كلما جاء ذكر جامعة الدول العربية...مباشرة أتذكر جدتــي شفاها الله...دعوني أحدثكم عن جدتــي: فجدتي هي (عمدة عمارتنا ساكنوها من جنسيات عربية مختلف) اطال الله في عمرها, فلقد وصلت جدتي الى مرحلة مستعصية من مرض الزهايمر هذا المرض الذي ينسيها كل الماضي والحاضر والمستقبل ينسيها كل أواصر الأخوة العربية
فلقد كانت جدتي تحاول دائماً أن تركض وتقتنع بأنها شابة لكنها دخلت مرحلة شيخوخة وبدلاً من أن تراعي أصبحت بحاجة الى من يراعيها فبالأمس كانت على عكاز واليوم أصبحت على كرسي متحرك وخوفي غداً أن تدخل في غيبوبة وتصبح على السرير الأبيض , ودائماً تقول ما لا تفعل والشيء الوحيد الذي تفعله بأنها لا تفعل شيء عجوز مسكينة, وتحاول جدتي جاهدة على كرسيها المتحرك أن تصلح بين الجيران الساكنين في الطوابق العليا والسفلى لكنها لا تستطيع الصعود الى الأدوار العليا بكرسيها المتحرك لأن المصعد معطل لعدم سداد الجيران لفاتورة الكهرباء وفاتورة الصيانة والوفاء بالتزاماتهم المالية اتجاه العمارة,
وتحاول جدتي الإستعانة بجار غير عربي بعمارة مجاورة فتقوم بالحديث معه وطلب دعمه فيهملها فيرسل وريقة صغيرة ويكتب بها أفكاره ومقترحاته التي لا تفيد جدتي ولا الجيران شيء حتى أصبحت جدتي العجوز من شدة ضعفها لا تتحرك الا عندما يأمرها عمدة العمارة التي بجوارنا ويدعى عمو سام, ودائماً تجتمع مع سكان العمارة تارة بدورة اعتيادية وتارة بدورة استثنائية ولا قرارات جديدة , حتى ابناء العمارة حفظوا القرارات وصاروا يعرفوها من قبل ما تصدر, وبعد الإجتماع كل جار يعود إلى بيته ويبدأ بمهاجمة جاره من شرفة المنزل وكأنهم ليسوا جيران تجمعهم حق الجيرة وحق الدين واللغة والتاريخ , ولا يتحرك جيران العمارة الا حسب ما يأمرهم عمدة العمارة الأخرى عمو سام.
وما زالت جدتي تستيقظ فجأة من منامها فتصرخ وتستنكر ومن ثم تنام الى أن وصلت الى حد أن لا تستنكر مطلقاً, الله يشفيها انه مرض الشيخوخة وهي في خريف العمر .هذه هي باختصار جدتي الحبيبة ..وهي الوحيدة التي يحق لها ان تغضب من مقالي هذا.