لم تخل مدينة أو قرية في سوريا إلّا وذاقت ألم الحرب والموت والجوع والتشرد حتى لو كان هذا في بعض المناطق وليست عموماً, لكن على الأغلب رائحة الدم تطغى على كل رائحة واللغة االمحكية أصبحت لغة السلاح والقوي هنا من يفرض سيطرته الأمنية على مناطقه .
بعيداً عن هذه المقدمة العسكرية والدموية , فإني لم أر حتى اليوم سلاحٌ يؤكل !!! ولم أر حتى اليوم رصاصةٌ تؤخذ كجرعة دواء, لم أر إلّا صوامع أسلحة بدل صوامع القمح فقط.
هذا التسلح فُرض على المواطنين للدفاع عن النفس, لكن ماذا إذا لم تبق النفس المدافع عنها في معركة البطون الخاوية.
نبل والزهراء اليوم تعيش أمناً فرضته بقوتها على أرضها , لكن محيطها متربص بها والجميع مستعد للمباغته في أي وقت, وهذا المحيط هو من حوّل المعركة من حرب على الأرض إلى حرب باردة لكن بتغيير إسلوب الهجوم.
هنا معركة الحرب الباردة في تصاعد مع استخدام الأسلحة الأكثر فتكاً من سابقاتها, معركةٌ كالسوس في الخشب, تُرهق الشجرة ولا تقتلها لكنها مع الزمن ربما تصبح جرداء وبعدها ربما لن تصلح إلا كوقودٍ للمدفأة.
صرخات الاستغاثة لتوفير مادة الخبز لم يعد ينفع, فمصدره أصبح يعاني من نفس الداء , وما شاهدناه من ارتفاع ربطة الخبز في حلب إلى ما فوق ال200 ليرة إلا دليلاً واضحاً على أن المصدر يعاني أيضاً من شح المواد الأولية.
البرد القارس مع الطبيعة الجرداء يعلن أن الشتاء سيكون حاكم الموقف, ويفترض تواجد كمياتٍ كبيرةٍ من المحروقات لكن هيهات , كيف يمكن أن توجد في ظل هذا الحصار وكثرة تجار الأزمات.
والكهرباء أصبحت كأي سلعة مفقودة, والذي ينتظرها هناك كالذي ينتظر المطر في شهر تموز.
كل هذا الكلام يمكن الاستغناء عنه في ظل الأزمة الجديدة التي لا يمكن السكوت عنها؛ إنها انقطاع مياه الشرب !!!
الكهرباء اليوم أعطت أزمة جديدة لم تكن في الحسبان وتخص بها البلدتين الصغيرتين, فمصدرالمياه في القريتين هو المياه الجوفية التي بحاجة للإستخراج بواسطة المضخات , ومن الطبيعي مع عدم وجود الكهرباء فلن تستطيع استخراج الماء .
والسؤال المطروح : هل تكفي نصف ساعة يومياً من الكهرباء لسحب كميات كافية من مياه الشرب ل60 الف نسمة ؟؟؟؟
-عفرين-النافذة الكردية التي فتحت أسواقها للبلدتين جعل بعض المواد تتوافر ولو بكميات قليلة لكن بتحكم بالأسعار والبيع كالسوق السوداء.
ما يلي البورصة اليومية للمواد :
ربطة الخبز : 100 إن وجدت
ليتر المازوت : 180 إن وجد
ليتر البنزين : 180 إن وجد
جرة الغاز : 5500 إن وجدت
طبعاً والاسعار في ارتفاع حسب العرض والطلب .
أما بالنسبة لملف المخطوفين فلا زال شائكاً وبانتظار رحمة الله أولاً ومؤتمر المصالحة الوطني الذي سيحصل بعد أيام في مدينة حلب ثانياً, باستثناء هذا استطاع مواطنان مختطفان الأسبوع الفائت الهرب من وكر أحد المجموعات المسلحة في قرية برد والعودة غلى مدينة نبل بسلام .
في النهاية يبق أمل المواطنين هناك فتح الطرقات دون شروط خرافية من القرى المجاورة.