news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
لكل شيء ضريبة...بقلم : د. ياسر عاجوقة
syria-news image

 أخوتي وأخواتي الأعزاء : إنّ السؤال المطروحْ  والذي يُفترض  بإجابته أن نبوحْ :


 لمَ عندما تصدح كلمة ضريبة في الأجواءْ ينفر بعضنا منها ويشعر كأنه حلّ عليه البلاءْ  ؟

 

 هل لأنها تشكّل له إيذاناً بالدفعْ والذي يتعارض مع مبدأ الكنز عنده والجمعْ ؟

 

 أم لأنها اشتقت لغةً من فعل الضربْ الملازم لوقوع الزلازل والعواصف ومدافع الحربْ ؟

 

 ولماذا تحمل كل هذا الأثرْ في نفوس العامة من البشرْ ؟

 

 بدايةً لكي نتمكن لما سبق من الإجابة لا بد لنا من الرجوع إلى العصور القديمة والإنابة :

 

 لم يكن مفهوم الضريبة في التجمعات البشرية البدائية متبلوراً كما هو اليوم لأن الحياة كانت قبلية ورعوية  والضريبة  كانت بطابعها عينية مؤلفة من الحيوانات الأليفة المفيدة والمحاصيل الزراعية الفريدة , يقدمها كل فرد لزعيم العشيرة  مقابل حمايته لها ولأماكن الرعي من الهجمات الخطيرة .

 

 ثم تطور هذا المفهومْ مع اتحاد القبائل بالعمومْ تحت لواء إمبراطوريات وأممْ تسعى للسيطرة ولفرض نفسها في أعالي  القممْ , لتأخذ الضريبة طابعاً ماديا ( ذهب فضة ) والذي لم يكُن من قبل أمراً عاديا .

 

 وفي العصر الحديث الذي تمثّل بظهور الطاقة والصناعة والعمران ومكننة الزراعة , انتهت الضريبة العينية وصارت  فقط مادية تعتمد على ( نسبة محددة ) سنوية أو شهرية يتوجب على الفرد المكلف دفعها للحكومة بشكل أوراق مالية  مقابل حصول الفرد على تأمينات اجتماعية وتطوير ما يلزم من المؤسسات والبُنى التحتية .

 

 وقد أخذت الضريبة في وقتنا الحاضرْ أشكالاً عدة منها خفي ومنها ظاهرْ :

 

 فالظاهرة كضريبة الدخل المقطوعْ وضريبة الأرباح والبيوعْ , وضريبة الإنفاق الاستهلاكي والخدماتْ والجمارك و  و المسقّفاتْ , حتى صارت الضرائب في بعض البلدانْ تُفرض على كل شيء بل ومكانْ : كعبورك طريق فوق  نهرْ أو اجتيازك لنفق أو جسرْ , وسلوكك لطريق وسط المدينة أو قطعك لمضيق في سفينة , ودخولك لأحد المواقع  الأثرية او تناولك لبعض المشروبات " الغازية " , حتى عملية دخول المرء لأحد المرافق لقضاء " حاجة " صار  لدفع رسم عليها محتاجا .

 

 أما الضرائب الخفية والباطنة والتي تبقى في جسم الإنسان كامنة وتُعد الأخطر لأنها غير آمنة , فأنت عندما تقطن  في أية مدينة يتوجب عليك دفع ضرائب غير مباشرة وثمينة :

 

 - نفسية : فمن خلال وجودك في جو متواصل من الضغط والتعبْ فستصاب بالأمراض العصبية والنفسية وتشعر    بالنصَبْ ( كالفصام والاكتئابْ والهستريا والعُصابْ ) ذلك لأن متطلبات الحياة صارت كثيرة وأنت في سبيل    تأمينها ستقع بالعجز والحيرة .

 

 - مهنية : فمن خلال عملك في حيّز محصورْ وعدم تطلّعك نحو أفق بعيد منظورْ فأنت مرشّح للإصابة بضعف    البصرْ وليكن بعلمك أن البلاء عليه لا يقتصر والضررْ , إذ أنك معرّض للإصابة بانقراص الفقرات وأمراض    المفاصلْ والتي يصعب أن تكون للشفاء التام منها متماثلْ , لأن المشي والركض لديك شبه معدومْ وعمر    الشباب قصير لا يدومْ .

 

 - صحية : والتي تعود لنوعية الغذاء ولنقاوة البيئة ذلك أن المدن أضحت بالتلوّث مليئة , فكثرت الإحتشاءات و    الجلطاتْ وازدادت أعداد المصابين بالسرطاناتْ , ناهيك عن الأمراض التحسسية والفيروسية وظهور أمراض    لم تعرفها من قبل البشرية : فالبقر قد هستر وجنْ  وأضحى إلى المرعى الطبيعي يحنْ والخنازير والطيور    صارت من الإنفلونزا تئنْ .

 

 وأخيراً دخلت عيادتي فتاة ذاتُ ابتسامةٍ عريضة تسألني عن سبب غياب " أضراس العقل " عندها وهل هي

 

 مريضة !! فأجبتها بكل ثقة ومهارة : إنها يا عزيزتي ضريبة " الرّقي والحضارة " .

 

 

2010-12-22
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد