الأخوة القراء...
من خلال مطالعة العديد من المشاكل التي تعرض في زاوية "أسأل مجرب" على صفحة سيريانيوز، فقد وجدت رابطاً كبيراً بينها يتمثل في إدمان الكثير من الأخوة على مشاهدة الأفلام المحرمة، و ما تسببه نتيجة لذلك من شذوذ ظاهري و باطني، و إدمان للعادة السرية، و مشاكل أسرية و زوجية، و غيرها من الآفات الاجتماعية
و لذلك فقد ارتأيت أن أضع بين أيديكم مقالاً أخذته من أحد المواقع حيث وجدت فيه الفائدة الكثيرة، و ألفت نظركم إلا أنني لا أحبذ استعمال كلمة "أفلام إباحية" حيث أنه لا يوجد فيها ما يباح، بل هي أفلام محرمة أرادوا أن يسموها إباحية كي يختلط معناها على الجيل و تستساغ مع الزمن.
و فيما يلي المقال الذي يتطرق لأسباب إدمان تلك الأفلام و علاجها:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يقول الله تبارك وتعالى:
{إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً} [الإسراء: من الآية 26]
نعمة البصر من النعم التي يمتنّ الله بها على عباده ليؤدوا شكرها وهي كثيرة لا تحصى.
قال الله تعالى: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} [النحل:18].
العين "نعمة" والله تعالى يقول: {لئن شكرتم لأزيدنّكم} وشكر النّعمة يكون: باستخدامها فيما يحب الله ويرضاه.. وكفر النّعمة يكون باستخدامها فيما يبغضه الله ويأباه..
ولقد حرَّم الله الزنى، وحرَّم كل وسيلةٍ تُوصِّل إليه، فقال سبحانه: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} [الإسراء:32].
أولاً: فوائد غض البصر:
1- أن غض البصر امتثالٌ لأمر الله، قال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} [ النور:30] وامتثال أمر الله هو غاية سعادة العبد في الدنيا والآخرة.
2- غض البصر طهارة القلب وزكاة النفس والعمل.
3- غض البصر يمنع وصول أثر السهم المسموم ؛ فإن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس.
4- من غض بصره عوضه الله بحلاوة الإيمان في القلب.
5- غض البصر يورث الفراسة الصادقة التي يميز بها بين الحق والباطل.
6- غض البصر يخلّص القلب من ألم الحسرة، فإن من أطلق بصره دامت حسرته.
7- غض البصر يورث القلب سروراً وفرحاً ونوراً وإشراقاً أعظم من اللذة الحاصلة بالنظر.
8- غض البصر يخلّص القلب من أسر الشهوة فإن الأسير هو أسير هواه وشهواته.
9- غض البصر يقوي العقل ويزيده ويثبته، وإرسال النظر لا يحصل منه إلا خفة العقل وعدم ملاحظته للعواقب.
10- غض البصر يفتح لصاحبه طريق العلم وأبوابه، ويسهل عليه أسبابه.
ثانياً: الأسباب:
ضعف الإيمان وعدم استشعار مراقبة الكريم الديّان، وترقب العرض عليه يوم توزن أعمال المرء جليلها وحقيرها في الميزان، وينشر أمام ناظريه كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها:
{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ} [آل عمران:30].
فمن استشعر ذلك وجعله نصب عينه لم يهن عليه أن يوبق نفسه بالموبقات، ويهلكها بتتبع الشهوات، ومخالفة أمر رب الأرض والسموات في قوله:
{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:30-31].
ثالثاً: وسائل العلاج المناسبة لهذا الأمر:
1- قطع الشهوة المحرمة.. يحتاج إلى "إرادة" وليس إلى "أُمنية".
2- الزواج في سن مبكرة: فهو السبيل الطبيعي الوحيد لتصريف الشهوة....
3- صوم النفل: وذلك لما روى الشيخان من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: « يا معشر الشّبابِ منِ استطاع مِنكُمُ الباءة فليتزوّج فإِنّهُ أغضُّ لِلبصرِ وأحصنُ لِلفرجِ ومن لم يستطِع فعليهِ بِالصّومِ فإِنّهُ لهُ وِجاءٌ ».
4- الابتعاد عن المثيرات الجنسية: ففي الإنسان شهوة أودعها فيه الخالق سبحانه وتعالى، وهو مأمور بأن يصرف هذه الشهوة في مكانها، وأن لا يتعدى فيها، ولكن ليس من المعقول أن يقوم بنفسه بتهييج هذه الشهوة بشتى الوسائل السمعية والبصري وغيرهما، ثم يقول: لم أستطع أن أكبح جماح نفسي ويقع فيما حرمه الله سبحانه.
5- ملء الفراغ بما ينفع: فإن ترك المرء نفسه للأفكار والخواطر، أخذت به إلى مالا تُحمد عقباه، والعلاج أن يشغل الإنسان وقته بعمل مفيد، أو رياضة أو مطالعة.
6- الرفقة الصالحة: ولعلك رأيت ما تقود إليه رفقة الفاسدين، وما توصل إليه صحبتهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: « المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل » [رواه أحمد عن أبي هريرة].
7 - مراقبة الله تعالى في السر والعلن، واستشعار خوف الله تبارك وتعالى.
سئل الجنيد: بم يُستعان على غض البصر؟ قال: بعلمك أن نظر الله أسبق من نظرك إليه.
وقال الحارث المحاسبي: المراقبة: علم القلب بقرب الرب، كلما قويت المعرفة بالله قوي الحياء من قربه ونظره.
وهذه هي أنجع الطرق وأفلح الوسائل، والمسلم إن تيقن بأن الله تعالى مطلع عليه، عالم بسريرته وعلانيته، محاسب له على ما يقترف ويفعل، كبح جماح نفسه، وألجم شهوته وغريزته.
8- الأخذ بالتعاليم الطبية، ومن ذلك:
• الإكثار من الحمامات الباردة في موسم الصيف.
• تجنب الأطعمة المحتوية على البهارات والتوابل.
• الإقلال ما أمكن من المنبهات العصبية كالقهوة والشاي.
• عدم الإكثار من اللحوم الحمراء والبيض.
• عدم النوم على الظهر أو البطن، بل السنة أن ينام على شقه الأيمن مستقبلاً بوجهه القبلة.
9- ادع الله عز وجل , وتضرع إليه، واعلم أن الله لا يخيب من دعاه، قال تعالى:
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60]،
وألِحّ على الله بالدعاء وتحرّ مواطن الإجابة في السجود وبعد الصلاة وفي آخر ساعة من نهار يوم الجمعة، وفي ثلث الليل الأخير حين ينزل سبحانه إلى السماء الدنيا، فينادي: هل من داع فأستجيب له، هل من مستغفر فأغفر له. ولا تستبطئ الإجابة فالله قريب يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.
10- الإكثار من العبادات وذكر الله، كما قال تعالى:
{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود:114]،
واعتن بالصلاة فهي كما قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت:45].
11- ينبغي للإنسان أن يحرص على أن يزيد معرفته بالله سبحانه وتعالى، وذلك بأن يعرفه من خلال أسمائه وصفاته، ومن خلال التفكر في ملكوت السماوات والأرض، فعند ذلك يشعر الإنسان بالحياء من الله سبحانه وتعالى، وكما قال بعض السلف: لا تنظر إلى صغر المعصية، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت.
12- أن تعلم أن الطريق إلى الجنة شاق ويحتاج إلى مجاهدة وصبر، وقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].
13- تذكر ما ينعم الله تعالى به على المؤمن في الجنة من الحور العين، وأنه كلما ارتفعت درجته كلما زاد نعيمه.
نسأل الله تعالى أن يهدي قلبك، وأن يعينك على نفسك، وأن يبلغك مراتب الصالحين
والله تعالى أعلم.
منقول من موقع الدكتور محمد خير الشعال