لم يكن بإمكاني أن أكون قاسيا لدرجة الكفر
دون أن أصاب بنوبات من الجنون أحطم فيها ما أراه أمامي
لأن السعادة التي حلمت بها طوال عمري لم أحظى بها
رغم كل الهالة التي رسمت حولي
ويالتيني كنت فقيرا وفي قلبي طمأنينة حكيم وثقة عابر ........
ومع ذلك لم أستطع التخلي عن أي عمل تعودت أن أمارسه على مر السنوات....
علاوة على أن أبنائي ساهموا مع أحفادي في ازدياد تذمر مجلس أعيان البلدة
من ازدياد سطوتي وتناقص نفوذهم........
الى أن جاء ذلك اليوم الذي لن أنسى كيف مرت ثوانيه متباطئة متثاقلة
وكأن الزمن أراد أن يتآمر مع المكان ليزيد من معاناتي.......
كان الوقت عند الغروب وكنت كعادتي أتأمل ذلك المنظر البديع
من نافذة غرفة المكتب المطل مباشرة على البحر.
ويومها شعرت أن أمرا جللا سيحدث
فقد انقبض قلبي بشدة وأحسست أن الشمس الغاربة هي شمسي أ نا
فلن تعود لتشرق أبدا الا بمعجزة ....
فقد وصلني خبرا أن مجلس الاعيان قرر أن يتخلص مني بأي ثمن
وكان من يقود هذا الاتجاه وحيد آغا
والذي كان من أكبر المتضررين من وجودي
خضت في شبابي حروبا كثيرة خرجت في أغلبها منتصرا ولكن
الآن وبعد أن فشلت في جعل أبنائي أن يكونوا رجالا فما عساي أن أفعل ؟!
لو كان الامر متعلقا بآغا واحد لهان الامر ......
حسنا هذه المرة لم أهرب فلم يعد في الامكان اللعب على الزمن
والطبائع والهمم ...
الواقع أني فكرت أن أقوم بعمل انتحاري
وأرتكب مذبحة بحق هؤلاء الذين يريدون أن يستولوا
على ما قضيت خمسين عاما في جمعه ...
لم أحبذ هذه الفكرة المجنونة....
و آثرت أن أذهب بنفسي إلى وحيد آغا
وأحاول أن أساومه علني أظفر ببعض من لمم .
كمحاولة اليائس الأخيرة من النجاة بتعلقه بقشة حقيرة .
مذ دخلت إلى قصر وحيد آغا قرأت حكم الإعدام في عينيه .....
مما جعلني أخرج مسرعا دون أفاتحه بالموضوع .....
ذهبت الى الشاطئ الذي احتواني ورعاني وأنا طفلا وبكيت بحرقة
لأول مرة من سنوات طويلة بعيدة نسيت خلالها طعم الألم والدموع .............
حسنا لم يعد لدي خيارات كثيرة ...............
اما أنتظر قتلي أو أن أهرب كجرذ جبان
أو أن أعود الى حضن أمي وأبي الذين لم أراهما في حياتي .......
والآن وختاما اذا أردتم أن تعرفوا عني.........
عليكم أن تسألوا قطرات
البحر المالحة.
تمت