وأخـذتُ أمسـحُ عَـبرتِي وأُواري
خلفَ الـجـفونِ تَحـرُّقـي وأُواري
وتطـاولَ الليـلُ البهيـمُ فلا أرى
صبحـاً يُعـيد لـمُـقلتـيَّ نهـاري
فمزجتُ روحي فـي مِـداد محابري
وتـأوَّهت لـتـأوِّهي أســفـاري
ونظمتُ في ظُلَمٍ حـروفَ قصيدتي
ما أجـمـل الأشعارَ فـي الأسحارِ !
ليلٌ يُلازمنـي , وفجـري نـازحٌ
حتـى متـى أبقـى بـلا إسفـارِ ؟!
وكم امتطيتُ الحزنَ بــحراً هائجـاً !
وقصـائـدي مـلَّـت من الإبـحارِ
خبأتُ سرّي خلف أضــلُع خافقـي
وطويتُهُ عنّـي , وعــن أفـكـاري
فتفجّـر الـبركانُ بــعـد كُمـونه
دمـعـاً دفـيـنـاً بــاح بالأسرارِ
عجباً لشعرٍ بـحرهُ بحرُ اللظــى !
لا تعجــبوا ! أنـا هـكـذا أشعاري
تدمي قوافي الشّعر , جرّحَـــها الأسى
ودمُ القوافـي مثـلُ نَـهْـرٍ جــارِ
هل أبصـرتْ عـيـــناكَ شعراً باكياً
ودمـوعُـهُ عِقـدٌ مــن الأقـمـارِ ؟ !
ساءلتُ نفسي : أيــــن أحبابي مضَوْا ؟
ومتـى سـتـجمعنـي بـهم أقداري ؟
أصحو على طيـــفٍ يداعـب مُقْلتي
وأنام , لـكـنْ طـيفُـهُم بـجواري
آوي إلى الأطـــلال , أجلـس بائساً
فهـنـا رأيت أحبتـي .. فـي الـدارِ
وغدوتُ بعد البـــين أرنـو حـائراً
وإذا الكواكبُ فـي الـمـسا سُمَّاري
حَمَّـلْتُ أنســــامَ الشـتاءِ رسالةً
... فأتـى الـجـوابُ إليَّ فـي أيـارِ
كم سافرت عبــــرَ الرياح قصائدي !
لكـنهـا سئمـتْ مـن الأسـفـارِ
فمتى سيجــــمعنا الزمـان ونلتقي ؟
أم هـل سأُمضي العُمْـر بالتّـذكـار ؟
أتُرى؟ سيُجْمــــَعُ شـملُنا بحيـاتنا ؟
أم بعـد رصــفِ القـبر بالأحجار ؟