news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
عمالة الأطفال البائسين مابين المعالجات ودراسات الدارسين ... بقلم : د. ياسر عاجوقة
syria-news image

لعلّ من أهم ما يؤرّق الشعوب والأمم ْ ومن أنبل ما يمكن أن يخطّه القلمْ هو: موضوع عمالة اليافعين والأطفالْ وفي الحقيقة هذا دافعي من كتابة هذا المقالْ , وأعلن من الآن أنني إذا فزت بجائزته سأتبرع بها فوراً وفي الحالْ لأية  جمعية أو برنامج يُعنى بهذا المجالْ .


فمن منّا يا أخوة لا يألمْ وفي كبده لا يُكلمْ , لدى مشاهدته لطفل يفترش ببضاعته الطريقْ والبؤس يقطر من قمة رأسه حتى حذائه العتيقْ وعيناه تحدّق بك وتنتظر من الأمل البريقْ .

أما عن الأسباب التي تقف وراء تلك الظاهرة والتي لمعايير تقدم المجتمعات أصبحت قاهرة :

يأتي بالدرجة الأولى الفقرْ : فعندما تصاب العائلة بالضيق والعسرْ , يُجبر الطفل على التسرّب من المدرسة والعملْ ليذهب فيحمل حملاً ينوء عن حمله الجملْ , سعياً وراء لقمة المعاشْ والتي كما تعلمون هي ليست مجانية " ببلاشْ "وإذا سألت أحدهم عن سبب عمله فيقول لك إنها الظروفْ منعتني من العلم وحتى كتابة الحروفْ , فبعدما توفى والدي أصبحتُ وعائلتي بلا معينْ فتلقفني أحد التجار مع بضع أطفال آخرينْ  فكان هو يُعطينا البضاعة أما نحن فتحوّلنا عنده إلى صغار باعة , نفترش كل يومٍ الطرقاتْ ونطرق أبواب المنازل والمحلاتْ لنأتي لأهالينا بالقليل من الليراتْ .

 

ثم يأتي في المرتبة الثانية الجهلْ : والذي يلعب دوراً أساسياً فيه الأهلْ فمن الآباء من ينظر لنفسه على أنه فقط فحلْ , وظيفته الوحيدة في هذه الدنيا هي الإنجابْ والجلوس في المنزل مع الأصدقاء والأحبابْ والتهام الطعام مالذّ منه و طابْ ولا يكترث لمصير أولاده وإذا سألته عن عملهم أجابْ : أنا ربّ الأسرة وهم " العيالْ " ولا فرق عندي أن يكونوا متسولين أو عمالْ , المهم أن يأتوني آخر النهار بالمالْ .

وبذلك يكن هؤلاء الأبرياءْ ضحية جهل وكسل الآباءْ , الذين دفعوا بهم لممارسة أعمال الرجال وفق قوانين السوقْ فأصبحوا عرضة لأنواع العنف والقمع والفسوقْ , وتحوّلوا إلى أطفال شقاء وحرمانْ بدلاً من أطفال ينعمون بطفولتهم في هذا الزمانْ .

وفي المرتبة الثالثة يأتي التفكك الأسري :والذي هو في ازدياد ليس بشكل سنوي بل وشهري , خاصةً مع كثرة حالات الطلاقْ فيجد الأطفال أنفسهم في وضع لا يُطاقْ سيّما إذا مُنيَ أحد الزوجين الراعي لهم بالإخفاقْ , كذلك فإن من الأسباب كون أحد الوالدين منحرفاً أو سيء الأخلاقْ .

_أما عن الطرق الإيجابية للعلاجْ فأفضلها أما اعتمد على برنامج وقانون ومنهاجْ , يُعالج ما تقدم من أسبابْ ويُدخل الوعي والثقافة للألبابْ   وفق أسلوب حضاري راقي يكن فعّالاً وللطفل واقي , تشارك فيه المؤسسات الحكومية مع الشركات التجارية والجمعيات الخيرية .

_أما عن الطرق السلبية للعلاجْ فهي لأكثر من ذكر هذه القصة لا تحتاجْ : فمنذ عدة أيامْ وأنا أقود سيارتي وسط الزحامْ , توقفت فجأة عند الإشارة وأمام ناظري وأعين المارة , تقدم من نافذة سيارتي طفل يافعْ ظننته  بدايةً متسوّل لكنه كان بائعْ , وعرض عليّ بعض الوسادات الخاصة بفُرش السيارات وما هي يا أحباب إلا لحظات حتى ظهرت بجانبي إحدى " الفانات " , فاستدار ذلك الطفل المسكين نحوها بعكس عقارب الساعة عارضاً عليهم البضاعة , ثم دوّت فجأة إحدى الهتافاتْ " متسوّل   متسوّل "  لا تدعوه يتمكن من الإفلاتْ , ونزل من ذلك الفان ثلاثة رجال ضخامْ وتحوّل ذلك الغلامْ إلى ظبي تطارده السباع كما في الأفلامْ , وراح يتخبّط بالسيارات من الوجلْ حتى صار أخيراً في قبضتهم مثل فرخ الحجلْ وأخذ يشهق أنفاسه التي تباطأت على عجلْ وخفت عليه صراحةً من دنو الأجلْ .

ورحتُ أسأل مذهولاً ثم أسألْ : هل يُعقل يا سادة هل يُعقلْ ؟؟؟ هذا البائع الصغير الذي كان منذ لحظات بيننا يتجوّلْ والذي لم تره عينٌ أنه تسوّلْ , هكذا وبقدرة قادر إلى لص مطارد يتحوّلْ !!!

 

 

2010-11-25
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد