أيلول 2010
تهب نسائمك تحوي مرة أخرى بعد أن تاهت عني, تعود كما لو أنك لم ترحل ، تنادني بحبي و تبث لي بهمومك وأنا أقرأك مبتسمة ، باحثة عنك بين أحرف كلماتك المقتضبة علني أكمل رسم شخصياتك ـ ذاك الرسم جرت عليه أربع سنوات ولم يكتمل لأني في كل مرة انتهي منه ترحل، لأكتشف خطأ ما رسمت، امحي أجزاء منه وأعود لرسمها مع عودتك .
تربطني بك شعيرات رغم رقتها إلا أنها تأبى أن تنقطع ، تبدو قصتنا لسامعها كضرب من الجنون والأوهام في الواقع كثيرا ما اسأل نفسي إذا كنت أنت احد أوهامي ، ورغم صور جمعتنا لبت واثقة انك شخص وهمي يأتني في أحلام يقظتي.
أصبحت أنكر وجودك أمام صديقاتي ـ لأني أخاف من نظرات السخرية لعلاقة افتراضية ربطتني بك لسنوات , بينما أكتب عنك ، أشعر بحاجتي لوجودك المادي بجواري أكثر من قبل ، أنا واثقة من قراري الآن إني أريدك وأنت قدري الذي اجري نحوه رغم طول الطريق , يا حبي الأول اقترب قليلا فقد بدأ التعب ينال مني وأصبحت خطواتي نحوك أبطء ورغبتي بك أكبر .
كم صار لنا 4 سنوات لا أدري !!!! ربما لأني لم اعد اعتمد المقاييس البشرية في حساب الزمن ، ابحث عن مقاييس تحول بعدك لأجزاء من الثانية ،أو لأني أعيد تصفير الزمن في كل مرة تعود فيها لحياتي .
مازلت أرسم تفاصيل لقائنا المرتقب ، أين ؟ في مكان لقائنا الأول على مائدة غداء تفصلني مسافات بشرية عنك وتقربني نظراتك الخجولة نحوي ،لم أكن حينها أعلم بأهميتك المستقبلية واستهجنت كلماتك التي اقتحمت حديثي .
أم على كرسي الحديقة الذي أرخينا أرجلنا المتعبة فوقه ، بعد أن قضينا ثلاث ساعات كنت ابحث فيها عن جمال الطبيعة الغناء وأنصت إلى أصوات العصافير المغرَدة وأشكالها التي طالما شاهدتها على التلفاز في ذاك الوقت كنت أنت تبحث عني ، تستكشف أنثى أحلامك في جسدي وينمو في داخلك حب عشقي من النظرة الأولى يشع من حدقة عيناك السوداويتان ، وتنصت إلى كلاماتي لتحرقني بنظراتك المحدقة تقرر بعدها التقاط صور عشوائية أكون بطلتها .
ولكن إن كان الله قد شاء أن يجمعنا سوية في زمن ما فأنا في الواقع أفضل على أرضك وبين اهلك، لطالما حلمت بفيديو خيالي عن لقاءنا هناك ، أسافر إلى بلدك في رحلة لا أخبرك عنها ، أرتدي تنورة سوداء تتجاوز الركبة بقليل و قميص حريري خفيف وفوقه معطفي الصوفي أضع شالي الأحمر كعنوان لمغامرة مجنونة في اكتشافك .
استدل على بيتك من احد المارة واطرق بابه، تتفاجئ والدتك بامرأة غريبة ولكنها جميلة وأنيقة تسأل عن ابنها في هذا الوقت الذي من المفروض أن يكون وقت عمل ابنها ، اعرَفها عن نفسي بخجل وأطلب منها أن تدلني على مكان أجدك فيه ، فتطلب إلي الدخول بكل رقة وكأنها تستشعر ما يربطني بك .
أدخل على استحياء إلى بيتك البسيط والهادئ بألوانه زخارفه الفلكلورية ونظافته المفرطة واشتم رائحة طبخ طيبة ، اجلس هناك منتظرة قدومك. أتبادل بعض الأحاديث مع والدتك التي تحولت دهشتها إلى نظام للاستفسار والسؤال وأنا أجيب باقتضاب محاولة أن اخفي لهجتي المحلية ، وتفتح باب المنزل بعد وقت قصير ويتناهى إليَ صوتك تنادي والدتك ، ذلك الصوت الذي عشقته قبل أن اعشق صاحبه ، تتسارع نبضات قلبي واستعد للحظة التاريخية في منحنى حياتي ، هنا تقول والدتك ، - أجاك ضيوف يا وليدي
أبقى متسمَرة في مكاني أبحلق في الباب الذي ستأتيني منه ، تجيب على استعجال : من ؟؟ بينما تخطو نحو غرفة الاستقبال ، أرفع رأسي نحوك وأقول بلهجتي المحلية : شلونك ؟؟؟
نحن لطالما جمعنا الزمان لأربع سنوات كنا نبحث فيها عن مكان يجمعنا لذا سأطلب من الزمان أن يتنحى الآن ليدع المكان يحيط بقصتنا ، يحجم لساننا عن النطق بأي كلمة .يتوقف خيالي عند تلك اللقطة الجميلة لاني استمتع بها في كل مرة أعيد فيها هذا الفيلم ، لا تهمني النهاية ، فانا لطالما كنت فتاة الأحداث لا البدايات ولا النهايات ، فغالبا اترك البدايات والنهايات ليصنعها غيري .
و ما أكثر خسائري لذلك السبب ولكني أبقى سعيدة بذكرياتي الغنية بالأحداث والصور . تعجز الآن أفكاري عن المتابعة ، أجد نفسي مضطرة للانتظار لاستجدي أحداث ستلي لقاءنا ، اعرف أني سأمضي أيام معدودة معك ، وأوقن انك ستمسك بيدي لأول مرة لتتدفئ بين أصابعك ، في هذه المرة سأستجيب لذراعك الممدودة وادع يدي في كفك لتنهل منها ولتكفر لك عن خطأ سابق لتجاهلها لك في الماضي.
هل ستضمني بين ذراعيك دون أن تفلتني لأبقى أسيرة ضلوعك أم أني سأعود محملة بذكريات جديدة ؟؟!!