشباب بسياراتهم يستمعون بصوت عال لأغاني (علي الديك) و (سارية السواس).
خبر آخر بثته الجزرة عن مظاهرات صباحية حاشدة بركن الدين , فاتصلت بصديقي القاطن بركن الدين أسأله عن مصداقية هذا الخبر فقال لي (تعال وشوف) فذهبت الى محله لأشرب القهوة – أقسم بالله العظيم أنني ما رأيت لا مظاهرات ولا حتى مسيرات .
ومرة أخرى تبث الجزيرة مقطع على حد قولها لمظاهرة بأدلب , نفس المقطع بث باليوم التالي بأنها مظاهرة في ضواحي حلب.
شاهد عيان في حديثه مع مذيع قناة الجزيرة ويقول له هناك مظاهرات أمام الجامع العمري – يحاول مذيع الجزيرة مباشر أن يظهر الحيادية فيقول لشاهد العيان هانحن ننقل صورة الجامع العمري ولا توجد مظاهرات – فيقول له شاهد العيان بأن الصورة التي تعرضونها على قناة الجزيرة ليست للجامع العمري فيرد عليه مذيع الجزيرة: حسنا قل لنا أي جامع هذا الذي نعرضه فيقول شاهد العيان : لا أدري ليست لدي تلفزيون الآن !!!
قناة العربية : كانت حيادية في بادىء الأمر اتجاه أحداث ليبيا واليمن وكذلك سوريا لكن الأمر انقلب معها إلى أخبار عربية بطعمة قناة الجزيرة.
قناة فرانس24: وضعت بأحراجات لا حدود لها وإسقاطات شديدة من ضمن ذلك بثها لخبر استقالة سفيرة سوريا لدى فرنسا لمياء شكور – وجائت على أساس أنه سبق صحفي وخبر عاجل - على أنه أكدت السفيرة بذاتها لقناة فرانس24 بأنها استقالت فما كان من قناة الدنيا السورية الا أن عرضت لقاء تلفزيونيا مع السفيرة لمياء شكور تنفي بشكل قاطع ما بثته قناة فرانس 24 – ولو أن هذه القناة تملك واحد بالألف من المهنية لسجلت استقالة السفيرة وأعادت بثه – لكن يمكرون والله خير الماكرين.
وقس على ذلك قناة البي بي سي – وقناة الحوار المملة التي لا تأتي إلا بضيوف لا يعلمون حتى كيف يهاجمون وكذلك قناة المستقلة.
قناة أورينت : هذه القناة التي يملكها غسان عبود – كل سبب حقده أنه يأمل أن تدعم هذه القناة ويساهم بحصة كبيرة كي يستفيد ماليا – وعندما لم يتحقق طلبه تحول إلى معارض – فقناة أورينت قناة لا تبث الكذب بل هي الكذب والغش والخداع بشحمه ولحمه كيف لا , وهي التي تستضيف الفاسدين المعروفين بفسادهما محمد رحال ومأمون الحمصي – وهذه القناة التي تتاجر بدماء السوريـيـن وأعراضهم بتركيا – هذه القناة التي تدعوا الى تدخل دولي في سوريا وما هو الا دعوة خيانة إلى احتلال دولي , في نهاية الأمر هذه القناة ممله لا ترتقي حتى الى درجة فضائية .
ففي أحد نشراتها قالت أن دمشق خالية من أهلها ..ويحكم من كاذبين كيف ذلك وأنا كنت في ذلك الوقت بدمشق – والشوارع تعج بالمارة والسيارات – اذهب الى ساحة عرنوس والصالحية والحميدية لن تجد مترا واحدا تستطيع أن تمشي به بخط مستقيم.
ان شيوخ الناتو وقنوات التضليل الإعلامي تناسوا العدوان على ليبيا وتناسوا أن لو بأمريكا خير لظهر بالعراق لكن لم يظهر بالعراق إلا الفتنة والتفجير والقتل والحرب الطائفية هذا ما وضعته أمريكا وهذا ما يضعونه أيضاً أمريكا وبريطانيا وفرنسا والطليان في ليبيا...ساذج من يعتقد أن هذه الدول تقدم الخير للأمة الإسلامية والعربية وأكثر سذاجة من يعتقد أن الناتو تحرك بهذا العتاد من أجل عيون الليبيين , وجاهل من يعتقد أن شهبندر التجار رجب أردوغان الذي رفع يده بيد فرنسا وبريطانيا في طرابلس – باب العزيزية – يريد الحرية للشعب الليبي.
فعندما يزورا السفيرين الأمريكي والفرنسي للمتظاهرين في حماة ويحضرا مجلس عزاء يجب أن نقول لهما شكرا لأنكما أثبتما للعالم أن هناك مؤامرة على سوريا فيجب على حكوماتهما أن تعاقبهما بتهمة الغباء السياسي .
المحزن في الأمر أن بالعصور السابقة كان المحتل يأتي للبلاد العربية بجيشه وعتاده وتبدأ المقاومات العربية لكن للأسف المحتل أصبح أكثر خبثا يأتي للبلاد عن طريق أما جهلة أو خونة من أبناء البلد ذاته تحت اسم الدين والشهيد والتحرير والثورات العربية وهذا ما حدث في العراق وليبيا – سيناريو عراقي جديد تكرر في ليبيا , يا قوم لا تقودكم أمريكا والغرب تحت راية الله أكبر – حي على الجهاد ولا تغتروا بشيوخ الفتنة وقنوات الخداع, القاعدة وطالبان كانتا تحظيان بدعم أمريكي خلال حربهما ضد الإتحاد السوفيتي في ذلك الوقت , ففتح باب الجهاد في الأمة الإسلامية وبدأ بعض الشيوخ يتحدثون عن فضل الجهاد وكرامات المجاهدين الأفغان منهم من أسقط طائرة روسية برصاصة ومنهم من رأى ملائكة تهبط من السماء تقاتل إلى جانبهم لكن عندما أصبحتا تحاربان أمريكا أصبحتا منظمتان إرهابيتان وأقفل باب الجهاد وصمت الشيوخ وما عندنا نسمع عن كرامات المجاهدين ولا عن ملائكة تهبط من السماء وهذا تماما ما يحدث في ليبيا بمجرد إنهاء المتمردين لمهمتهم سيقتلهم الغرب وهاهي فرنسا بدأت تدندن عن وجود عناصر من تنظيم القاعدة في صفوف ثوار الناتو.
كل هذا ويأتي من يطالب بسوريا بلا حوار وحماية دولية أي احتلال دولي لكن بمسمى أكثر تنميقاً فالعار للمطالبين بذلك – الخزي والعار لكم ...الخزي والعار لكم..الخزي والعار لكم.