لا شك أن ما يجري في سورية اليوم لم يكن أحد يتوقع حدوثه ذات يوم ! فأن يصل الأمر الى ما وصل اليه من فوضى وتخريب وقـتل .. لم نعهده في بلدنا وبهذه القسوة ذات يوم !!؟
هناك مشكلة ، نعم هناك مشكلة ومشكلة حقيقية وكبيرة ! ولكن ، هل الحل كما نراه يمارس على ارض الواقع ؟ وبغض النظر عن من كان يحكم سورية ، وفي أي زمن ، فأننا والى عهد قريب ، لم نعهد سوى الأمن والأمان يخيم فوق ربوعنا ، ذلك الذي كان يزين حياتنا . فما الذي اعطتنا اياه هذه الفوضى وقد دخلنا في شهرها السابع من العناد الذي لا طائل من ورائه ؟!
إن المشكلة التي تتراءى للعيان ، ليست تحقيق مطالب وحسب ،على أحقية الكثير منها ، بل انزلقت إلى صراع قوة وتحد ولي ذراع ،لا يمكن أن يثمر إلا عن مزيد من الخراب والقتل والترويع وللأسف ! فما النتيجة التي يحلم بها ايا كان والأمر على ما ذكر ؟ ما هكذا تتحقق المطالب ،ان كنا حقا نريد تحقيق شيء ما والقيادة السياسة فتحت قلبها وعقلها على مصراعيهما وقالت : تعالوا نتحاور ، تعالوا نرسم معا ملامح المستقبل المرتجى من لقمة الخبز الى فاتورة الكهرباء ..حتى دستور الدولة !!. ولكن من يفكر في الاستجابة والتعامل بايجابية لقاء ذلك ؟ان كل ما نلاحظه اليوم هو هذا الظهور الاعلامي لهذا الكم الهائل من المنظرين والتنسيقيين وشاهدي العيان !! من اين نبق كل أولئك لسنا ندري ؟ من اين اوتوا هذه الدرجة من اختراع الأشياء ودبلجتها والحديث المستفيض عنها ، لست ادري ؟!ولكنهم غالبا ، ونحن على ثقة كبيرة ،لديهم أغلبهم مشكلة ما مع حكومة ما في زمن ما، وتجدهم ينظرون ويقترحون وينجمون في مستقبل الأيام ! لكنهم لا تجد بوصلتهم تتجه إلا باتجاه خراب وأذية اهل البلد ، فقط لأن ذلك يشفي غليلهم الدفين !! حتى لو كان الثمن دمار البلد وللأسف !! فلا فرق عندهم وهم بعيدون ، و يناضلون كما يدعون ولكن عن بعد ، لكنهم ينتظرون نصيبهم من الكعكة وكأنهم يوما لم يكونوا من ابناء هذا البلد !!
انهم بعيدون عن الخطر واحلامهم السوداء تتراءى امامهم دانية القطوف كلما تكالبت قوى الغدر واشتد حرص امريكا على تطبيق الديموقراطية المزعومة ، ودون ان يدفعوا ثمن ما يحلمون قطرة دم !!
اليوم ، إذا سألنا أيا من هؤلاء ما ذا تريد يا أفندي ؟، فلا جواب لديه سوى : لا نريد الرئيس !!؟؟ اما لماذا ، فليست لديه اجابة؟! ذلك لأنه مبرمج لذلك نظريا ، وعلى ارض الواقع مكلف أن يشيع الفوضى !!ولكن من قال لمثل هؤلاء ان سيادة الرئيس متمسك بالرئاسة من اجل الرئاسة ؟ أن بشار الأسد طول عمره لم يكن الا حاملا هم هذه الأمة وحاضر و مستقبل هذا البلد ومصلحته وامنه وامانه ، وكل ذلك أمانة في عنق سيادته وهو خير من حمل الأمانة . ان سيادته يسعى اليوم الى نقل سورية الى وضع آخر تكون فيه نموذجاً يحتذى بين دول المنطقة والعالم ، لكن هؤلاء يستعجلون خراب سورية كرمى عيون اسيادهم في امريكا والغرب وخسئوا ان يتم لهم ذلك بإذن الله .
من يمكن ان يتحاور اليوم مع من ؟ من هو الفريق الأول ومن هو الفريق الثاني ؟ هل الذي يذبح ويقتل ويقطع الرؤوس والأرجل ويرميها في نهر العاصي فريق يستأهل اصلا ً ان تحاوره ، بل حتى ان تنظر اليه ؟ ان الذي يقتل انسانا بريئا ً له عائلة واطفال واهل يحمل خبز يومهم اليهم وهو عائد الى منزله واطفاله لا يمكن ان نعتبره انسانا حتى نعتبره مؤهلاً للتحاور؟ واذا كان هؤلاء يدعون انه لا يمكن لهم ان يتحاوروا مع الدبابات والمدافع نسألهم : من الذي تسبب في نزول الدبابات الى الشوارع ، هل توجد دولة في العالم لا تقف وبكل اشكال القوة في وجه من يخرب وينشر الفوضى مهما كانت الذرائع والحجج؟!
اننا لو استطعنا ان نسأل بعض هؤلاء عما يريد تحقيقه تماما فهل يعرف الجواب ؟ هل ادل على حمق بعض هؤلاء من انهم يمنعون اولادهم من الذهاب الى المدارس لاكتساب العلم ويعلمونهم الشعارات الغريبة المخجلة ؟ ومتى كنا نتعلم لهدف سوى العلم بذاته ؟ اليس العلم سلاحنا للمستقبل ، اليس العلم من صلب تعاليم ديننا وشريعتنا ؟ هل حرق المدارس وقتل المدرسين واجبار الأبناء على الانتظام في مسيرات تردد فيها كلمات يندى لها الجبين ،، عمل حضاري ؟؟!هل قتل انسان في الشارع ، طبيبا كان ام ضابطا او حتى مسؤولا ، يلوي ذراع الحكومة ؟ هل احراق سيارة حكومة او حتى سيارة خاصة لرجل يدفع اقساطها من خبز عائلته امر حضاري ؟ ومن يدفع ثمن ذلك عمليا ً ، هل ثمة انسان غير المواطن المعني نفسه ؟ يعني هل فعل ذلك يجعل وزير الاقتصاد مثلا ً يستقيل ؟ وحتى لو استقال فهل يكون من حرق ودمر قد حقق حلمه ؟؟!!
وماذا لو حدث وتم التغيير المطلوب والتطوير الذي نحلم به ، فمن يستطيع ان يعيد هذا او ذاك الى اهله وعائلته ؟ وماذا لو لم نقتل ونخرب ألن نستطيع تحقيق المطالب إلا بالقتل والتخريب والشتم والمسبات ؟ ومن قال إن القتل والدمار والخراب يعطي النتائج المرجوة يوما ؟ ترى لو خرجنا نعبر عن مطالبنا بكل حضارة والتزام ، ودون قتل وحرق وتدمير وشتم ومسبات ، ألن نحقق ما نريد ؟ وطالما انه لم يعد ثمة محرم او ممنوع كما كان سابقا ً سواء المادة الثامنة من الدستور او غيرها ، حتى القوانين التي صدرت حديثا ً مثل قوانين الإعلام والانتخابات والأحزاب اذ أنها كلها قابلة للتغيير والتطوير ، ولا شيء مقدس سوى الوطن ، فأين المشكلة ؟ طيب ، إذا لم يرتدع هؤلاء وبقوا على عنادهم ، فما الذي يمكن ان يحدث غير ما لا يمكن ان يرضى به أي مواطن سوري فيه ذرة وفاء لبلده ! الا ترون الشرائح المتطفلة كيف بدأت تعمل ؟
فبمجرد اصدار قوانين بشأن الاستيراد ، اختفت المواد من المخازن فورا ً مع انها بمئات وملايين الأطنان ، وتضاعف سعرها ، فهل هذا هو الاصلاح الذي يريده هؤلاء ، ام انهم يتابعون ما امرهم به جلادهم ، وهو ان يخربوا البلد ؟!
اخي لن نكرر الاسطوانة التي صار امثال هؤلاء يمقتون ترد يدها وتكرارها حول سورية ودورها القومي ، ولكن أليس ما يحدث اليوم وبفعله هؤلاء هو غاية ما كانت تحلم به اسرائيل ، وانه يتحقق لها اليوم وبثمن بخس ؟! اقسم بالله العظيم ، واتحدى كل انسان على وجه البسيطة ، انه لولا سورية ومواقف سورية عبر تاريخها النضالي الطويل ، لكان اليوم ملوك وجلالات وفخامات العرب بحاجة الى اذن من اسرائيل حتى لو أرادوا الذهاب الى بيت الخلاء ...! حرام عليكم ما تفعلونه ببلدكم ، افيقوا من غفلتكم ايها الشباب . انتم اساسا ً ابناء هذا الوطن، ومهما كانت الأسباب ، فلا يوجد مبرر يجعلكم تفعلون بوطنكم ما تفعلونه اليوم، مهما كا نت ! واحذروا دعوات الموتورين وأدعياء الدين ، فلم يبشر ديننا العظيم الا بالسلام والتراحم والمحبة
ايها السوريون ، يا بعض السوريين خاصة أولئك الذين يتناسون ! تذكروا سنوات عيشكم المشترك ، تذكروا كيف كانت محبتكم لوطنكم هي خيمتكم التي تستظلون بها جميعا ً . تذكروا تحاببكم وتفانيكم في خدمة وطنكم ومجتمعكم أخوة مخلصين . ولم ولن تكون اسرائيل وامريكا يوما تحبكم وترضى لكم الخير ، واعلموا تماما ً ان ظفر اسرائيل عند امريكا والغرب ساعة المفاضلة ، يعادل كل امة العرب .. قد نختلف وهذا امر طبيعي ، وقد يستشري الخلاف ، ربمــــا ، ولكت لا يبرر ذلك ما يقوم به البعض وللأسف اليوم ..
دعونا نبني وطننا من جديد ، ولتكن شعاراتنا الاصلاح والمحبة والتعاون ، ووالله سنحقق ما نريد بالمحبة اضعاف ما يمكن ان نحققه بالعنف ، هذا ان استطعنا تحقيق شيء ما بالعنف ، وما العناد الذي ركب رأس كل الفرق إلا محض كفر ، والكفر آخرته نار جهنم في الدنيا قبل الآخرة ، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .