news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
نفحاتُ الرَّحْمن في شهر رمضان...بقلم : مصطفى قاسم عباس

لقد أتى رمضان ,وها هو شهر الصيام قد عاد إلينا - بحمد الله- من جديد، حاملاً معه البر والتقوى، والصبر والإحسان , والنقاء والإيمان، وعادت إلينا ذكرياتُ هذا الشهر العظيم المبارك , لنتنسّمَ نفحاتٍ رحمانيةً يضوعُ منها شذا التقوى , وليُشِعّ سنا الهدى في أيامِه ولياليه , فهو في الشهور أفضل شهر ، وليلة القدر فيه خير من ألف شهر .


لقد أتى رمضان فذكرني بقول الشاعر :

 

أتـى رمضانُ مـزرعـةُ العـبادِ

لتطهير القـلـوبِ من الـفسادِ

فأدِّ حـقـوقَـه قـولاً وفعـلاً

وزادَك فاتَّـخـذْهُ للـمَـعـادِ

فمن زرعَ الحبوبَ وما سقـاهـا

تَـأَوَّهَ نـادِمـاً يومَ الـحـصادِ

فحتى لا نندمَ يومَ لا ينفع الندم , وحتى لا نتأوّه يوم الحصاد , علينا أن نغتنم هذا الشهر بالعبادة وفعل الخير , ففي شهر رمضان يفتح الله أبواب الجنان، وتغلق أبواب النيران، ويصفد في أغلاله الشيطان .

شهر رمضان ـ أيها القارئ الكريم ـ  هو أيام معدوداتٌ , وقد كتبه الله علينا كما كتبه على الذين من قبلنا , فعلينا أن نُمضيَه صياماً وعبادةً وقياماً وصبراً وتسامحاً, وأن نعيشهُ تزكيةَ أخلاقٍ , وسُمُوَّ روحٍ , ومخالفةً للنفس , وعصياناً للهوى...

شهر رمضان , هو اتصال بين الأرض والسماء , هو غيث رحمة وعلم للبشرية , ولذلك أنزل الله فيه القرآن ، كما أنزل فيه صحف إبراهيم والتوراة والإنجيل ...

 

فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  (أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان ، وأنزلت التوراةُ لستٍ مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرةَ خلت من رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان ) فكما رأينا رب العزة سبحانه وتعالى أنزل أكثر الكتب السماوية في شهر رمضان المبارك.

 

وعزاؤنا في توديع شهر شعبان الذي ترفع فيه الأعمال إلى الله، أننا نودعه لنستقبل شهراً من أعظم الشهور على الإطلاق ، ففي شهر رمضان خير كثير ، وعطاء من المولى وفير , وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم معظم هذا الخير في خطبته التي ألقاها في آخر يوم من شعبان فقد روى ابن خزيمة في صحيحة عن سيدنا سلمان الفارس رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال :

 ( أيها الناس قد أظلّكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ، شهر جعل الله صيامَه فريضة،. وقيام ليله تطوُّعاً، من تقرّب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، وهو شهرُ الصبر، والصبرُ ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يُزاد في رزق المؤمن فيه، من فطَّر فيه صائماً كان مغفرةً لذنوبه , وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء...

 

 وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار , من خفَّف عن مملوكه فيه غفر الله له، وأعتقه من النار، واستكثروا فيه من أربع خصال:

خصلتان تُرضون بهما ربَّكم، وخصلتان لا غِناء بكم عنهما، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله ، وتستغفرونه، وأما الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما : فتسألونه الجنة , وتعوذون به من النار، ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة ) .

 

. فهذا العطاء الجزيل من الله جل وعلا كله لنا في هذا الشهر العظيم ، فلله المنة والفضلُ . كما أن رب العزة أيضاً في هذا الشهر المبارك, وكما قال سيدنا محمد صلى الله عله وسلم في الحديث الذي رواه الطبراني : يُنزل الرحمة ويحطُّ الخطايا، ويستجيب فيه الدعاء، وينظر إلى تنافسنا فيه، ويباهي بنا ملائكته، فعلينا أن نُري الله من أنفسنا خيراً، فإن الشقي من حُرمَ فيه رحمة الله .

 

 وإننا بصيامنا وجوعنا نتذكر الفقير المعدم الذي لا يجد ما يسد به رمقه، وبعطشنا نتذكر الظامئ الذي يقطع مسافاتٍ طويلةً بحثاً عن الماء ، وعندما نتذكر ذلك تلينُ منا القلوبُ، ونحسن إلى البائس الفقير ، راجين الأجر والثواب من علام الغيوب....

  وذكرياتُ هذا الشهر وعباداته كثيرة منها : نزول القرآن، وليلة القدر ،وصلاة التروايح , وصدقة الفطر , والتماس الهلال, وغزوة بدر الكبرى ، وفتح مكة حيث دخل الناس في دين الله أفواجاً , وغيرها من الذكريات التي لا مجال لذكرها هنا...

 

 وختاما علينا أن نتذكر ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم :(للصائم فرحتان : فرحةٌ عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه) .

 فنسأل الله تعالى أن يتقبل منا صيامنا وصلاتنا وزكاتنا، وأن يجعل ديارنا عامرة بالخير والإيمان ، والأمن والأمان , والمحبة والإخاء , إن ربنا قريبٌ سميع الدعاء.

2012-07-21
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد