news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
الجلاد وراعي الأغنام ...بقلم : تامر أبو يحيى

خرج عن طوره بعد ساعات من العمل لوحده, استل حزامه من خصره وبدأ يضرب الناس ويتلفظ ببعض الألفاظ النابية .

هكذا هو المشهد عند نقطة حدود المصنع اللبنانية يوم وقفة عيد الفطر, ازدحام كثيف ولاموظفين في الداخل ولا حرس ينظمون تلك الحشود في الخارج والآلاف على الحدود يريدون العودة لسوريا لتمضية العيد مع العائلة .


في فورة غضب عارم ومع فقدان النظام والسيطرة؛ خلع موظف الأمن حزامه ليشهره بوجه القادمين لختم جوازاتهم علّهم يبتعدون عن المدخل وبدأ يضرب شمالاً ويميناً.

المشهد لم يفاجئني أبداً, فهذا الازدحام يوميٌ والفوضى اللامتناهية لها سببان بعيدان عن تصرّف هذا الموظف "الجلاد" :

السبب الأول "التقانة الالكترونية اللبنانية" وعجز الموظفين من تسيير المعاملات الحدودية بالسرعة اللازمة بمرونة وليونة, وهذه ليس لنا به ناقة وجمل .

والسبب الثاني لهذه الفوضى هو شعبنا ! نعم شعبنا الذي يعشق الفوضى ويتنفسها ويبحث عنها أيضاً.

شعبنا الذي لا يحب الاصطفاف بانتظام , وشعاره الأول (أنا ومن بعدي الطوفان) .

نحن شعب كالأغنام وبحاجة لراعٍ بيده عصا كي لانخرج عن السرب . وهذا الكلام ليس مزاحاً أو مبالغٌ فيه و العبرة في التالي .  

 

قبل عدة أشهر وتحديداً يوم وقفة عيد الأضحى, كنت في نفس المكان قادماً إلى سوريا؛ آلاف السوريين على الحدود اللبنانية وازدحام مروري خانق, وحافلات النقل ترفض الدخول في هذا المشهد وتنزل الركاب ليدخلوا في هذه المعركة دون أي سلاح أو درعٍ واقي وفي هذا دخلنا المعركة بحقائبنا.

 

التدافع الكبير جعل الأمن اللبناني بفتح المعبر الحدودي على مصراعيه دون تفتيش أو ختمٍ للأوراق بالرغم من تواجد أكثر من ثلاثين عنصرٍ للأمن, ومع هطول الأمطار زاد الوضع سوءاً. حملنا أغراضنا ومشينا إلى داخل الأراضي السورية مسافة عدة كيلومترات لنصل إلى مركز الجمارك السوري هناك .

 

تدافعٌ عند باب الدخول وسيلٌ من الناس تعرف أوله من آخره لأدخل المعمعة دون آبه متى سأصل إلى ذلك المبنى, لكني يقيني أكد لي أني سأبقى لساعات وربما ليوم كامل .

دقائق معدوده ويخرج ضابطٌٌ و عنصر أمنٍ من داخل البناء

   

صوتٌ علا فوق صوت الجميع (قرفص أنت ويااااااااه وإلا قسماً عظماً ماحدا بيفوت), وبالفعل خلال ثوانٍ معدودة بدأت أرى الجميع يتساقط على الارض لأرى بعدها ذلك الضابط وعنصر الامن على بعد خمسة عشر متراً قبلي مايناهز المئات, وقتها أحسست للحظات أني في عقوبة جماعية في الخدمة العسكرية .

انخفضت الضوضاء وبدأ الراعي "الضابط" يصفف خِرافه لإدخالهم على الحظيرة " مبني ختم الجوازات " .

 

بين تلك الآلاف "المقرفصة " بدأنا نتقدم ونزحف لمكان الحاجز بمشية متعارفٌ عليها "مشية البطة" . هذا المشهد المضحك المبكي والذي تألمت لخوض تلك التجربة حوالي الساعة إلا أنها لم تجعلني ساخطاً على هذا الضابط الذي لولاه لم أكن لأصل بيتي ولا حتى مكتب ختم الجوازات نفسه .

 

نحن دائماً نسقط أخطاءنا نحو الآخرين وكأننا ملائكة منزلةٌ من السماء أو شعبٌ أوربي يعيش بين العرب, نحن يا جماعة لا عجم ولا فرس نحن من تلك الفصيلة التي يشمئز منها الغرب ولا يعرفون بلداننا إلى من خلال حروبنا مع بعضنا نحن فصيلة العرب .

نلوم الآخرين لماذا يعاملوننا كالأنعام ولازلنا فوضويون في أدق تفاصيل حياتنا, فخُطة عليهم يا عرب لم تأت من عبث .

 

لم ينته الكلام بعد؛ دول الجوار مقصّرة اتجاه شعبنا في الوقوف معه بأزمته, إلا أن ذلك لايمنع من القول أننا فوضويون, ولا يمنع أننا ننفرهم بأفعالنا, ربما نحن خلقنا هكذا... نستمتع بالقيادة في الشوارع ذات الإشارات المطفأة دون الاكتراث بالمشاة و نفتخر بمعارفنا داخل الدوائر الحكومية لنقفز بهم فوق القانون , حتى نستلذ بأخد دور أحدٍ ما وهو غافل .

 

بالنهاية علينا ألا نلوم ذلك الموظف اللبناني أو غيره ولا نلوم ذلك الضابط ومن المؤكد إذا حللت مكان أحدهما لتصرفت مثلهما جلّاداً أو راعي أغنام .

 

2013-08-18
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد