قال لـي يومــــاً:ألا تأتي إلـي؟
قلتُ: فـي قلـبـي, مقيمٌ فـي حُشَي
قال : هل جربتَ آهـــاتِ النّوى
وانصبابَ الدمـــعِ من قلبٍ شَجِي؟ ؟
وتباريـحَ الـهوى ثـم الأســى
واصفرارَ الوجـــه؟ قل لـي: يا أُخَي
قلـتُ لا: قال: فإنـي راحـــلٌ
فانظُـم الأشــعـار , وابـعثـها إلي
ومضى يـمشـي الهوينـى وأنا
أســرِق الأنــظار من طـرْفٍ خَفي
..بعد يــوم واحــد من بُعـده
صرتُ كالـمـجـنونِ قيـسِ العامري
كلما هــبّ الصّبا قلــت لـه:
بـلِّغِ الـمحـبـوبَ أشواقـي وحَـيّ
صرتُ مُـضـنى هجره,إن النـوى
نـارُه تكـوي فـــؤادي أيَّ كَـي
أشربُ الآلام كـأسـا مـترَعَــاً
علقـمـاً , فـالبَــينُ مـرٌّ حَنظلي
مثقلٌ بالهم أضنانــي الـجَــوى
هل تُرانـي حـامـلاً أجـبالَ طَي ؟
لـم أذقْ طعـم الكـرى أو وَسَـناً
طال لـيـلـي, لا أرى فـجـراً سَنِي
آهِ !كم أمضـي الليالـي مُطرقــاً
ســاهــراً وحدي كأني السّامِرِي !
جَفن عيني جفّ مـن طول البُكـا
قـد يُـسيل الـحــزنُ يوماً ناظري
مدمعي بـحرٌ , وقلبـي مُـجمـرٌ
ومن الضـديــن فاعـجبْ يا : أُخي
قـلبُ عُـذّالـي بكى مـن حالتي
دمعُهُم كم سـال أنـهــاراً عَلي !
كنتُ أحيا جــارَكم فـي عزكم
لا أبـالـي قُربَـكـم مـن أيّ شـي
كان شربـي زمـزمـاً من وِرْدِكم
دائمــاً أظــمـأُ لا أُروى بِــرِي
طلعت وسْـط شَغافـي شمسُكـمْ
وَسَــنا طــلعـتِكم بـدرٌ بَـهِي
فيكُمُ أحــيا فإنْ غِـبتم أمُــت
لا تغيــبوا, واتـركوا الـمشتاقَ حَي
شتّت الدهرُ بـبـيـنٍ شـمـلَنا
مَن سواكم ـ يا تُرى ـ يَــحنو عَلي؟
مَن سواكـم ســوف يُلقي نظرةً
تـجـعـل المـحـزونَ في عيشٍ هَني؟
فارحـمـوا سُقمي فإنـي مُـدنَفٌ
ونُـحـولـي شـــاهـدٌ مِنّي علي
مقلتـي ثكلى, وجفنـي مـولـع
يقتـفـي آثـارَكُــم فـي كـل حَي
كلـمـا أشـتاقُـُكم أرنـو ضحىً
لُـفـؤادي مُـدنـفاً أو مُـقـلـتَي
طيـفِـكـمْ لمـا أتـانـي ظـلُّهُ
قلتُ: رفقاً أيّـهـا الـطيفُ الـخَـفي
ليس لـي صبـر, وقلبي مُـدْنَـفٌ
جـئتَ كـي تقـتلَ صبّاً ؟ قـال: كي
قلتُ: زدنـي, قال : إنـي فتــنةٌ
واحـذرنْ فـالسحـرُ عـندي بـابِلي
قلت : زدني, قال لي: إن الـهـوى
يقتُل الـمـشـتاقَ, يطوي الروحَ طي
قتلنا ذنــبٌ عظــيمٌ إثـمُــه
قلت : فـاقتـل, إنـمـا ذنبـي عَلي
******
حبكم نــاران: نـارٌ فـي الحـشا
ثُـم نـارٌ لـفـحُـهـا فـي وَجنتي
كلــمـا زاد الجوى من صَـدِّكم
أنتـضـي مـن برْد صبري سَـمْهَرِي
أنـتمُ روحـي, وأنتــمْ أمــلي
والشذا في روضِكـمْ مِـسـكٌ ذكي
إن سبـى غيـري غـزالٌ أهـيفٌ
ساحـرُ الألـحـاظ, مـسـودُّ اللُّمَي
قاتــلٌ من غير سهـم, نـاظـمٌ
فـوق جـِيـد الريـم عِقـداً لؤلـؤي
دُبِّـجَـت فيـه القـوافـي حُلوةً
بـاسـم ليـلى تــارة ,أو بـاسم مَي
فأنا ـ يا سادتـي ـ فـي غيركـم
مـا نـظمت الشّـعـر يعـلـو للثُّرَي
أُنشــد الأشــعارَ فيـكم وَلَها
دائمـاً فـي مسـمـع الـدنيـا دَوِي
بـحرُهــا شـوقٌ, وحُبّي سِفْرُها
لـفظُـهـا دُرٌّ كـلفــظ الأصمعـي
إنـها يـائـيةُ الـياقـوت والـ
ـجـوهرُ المـكنونُ فـي حرف الرَّوي
حاكــتِ النـجـم سُمُوّاً وسـناً
وبـكـمْ قـدِ ارتـقـتْ هـذا الرُّقي
كلُّ مَن يهوى سـواكـم سـادتـي
مـعـدَمٌ حـتـى وإن كـان ثَــري
كلُّ من ذاق الـهوى عـاش الأسى.
من كواه الهـجـرُ , هـل مثلُ الـخَلي
ليت أيــام اللّــقـا دامـت لنا
ليـت مـن أهـواهُـمُ عـادوا إلـي