السلام والتحية إلى كُلِ عاشقٍ لسوريا ...
كردي أو عربي أو سرياني أو آشوري أو تركماني ومِن أيَّ عرقٍ كان ...
رسالة أوجهها من قلبي المحروق على بلادي الغارقة في الظلمات والتي تتألم كل دقيقة .
رسالة من إبن الشام وعاشق الشام وعاشق سوريا لكل قومي عربي ولكل مسلم كوردي ولكل من يهمه الشأن السوري .
إننا يا سادتي الكرام وخلال الأزمة السورية لاحظنا أمور كثيرة لم تكن بالحسبان .
فجميعنا يعلم التركيب الديموغرافي السوري ومكوناته من مختلف الأعراق والأديان ، لكن ما صدمني حقيقةً هو إستغلال البعض لهذه الأزمة ، برفع علم الإنفصال (الذي يروج عنها الغرب بالإستقلال ، كاستقلال جنوب السودان عن شماله) في المظاهرات المناهضة للحكومة السورية ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد ، بل أطلقوا على الحسكة والقامشلي باسم "إقليم كوردستان السوري" ، وتعدى الأمر إلى أن أرى على صفحات الإنترنت صور لشباب أكراد يرفعون لافتات يطالبون من خلالها المجتمع الدولي بالتدخل لضمان حقوقهم المزعومة من الأراضي السوري ، نعم يا سادتي الكرام لا تنصدموا بمطالبة فئةٌ ما من عرق ما المجتمع الدولي للتدخل ضد المحتل "الشعب السوري" فهكذا البعض منهم يتدعي أننا محتلون وأنهم أصحاب الحقوق ويعودون إلى العصر الحجري لإثبات صحة كلامهم .
ومن هذه النقطة سأبدأ ، ومن هنا سنبدأ بالحديث وبالشرح التفصيل والممل ، فيا إخوتي الأكراد السوريين ...
هلّا تبرأتم ممن يطالبون بالإنفصال وتقسيم المقسم ؟
هلّا تبرأتم من فئة ما لديها الإستعداد بالتعامل مع الخارج ضد الوطن الأم ؟
دائماً أقول : (إنَّ الأقليات المضطهدة في أيَّ دولة هي بمثابة ثغرة قد تستخدم من الخارج في مشاريع ضد الدولة ولصالح الخارج) ...
سأشرحُ أكثر ما أقصده ، إنَّ تقسيم سوريا ، من خلال المطالبة كبداية بالفدرالية ومن ثمَّ اللعب بورقة تحديد المصير كما هدد فيها رئيس ما يسمى بـ "إقليم كوردستان العراق" حكومة المالكي ألا وهو بعد حصول الأكراد في العراق على الفدرالية من قبل الرئيس الراحل صدام حسين في عام 1991م وتعني الورقة السياسية المسماة بـ "تحديد المصير" باستفتاء شعبي "ديموقراطي" يُطرح على سُكان المنطقة المراد انفصالها (أقصد استقلالها كما يتدعي الغرب) فإن كان الغالبية كحال الحسكة والقامشلي سُكان أكراد كما هو الحال لدينا فالنهاية ستكون تقسيم سوريا وإنفصال محافظتين سوريتيين عن سوريا الأم ، والجميع يعلم أنَّ غالبية الثروات السورية النفطية والغازية وحتى الحيوانية والنباتية كـالقمح في هاتين المحافظتين ، فهل يُعقل هذا الأمر ؟ هل يعقل أن يحرم الشعب السوري من ثرواته ؟ هل يعقل أنَّ المواطن السوري إن أراد دخول الحسكة أو القامشلي سيحتاج للذهاب للسفارة الكردية في دمشق وتقديم طلب الحصول على فيزا زيارة .!!! ؟
إنني أطرح أسئلة لا أكثر على الشرفاء السوريين العرب والأكراد والتركمان والسريان ،
إن كان كُلُّ عرقٍ في الشرق الأوسط (إن إفترضنا صحة رواياتهم) وفي الشرق الأوسط يوجد العشرات والمئات من العروق قد طالب بإنشاء دولة لعرقه ، فعلى هذا الحال سينقسم الشرق الأوسط إلى مئات من الدويلات المتناحرة الضعيفة ، فهل يعقل هذا يا سادتي الكرام ؟
لقد خرجت المظاهرات المناهضة للحكومة السورية مُطالبةً بالإصلاح والحرية والكرامة ، فما علاقة القوميات بهذه المطالب ، وما علاقة الفدرالية والتقسيم بهذه المطالب ، أم أنَّها ركوبٌ على الحراك السياسي إستغلالاً لضعف الدولة السورية والشعب السوري لصالح أجندات غربية ؟
أليست هذه خيانة عظمى بحد ذاتها وزنى بهذا الوطن واغتصاب أن يتم إستغلال الأزمات في البلاد وإستغلال الدماء المسكوبة والأرواح المزهوقة لأجل التقسيم والتفتيت ؟ وعلى أيدي مَن ؟ على أيدي جزء لا يتجزأ مِن مَن اعتبرناهم جزءاً لا يتجزأ مننا ومن كياننا ومن تركيبنا الديموغرافي ؟
هل تعتقد هذه الفئة أنها تستطيع فعل بسوريا ما فعلته بالعراق ؟ وسأتحدث بكل وضوح ما تمَّ فعله بالعراق ، لقد قامت فئةٌ يتبرى منها جميع الأكراد الشرفاء بالتعامل مع الإستخبارات الأمريكية والإسرائيلية في الحرب ضد العراق وقاموا باعطاء معلومات عسكرية عن أماكن تواجد الجيش العراق وعتادهم وعددهم وكل تفاصيلهم وأسرارهم العسكرية كي يساهموا في إسقاط بغداد .
التعامل مع الخارج ضد سوريا سواء مع إقليم كوردستان العراق أو إسرائيل أو أيَّ دولة عربية ترغب بتقسيم سوريا ومن خلال الخارج والمحافظات الحدودية يتم تصدير الأسلحة والمعدات والأموال ومقاتلين يحملون الفكر الإنفصالي ، بحيث نضع روايتان إثنتان ، ففي حال سقط النظام السوري ، لا يوجد أحد يردعهم من فكر الإنفصال فيقوموا بعصيان مسلح ويحاربوا بالسلاح كُلَّ من يرفض الإنفصال وحينها تطبق شريعة الغاب "الأرض للأقوى" ، وفي حال بقي لا يمنع هذا محاولات الإنفصال ورفع علم الإنفصال (أقصد الإستقلال) ، وهذا ما أقصده باستغلال الأزمة.
وبالطبع الإعلام العالمي سيعطيهم شرعية ويوجهه الرأي العالمي تجاه هذه القضية ويجعلها القضية الفلسطينية ويجعل السوريون هم الإسرائيليين والإنفصاليون هم الفلسطينيون ...
وبما أننا نستعرض هنا الملف الكردي بكامل مقاييسه وأبعاده سأذكر موقف صلاح الدين الأيوبي الكردي ، عندما طُلب منه اعطاء الأكراد دولة مبنية على العرقية ، كان رده بالرفض وقال وحدة إسلامية .
وأنوه أنَّ صلاح الدين لم يحرر الأراضي الفلسطينية بقومية بل تحت شعار "لا إله إلا الله محمد رسول الله" ، وإن كان البعض من الإنفصاليين يتفاخر علينا بأنَّ صلاح الدين محرر فلسطين كردي أذكره أنَّ النبي محمد (عربي) والقرآن (عربي) .
وفي الختام ، أوجه بضع سطور لإخوتي وشركاءي في الوطن الأكراد ...
إخوتي الكرام في الإسلام والإنسانية ... إنَّكم في سوريا لستم ضيوف بل أنتم سوريين ...
لكم مالنا من حقوق وعليكم ما علينا من واجبات ... يـحـق لكم ما يحق لنا ولا يحق لكم
ما لا يحق لنا ... إنني يا سادتي الكرام لم ولن أكن بيوم من الأيام حاقدٌ على كردي بـسـبب
قوميته أو فكره لكنني بشكل قاطع ضد المساومة على شبر من الأراضي الـسـوريـة وإنني
وبكل صدق أعشق سوريا وأعشق جميع مكوناتها أكان عربياً أو كردياً ، ولذلك أتمنى من
الله ومن بعد الله منكم أن تكونوا اخوتنا وتنسوا الفكر الإنفصالي ، فكم من عقود عشناها
معاً نتشارك لقمة الخبز والحزن والهموم والـظـلـم والألم ... فلا يُـعـقــل بـوقـت الأزمـات أن
يُطعن المواطن السوري في ظهره كهذه الطعنة ، نعم لقد ظلمتم ولا ننكر ذلك لكن جميعنا
ظلمنا من الفساد والظلم والاضطهاد وتقاسمناها بشكل عادل ، وكما قـال الـفـنـان عباس
النوري "سوريا عادة في تهميش الجميع" فاجعلوا الفئة التي أعلم أنها قليلة أن تعود إلى
رشدها ولولاءها لسوريا ولتقف عن العداء للشعب السوري فما أنتم في النهاية إلا أخوتنا
وإنني قد كتبت هذه الرسالة وكلي ألم ومرارة وأتمنى من الله أن لا تقع فتنة بين العربي
السوري والعربي الكردي ...
وكلي أملٌ أن يكون جميع أبناء الأكراد هتافهم كهتاف الفنان محمد أوسو الكردي "بلا كردية وبلا عربية بدنا وحدة وطنية" .
وأتمنى من الله أن يحفظ بلاد الشام من كل شر وفتنة ويحمي الشباب ويحقن الدماء ويبدلنا إلى حال أفضل ،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...