news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
شعر
عِنْدَما أَتَأَلَّمُ في جَسَدِ غَيْرِيْ !!... بقلم : مصطفى قاسم عباس

...راقدٌ بجواري على سريره الأبيض...ذاهبٌ في سُبات عميق..


أسمع أنيناً هامساً يُعتَصَرُ من روحه , فتئنُّ روحي , ويهتزُّ كِياني, وأرنو إلى جراحه فأتحسسُ مواضع الألم في جسدي لأن آلامي هي آلامُه , وأحزاني هي أحزانُه ....

 

..وجهٌ ملائكيٌّ , ونظرةُ براءةٍ طفوليةٍ ممزوجةٍ مع الألم  أراها في عينيه الذابلتين...

نعم , لقد تأكدتُ اليوم وتيقنتُ أن الإنسان قد يتألم في جسد غيرِه , كما أنه ـ كما قالوا ـ يجوعُ في بطن غيرِهِ ...

يصحو أحياناً من التخدير فيسألًني بصوت خافت متهدجٍ عن الوقت , لأنه للمرة الأولى ينام خارجَ فراشه وبيته وقريته, ولم يرَ حوله إخوته كما العادة....

تُحبَسُ العَبرة من عيني فتجري من عينه , ويعتصرُ الألم فؤادي وما ذاك إلا انعكاسا لما يعانيه من سقم...

 

...إنه ولدي البكرُ قاسمٌ [عمره إحدى عشرة سنة ]مستلقٍ على سريره في المشفى بجانبي بعد أن أُجريتْ له عمليةٌ جراحية ,كُلِّلت بالنجاح بحمده تعالى .

أولُ كلمة قالها بعد خروجه من غرفة العمليات ـ ولا يزال أثرُ المخدر مسيطراً على منطقه وجوارحِه ـ  بابا : هل انتهتِ العملية ؟ فأجبته : نعم يا بُني....

ثم أخلد للنوم , وعاد من جديدٍ يغفو في سُباته العميق ..

 

 أمّا أنا فقد أبى صاحبي القلمُ إلا أن يشاركني في لوعتي وحُزني , وأبْحَرَ معي في خِضَمِّ الشعر, فجاءت هذه القصيدةُ :

 

 

تألَّم جـانبـي طفـلـي وأنَّـا                    فهام الـوجدُ فـي قلبـي وحــنّـا

 

ولَوَّعَني , وأشعلَ جَمـرَ قـلبـي                 ...فصُغْت من الْجَـوى شِـعراً ولحنـا

بدتْ في وجهه أوجـاعُ جُـرحٍ                    فغـشّـتْ نـورَ ذاك الـوجهِ دُجْـنا

 ويبْسِمُ ثـغرُهُ , والـقلبُ باكٍ                     وبسـمتُـه تُـزيـد الـقلـبَ حُـزنا

يَمُرُّ الوقتُ في بُـطءٍ شـديـدٍ                     ولـم يُـغْمِـضْ مـن الأسْقام جَفنـا

 

يقول : أبي , فأسـمعـه بِكُلِّي                      عجبتم ! قـد يـصـيرُ الـكُلُّ أُذْنـا

شعرتُ بأننـي أُرْمَـى بسـهم                     يغـور بـخافـقي , وغدوتُ مُضنى

وجرَّعنـي الأسى كـأساً مريراً                     فطـفلـي صـارَ لـلآلام رهْـنـا

وصرتُ أنا المريضَ , فذي جراحي                 تُعذبُنـي , وصـرتُ أنـا الْمُـعَـنَّى

 

...يـحاول أن يخفّفَ من مُصابي                  فيُخفي حُـزْنَـه , والـعـيـنُ هَتْنا

إذا مـا نـوبـةُ الآلامِ حـلّت                     به , أغـضـى حـيـاءً ثـم عَـنَّا

صغيري : والأسى يغشى كِـياني                   لـو الإنـسـانُ يُـدرك مـا تَمنّى

فإني اليومَ أحـملُ عنك جُرحـاً                   وأسقـيـكَ الشِّـفـا شُـهْداً ومَنّا

 

وأفرشُ مقلتـي وشَغَاف قلبـي                     لتَسْعَدَ ـ يـا بُـنَـيَّ ـ بِها وتَهْنـا

لوِ الآلامُ تُـحـبس فـي مكانٍ                     لكنتُ جعلتُ منـي الـروحَ سِجنـا

ولكـنّ الإلهَ قـضـى قـضاءً                    فنحـمـدُ ربّـنـا البـاري وإنّـا

نقـول : إذا قـضى الرحمن أمراً                  مضـى , شئـنـا بـذلك أم أبَـينا

 

2011-11-17
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد