اهتمت بعض وسائل الإعلام في بعض الدول العربية ودول حوض النيل بزيارة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر إلى أديس أبابا عاصمة إثيوبيا الديمقراطية والتي استغرقت يومين، وما سبق من ترتيبات وترحاب بهذه المناسبة على الرغم من ضعف العلاقات بين البلدين في السابق وطرح البعض في مصر تساؤلات كان مضمونها، ما سبب هذه الزيارة في هذا التوقيت.؟
ومع هذا الخبر الذي نشر عن زيارة الأمير القطري وبصحبته الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وإرسال الأمير ببرقية شكر إلى الرئيس جيرما وولد جيورجيس رئيس جمهورية إثيوبيا وهيلي مريام ديسالين رئيس الوزراء ضمنها شكره وتقديره على حفاوة الاستقبال وحسن الضيافة الذي قوبل به والوفد المرافق، كان في ذات التوقيت يزور محمد بن عيسى المناعي سفير دولة قطر في أسمره سلمى حسن وزيرة العمل والرعاية الاجتماعية في دولة اريتريا.
جاءت هذه العلاقات التي تسعى قطر إلى توطيدها في ظل تجاهل نظام الرئيس محمد مرسى،
وحكومته وكافة الجهات المسئولة، لملف الخلاف مع دول حوض النيل حول حصص المياه،
والحقوق التاريخية فى مياه النهر، وتفرغهم للسيطرة على مقاليد الحكم على حساب الأمن
القومى.
وشهد التوقيت الذي أعلنت صحف إثيوبية عن قرب تصديق برلمانات دول حوض النيل على الاتفاق الإطاري التعاونى، الذى تم التوقيع عليه عام 2010، *"اتفاقية عنتيبى*"، والتى رفضت دولتى المصب مصر والسودان، بالإضافة للكونغو التوقيع عليها حتى الآن، وهو ما يعتبر تهديدا مباشرا للأمن القومى المصرى وخطرا يهدد حصة مصر السنوية البالغة 55.5 مليار متر مكعب سنويا, كما أكدت دولة جنوب السودان التى أضيفت إلى دول الحوض بعد انفصالها عن السودان، انضمامها إلى الاتفاقية المثيرة للجدل، فى حين تستمر الحكومة المصرية فى تجاهلها للملف تماماً،.
كما تؤكد المؤشرات حتى الآن، حسم جنوب السودان رأيها فى النزاع والخلاف القائم بين
مصر ودول منابع النيل، حول اتفاقية *"عنتيبى*"، بتصريحات وزير مياهها، بأنه من
مصلحة مصر الانضمام للاتفاقية، وعدم الممانعة فى التوقيع عليها، وأن بلاده لا علاقة
لها باتفاقية عام 1959، وهو ما يعنى ضعف موقف دولتى المصب *"مصر والسودان*"،
بانضمام الدولة الوليدة لباقى دول حوض النيل، ويصبح إجمالى الدول الموقعة على
الاتفاقية 7 دول يمكنهم بعدها إنشاء المفوضية والتحكم فى مستقبل مصر المائى.
وكانت قد سبقت اتفاقية عنتيبي عام 2010 زيارة الوزير الإسرائيلي” أفيجدور ليبرمان،
زعيم حزب *"يسرائيل بيتن*" اليميني المتطرف إلى أفريقيا فهل هذه الزيارات كانت
بمحض الصدفة هي الأخرى؟ كما أن تكون ثلاثة من الدول الخمس التي يزروها من دول حوض
النيل التي تتنازع مع مصر حول حصص مياه النيل هي مصادفة أيضا؟.
وهل توقيت الزيارة قبيل وصول وفود مصرية لدول حوض النيل لتحسين العلاقات معها في
هذا التوقيت مقصود لتعكير الأجواء بين دول حوض النيل والقاهرة ؟.
زيارات قطرية مؤخرا لدول حوض النيل في ظل تهديدات دول المنبع لمصر والسودان، سبقتها
زيارت اسرائيلية منذ اعوام استطاعت بعدها دول المنبع إبرام اتفاقية عنتيبي فماذا
ينتظر الآن من علاقات الدوحة بهذه الدول، وهل تسعى قطر الآن إلى ضم دول الحوض
لصفوفها لتكون ورقة رابحة لها ضد أمن مصر المائي، والقومي؟، وهل هناك علاقة بين
الاهتمام الاسرائيلي بهذا الملف والاهتمام القطري في ظل العلاقات الوطيدة لدولة
الخليج الوليدة مع إسرائيل؟.
مهندس التطبيع يشرح مدى متانة العلاقات القطرية الإسرائيلية سامي ريفيل، هو أحد
أبرز مهندسي التطبيع بين “إسرائيل” والعديد من الدول العربية، وعمل مديراً لمكتب
مدير عام وزارة الخارجية “الإسرائيلية” وترأس الفريق الذي كانت مهمته دفع علاقات
التطبيع الرسمية الأولى بين “إسرائيل” ودول الخليج العربي، وتنمية التعاون
الاقتصادي بين الكيان الغاصب والعالم العربي بأسره، كما ترأس سامي ريفيل قسم
العلاقات «الإسرائيلية» مع حلف الناتو في وزارة الخارجية «الإسرائيلية».
في كتابة الذي يحمل عنوان” قطر وإسرائيل.. ملف العلاقات السرية” الصادر بنسخته
العريية عن دار نشر «جزيرة الورد» في القاهرة أن أسرار العلاقة “الإسرائيلية” _
القطرية من بوابة القواعد الأمريكية الموجودة في قطر، والتي تعد عاصمة القواعد
العسكرية الأمريكية ليس على مستوى الشرق بل في العالم. ففهم العلاقة بين دول العالم،
وخاصة العرب و “اسرائيل” غير ممكن بحسب ريفيل إلاّ من البوابة الامريكية.
وأشار المركز العربي للدراسات المستقبلية إلى أن ريفيل يستشهد في كتابه بالتصريح
الأول الذي أدلى به الأمير القطري لقناة «إم بي سي»، بعد ثلاثة أشهر فقط من توليه
الحكم، ويقول فيه: «هناك خطة لمشروع غاز بين قطر و”إسرائيل” والأردن يجري تنفيذها»،
وطالب الأمير بإلغاء الحصار الاقتصادي المفروض من جانب العرب على “إسرائيل”, ومن
مدخل القواعد العسكرية الأمريكية والانفتاح الإقتصادي على “إسرائيل” بدأت العلاقة،
وفتح ملف إحدى أقوى علاقات الصداقة “الإسرائيلية” مع دولة عربية.
ويتزايد الحديث حول الدور الإسرائيلي في الأزمة الحالية بين دول المنبع ودولتي
المصب في دول حوض النيل ويذهب البعض للتأكيد علي وجود دور لإسرائيل في هذه الأزمة،
وقد قام برصد للوجود الإسرائيلي علي مستوياته المختلفة, ويكشف ريفيل أن التوترات
التي شهدتها العلاقات المصرية – القطرية ترجع إلى الضغوط التى مارستها مصر على قطر
لكبح جماح علاقاتها المتسارعة باتجاه “إسرائيل”، بسبب قلق القاهرة على مكانتها
الإقليمية من الناحية السياسية، وخوفا من أن تفوز الدوحة بصفقة توريد الغاز لـ «إسرائيل»
بدلا من مصر، وهي الصفقة التي كانت وما زالت تثير الكثير من الجدال فى الأوساط
السياسية والاقتصادية والشعبية أيضا.
ويشيد الدبلوماسي “الإسرائيلي” بالشيخة موزة، قرينة أمير قطر، واصفا إياها بأنها
باتت السيدة الأكثر تأثيراً في العالم العربي، متفوقة بذلك على كل زوجات الرؤساء
والملوك العرب.
ويكشف ريفيل عن الدور الكبير الذي لعبته قطر في تشجيع دول المغرب العربي على
الانفتاح حيال “إسرائيل” تحت عناوين إقتصادية علنية وأمنية سرياً.
ويعود ريفيل إلى عام 1994 حين أعلن مجلس دول التعاون الخليجي عن وقف المقاطعة
الاقتصادية غير المباشرة المفروضة على الشركات العاملة في “إسرائيل” أو معها، وتلت
ذلك إقامة علاقات بين “إسرائيل” وهيئات ومؤسسات وشركات طيران عربية، مثل الخطوط
الجوية القطرية، وغيرها من الشركات التى خففت من القيود المفروضة على المسافرين
والبضائع القادمة من «إسرائيل» إلى الدول العربية. وكلها برعاية قطرية!.
ويذهب ريفيل في كتابه إلى الحديث عن تحريض قطري على السعودية والإمارات لدى “إسرائيل”،مستشهداً
بالاتفاق القطري – “الإسرائيلي” لإقامة مزرعة حديثة تضم مصنعا لإنتاج الألبان
والأجبان اعتمادا على أبحاث علمية تم تطويرها فى مزارع “إسرائيلية” في وادي عربة،
لأجل منافسة منتجات السعودية والإمارات.
لم يعد سراً انتفاخ الدور القطري في المنطقة، وانطلاقاً من هذه المعطيات يقدم
الكتاب الاجوبة على الأسئلة المتعلقة بذلك، حيث يتساءل كثيرون عن سرّ قطر والدور
الكبير الذي تلعبه رغم صغر المساحة وقلة العدد السكاني الذي لا يتجاوز حياً من
احياء مدينة شبرا، فضلاً عن غياب الحضارة، بل حتى الدولة بالمعنى الكامل للكلمة
والفعل.
ولم تقف حدود التساؤلات عند العرب، فالغرب ووسائل إعلامه تستوقفه هذه الظاهرة، رغم
أن دوائره السياسية والإستخباراتية تدرك تماماً الأسباب الكامنة وراء هذا الحجم
المنتفخ ومن يغذّيه.
تلك النفخة القطرية ترد تارة إلى أسباب إقتصادية لها علاقة بالغاز والنفط، وتارة
أخرى إلى حالة التبعية للولايات المتحدة الأميركية وقواعدها العسكرية المنتشرة في
الدوحة، وطوراً إلى غياب اللاعب الكبير عن مسرح الحوادث العربية الأخيرة، أو ترد
إلى شخصية رئيس وزرائها ووزير خارجيتها حمد بن جاسم بما يملك من دهاء وقدرة على
التسويق والإقناع بالأفكار.
ويشير تقرير المركز العربي للدراسات إلى أن السبب الرئيسي لهذا الانتفاخ، والدور
المناط بها كصندوق بريد سريع يعود على ما يبدو إلى ما كشفه الدبلوماسي “الإسرائيلي”
سامي ريفيل الذي لعب دوراً بارزاً في “الموساد” لسنين طويلة، فضلاً عن توليه إدارة
مكتب المصالح “الإسرائيلية” في الدوحة، فظهرت الحقيقة القطرية على لسانه عارية من
كل التسويف.
مياه النيل في الفكر الاستراتيجي الاسرائيلي:
وتشير العديد من الدراسات إلى أن مياه النيل في الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي تعتبر من الأطماع الإسرائيلية القديمة، وتعود جذورها إلى فكرة تقدم بها مؤسس المشروع الصهيوني تيودور هرتزل عام 1903 إلى الحكومة البريطانية للحصول على جزء من مياه النيل عبر تحويلها إلى صحراء النقب من خلال سيناء، وهو ما أكد عليه ديفيد بن جوريون في عام 1955 من أن إسرائيل سوف تضطر مستقبلاً لخوض معارك مياه مع العرب وأنه في ضوء هذه المعارك يتوقف مستقبل ومصير إسرائيل.
وأكد الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم سياسية، والخبير في الشئون الإسرائيلية في
أبحاثه أن إليشع كالي وهو مهندس إسرائيلي، طرح في عام 1974 تخطيطاً لمشروع يقضي
بنقل مياه النيل إلي إسرائيل ويتلخص في توسيع ترعة الإسماعيلية لزيادة تدفق المياه
فيها، وتنقل هذه المياه عن طريق سحارة أسفل قناة السويس.
وتبني الخبير *"الإسرائيلي*" شاؤول أولوزوروف النائب السابق لمدير هيئة المياه *"الإسرائيلية*"
تصوراً يستهدف نقل مياه النيل إلى *"إسرائيل*" عبر شق ست قنوات تحت مياه قناة
السويس، وارتكز هـذا المشروع علي نقل 1 مليار م3، لري صحراء النقب منها 150 مليون
م3 لقطاع غزة.
خلص مشروع *"ترعة السلام*" إلي أن حصص المياه التي تقررت لبلدان حوض النيل ليست
عادلة؛ وذلك لأنها تقررت في وقت سابق على استقلالهم، وأن إسرائيل كفيلة أن تقدم
لهذه الدول التقنية التي تملكها من ترويض مجرى النيل، و أوضح ارنون سوفير الأكاديمي
في جامعة حيفا في كتاب له بعنوان *"الصراع علي المياه في الشرق الأوسط*"، أن
لإسرائيل مصالح استراتيجية في حوض النيل، وأن توزيع المياه بين دول الحوض يؤثر
مباشرة علي إسرائيل ولذلك فهي تنسق في هذا السياق مع إثيوبيا وسائر دول الحوض من
خلال سياسات ومصالح استراتيجية.
وأشار فهمي إلى أن شيمون بيريز أكد في كتابه الشرق الأوسط الجديد الذي صدر في مطلع
التسعينات إلي أن إسرائيل احتاجت في الحرب إلي السلاح وهي تحتاج في السلم إلى
المياه.
و أوضح آفي ديختر- وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق وعضو الكنيست- في محاضرة
استراتيجية في 30 أكتوبر 2008 أسباب اهتمام إسرائيل بالوضع في السودان ومنابع النيل
والقرن الأفريقي وسعيها لتنفيذ خطة للتدخل في دارفور علي غرار ما فعلته في جنوب
السودان جاء فيها أن استهداف السودان ليس لذاته فقط، ولكن لأن السودان يشكل عمقاً
استراتيجياً لمصر وهو ما تجسد بعد حرب يونيو 1967 عندما تحول السودان إلى قواعد
تدريب وإيواء لسلاح الجو المصري وللقوات البرية هو وليبيا، كما أرسل السودان قوات
إلى منطقة القناة أثناء حرب الاستنزاف التي شنتها مصر منذ عام 1968، وخلص ديختر
لضرورة الدخول في علاقات مباشرة وشاملة مع دول المنابع والقرن الأفريقي.
وطالبت وثيقة إسرائيلية أعدها تسيفي مزائيل- سفير إسرائيل الأسبق في مصر- (مركز
دراسات وبحوث وزارة الخارجية) ونشرت ملخصها في فبراير 2010 بتدويل النزاع بين دول
منابع النيل السبع من جهة، ودولتي المصب: مصر والسودان من جهة أخري، وحملت الوثيقة
التصورات الإسرائيلية حول ملكية مصر لمياه النيل وحقوق دول المنابع المهدرة، واتهم
مزائيل *"مصر بتجاهل المطالب الشرعية لدول المنابع*"، وأشار: *"بدلاً من قيام مصر
بالبحث عن حلول واقعية وعملية سارت نحو حرب غير منطقية، داعياً إلى تدخل الأمم
المتحدة والقوي الدولية الكبرى في الأزمة*"، وأشار إلى أنه لا يبدو أن مصر ستقوم
بإرسال جيشها إلى دول المنابع من أجل تشديد المراقبة علي كافة دول حوض النيل،
وإيقافها بالقوة إذا ما تطلب الأمر ذلك.
ونشرت دورية *"سيكور ميموقاد*" العبرية المتخصصة في الشؤون السياسية والإستراتيجية
دراسة في مايو 2010 أعدها الباحثان ألون ليفين ويوفال بستان ترسم مستقبل العلاقات
بين الدول الأفريقية المسلمة وكتلة الدول المسيحية الأفريقية في منطقة القرن
الإفريقي ومسعى إسرائيل لتكثيف التواجد في القرن الأفريقي ومنابع النيل في إطار هذه
المنظومة وتري الدراسة أن عملية تنظيم التكتل المسيحي في شرق أفريقيا تطرح العديد
من الفرص بالنسبة لإسرائيل، منها:الصراع ضد الإرهاب وإغلاق فعّال للحدود سيزيدان في
المستقبل من المصاعب أمام تهريب السلاح من أفريقيا إلى قطاع غزة، إضافة إلى إضعاف
السودان كدولة داعمة للإرهاب، كما ستضر بمكانة إيران في أفريقيا التي تعززت خلال
السنوات الأخيرة، وإيجاد دولة جديدة م في جنوب السودان تمتلك ثروات نفطية تكون
منفذاً إلى البحر الأحمر، مما سيهيئ بالنسبة لإسرائيل إمكانية أخرى لحلّ مشكلة
النقص في مجال الطاقة.
الأهداف الإسرائيلية في دول حوض النيل :
تمثل أهداف التحرك الإسرائيلي في منطقة حوض النيل من خلال جملة من الأهداف
الاستراتيجية، تتراوح ما بين أهداف سياسية وأهداف عسكرية أمنية وأهداف اقتصادية
ويتمثل ذلك تأكيد الحضور والتأثير الاستراتيجي في دول الحوض واستثمار ذلك لمواجهة
الأزمة المائية التي قدر الخبراء الإسرائيليون أن إسرائيل سوف تواجهها بصورة حادة
بداية من العام الحالي 2013 وامتلاك أوراق تأثير في دوائر تمس الأمن القومي المصري
والسوداني والمساومة فيها في ملفات ثنائية وإقليمية تري إسرائيل أن سياسة مصر
داخلها لا تتوافق مع مصالح إسرائيل (إصرار مصر علي مناقشة البرنامج النووي
الإسرائيلي)
بالإضافة إلى الدخول في تحالفات مع دول تسعي الولايات المتحدة لتأكيد مزيد من النفوذ داخلها وهو ما يمنح إسرائيل في النهاية دوراً إضافياً في دوائر الاستراتيجية الأمريكية في تلك المنطقة ويخدم علاقتها الثنائية في النهاية، و تأمين فرص تجارية واستثمارية لإسرائيل تكفل لها زيادة صادراتها الاقتصادية والعسكرية لتلك الدول وتوفر لها مصادر من السلع الاستراتيجية التي تحتاج إليها الصناعات المدنية والعسكرية الإسرائيلية، و التعاون المشترك في وجود مكاتب تجارية لإسرائيل في كل من إثيوبيا وإريتريا وكينيا لتعزيزه
وأشارت دراسة طارق فهمي استاذ العلوم السياسية أن تقرير رسمي صادر عن المعهد
الإسرائيلي للصادرات والتعاون الدولي أكد أن لحجم التجارة الخارجية للصادرات
الإسرائيلية إلى إثيوبيا بلغت عام 2008: 18 مليون دولار، وبلغت حجم الواردات
الإسرائيلية في نفس العام 46 مليون دولار، وتصدر إسرائيل لإثيوبيا المواد الكيماوية
والآلات الصناعية والبرمجيات، وتستورد إسرائيل منها المنتجات الزراعية والتبغ.
وأشار التقرير إلي وجود 121 شركة إسرائيلية تعمل في مجال التصدير حتى عام 2008 وهو
ما يمثل انخفاض بنسبة 2٪ لعدد الشركات عام 2007، وتضاعفت الواردات الإسرائيلية
لإثيوبيا أكثر من ثلاثين مرة خلال عقد التسعينيات من 1,9 إلي 5,8 مليون دولار
سنوياً.
هذا بالإضافة إلى أن الصادرات الإسرائيلية لكينيا في عام 2007 بلغت (97 مليون
دولار)، وبلغت حجم الواردات في نفس العام (22 مليون دولار)، مع وجود 335 شركة
إسرائيلية تعمل في مجال التصدير لكينيا وهو ما يمثل زيادة بنسبة 20٪ عن عدد الشركات
في عام 2006، أما الواردات الإسرائيلية من كينيا فقد تضاعفت مرتين ونصف المرة من
8,6 إلي 20,9 مليون دولار سنوياً، بينما تضاعفت الصادرات الإسرائيلية مرتين تقريباً
من 14 مليون دولار إلي 29,3 مليون دولار.
وبالكونغو وصلت الواردات الإسرائيلية إلي مليون دولار تقريباً بعد أن كانت لا شئ تقريباً، أما الصادرات الإسرائيلية فتضاعفت عشر مرات تقريباً، من 0,9 إلي 5,2 مليون دولار سنوياً، وذلك في العام 2007، بالنسبة لحجم الصادرات مع دول الحوض عموماً، فقد قلت الصادرات الإسرائيلية لدول حوض النيل من (186,1 (في السنة المالية 2008 إلي (109,3) في السنة المالية 2009.وبالنسبة لحجم الواردات، تجدر الإشارة إلى أن الواردات الإسرائيلية زادت من (83,7) في السنة المالية 2008 إلى (74,8) في السنة المالية 2009.
وبعد استكشاف حجم التبادل التجاري بين إسرائيل ودول حوض النيل يتضح لنا أن هناك تواجداً إسرائيليا ملموساً في دول الحوض علي الصعيد التجاري، ولكن حجم التبادل التجاري تناقص في السنة المالية 2008 – 2009.
وفي عام 2008، تم توقيع اتفاق بين إثيوبيا وإسرائيل وألمانيا، تم بموجبه إطلاق
مشروع رائد للتنمية الزراعية دخل حيز النفاذ في 18 يونيو 2009، لتمكين إثيوبيا من
تطوير أنشطة الري على نطاق محدود في مناطق مختلفة من البلاد، ومن المتوقع أن يستفيد
أكثر من ألف من المزارعين، سيتم تنفيذ المشروع في أمهرة وتيغري وأوروميا وولاية شعب
جنوب إثيوبيا، ويأتي هذا المشروع في إطار الجهود المبذولة من الحكومة الإثيوبية
لضمان الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، ويتكون المشروع من ثلاثة عناصر رئيسية هي:
تعزيز الإدارة المستدامة لموارد المياه، وتحسين تدفق الري، والاستفادة من موارد
المياه غير الصالحة للشرب.
إلى جانب العلاقات المتطورة لاسرائيل مع رواندابعد أن تعاقدت وزارة الزراعة
الرواندية مع شركة إيبوني المحدودة وهي شركة إسرائيلية لوضع خطة رئيسية للري، وتم
التوقيع على مذكرة تفاهم بين الجانبين يوم 22 يناير 2007 في مقر الوزارة بمدينة
كيغالي.
أما في إريتريا قام مركز مشاف للتعاون الدولي التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية
بإنشاء مشروع جيتالي بالتعاون مع الحكومة الاريترية في عام 1995، وهو مشروع زراعي
يهدف إلي تحسين الإنتاجية الزراعية وزيادة حجم المنتجات الزراعية من الخضر والفاكهة
للاستخدام المحلي.
وعن أوغندا تعهد يكوف ريفي- رئيس وحدة أفريقيا في وزراه الخارجية الإسرائيلية خلال
زيارة ليبرمان لأوغندا في فبراير 2010 بتقديم الدعم التقني لأوغندا في جميع
المجالات، وأشار أن إسرائيل حريصة على التنمية البنية التحتية والزراعة والمياه
ونقل التكنولوجيا وتدريب الأوغنديين.
وقد تعهد ليبرمان- وزير خارجية إسرائيل- خلال زيارته بإعادة إحياء برتوكول 1968 بين
إسرائيل وأوغندا، وهو بروتوكول يضمن الاستثمار لدولته هناك وإنشاء برامج مشتركة
للتعاون في المجالات العسكرية والزراعية والتعليمية.
التعاون في المجال المائي
فيما يخص دولتا تنزانيا ورواندا وافقت الحكومة الإسرائيلية علي تمويل إنشاء 5 سدود
لتخزين مياه النيل بكل من تنزانيا ورواندا، وكان نصيب تنزانيا من هذه السدود أربعة
سدود، أما رواندا فكان نصيبها سداً واحداً وقد جاءت موافقة إسرائيل على إقامة هذه
السدود في أعقاب زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي حينها، أفيجدور ليبرمان في شهر
سبتمبر 2009.
وبحث ليبلمان خلالها إنشاء مشروعات مياه مشتركة إلى جانب تطوير العلاقات الاقتصادية،
و سبل إنشاء مشاريع مياه، استناداً إلي إن إسرائيل لها تجربة جيدة، في مجال تحلية
المياه، وعرضت خدماتها على مسؤولي تلك الدول.
وقع ليبرمان على عدة اتفاقيات للتعاون في مختلف المجالات حيث رأي أن إسرائيل أهملت
في الماضي دول أفريقيا وركزت على العلاقات مع دول الغرب، وبهذا خسرت دولاً حصتها من
الاقتصاد العالمي تزيد على 40٪، وقال إن جولدا مائير كانت آخر وزيرة خارجية
إسرائيلية تزور أفريقيا، في نهاية الستينات، أي قبل حوالي 40 سنة، وفي حينه كان
لإسرائيل 30 سفارة في أفريقيا، بينما يوجد لها اليوم تسع سفارات فقط، كما قدمت
إسرائيل إلى كل من الكونغو الديمقراطية ورواندا (من دول المنبع) دراسات تفصيلية
لبناء ثلاثة سدود كجزء من برنامج متكامل تهدف إسرائيل من خلاله إلى التمهيد لمجموعة
كبيرة من المشروعات المائية في هذه الدول.
وفي أوغندا تقوم إسرائيل بتنفيذ مشاريع ري في عشر مقاطعات يقع معظمها في شمال
أوغندا بالقرب من الحدود الأوغندية المشتركة مع السودان وكينيا ويجري استخدام
المياه المتدفقة من بحيرة فيكتوريا لإقامة هذه المشاريع وهو ما يؤدي إلى نقص المياه
الواردة إلى النيل الأبيض أحد أهم الروافد المغذية لنهر النيل في مصر.وقعت أوغندا
وإسرائيل اتفاقاً في مارس 2000 أثناء زيارة وفد من وزارة الزراعة الإسرائيلية
برئاسة مدير الري بالوزارة *"موشي دون غولين*"، ينص على تنفيذ مشاريع ري في عشر
مقاطعات متضررة من الجفاف، وإيفاد بعثة أوغندية إلى إسرائيل لاستكمال دراسة
المشاريع التي يقع معظمها في مقاطعات شمال أوغندا بالقرب من الحدود الأوغندية
المشتركة مع السودان وكينيا، وسيجري استخدام المياه المتدفقة من بحيرة فيكتوريا
لإقامة هذه المشاريع، وهو ما يؤدي إلى نقص المياه الواردة إلى النيل الأبيض.
كما ذكرت نشرة *"ذي إنديان أوشن نيوز لاتر*" الفرنسية في فبراير 2002 أن إسرائيل أعلنت أنها مهتمة بإقامة مشاريع للري في مقاطعة كاراموجا الأوغندية قرب السودان، حيث يمكن ري أكثر من 247 ألف هكتار من الأراضي الأوغندية عبر استغلال اثنين ونصف مليار متر مكعب سنوياً.
وفي إثيوبيا:تقوم إسرائيل بإقامة أربعة سدود على النيل في إثيوبيا لتوليد الكهرباء
وضبط حركة المياه في اتجاه السودان ومصر وتقدم شركات استثمارية إسرائيلية يملكها
جنرالات متقاعدين في الموساد عروضاً للمساهمة سواء في مشاريع بناء السدود على منابع
نهر النيل في الأراضي الإثيوبية أو في مشاريع أخرى زراعية.شارفت بعض السدود على نهر
توكر أباى (النيل الأزرق) على الانتهاء عبر شركات مقاولات صينية وإيطالية, أما على
النيل الأبيض فقد شارفت بعض المشاريع الزراعية في مقاطعة كاراموجا الواقعة على
الحدود السودانية المعتمدة على الري من النيل الأبيض على الانتهاء عبر تعاون وإشراف
وتمويل إسرائيلي.
وعن إريتريا فتتمتع إسرائيل بعلاقات اقتصادية متميزة معها عن طريق شركاتها انكودي
(Ancodi) لللحوم، وسيا (Sia) للمنتجات الزراعية، وعميران (Amiran) للتجارة، وسولال
بونيه (SolelBoneh) للبناء والأشغال العامة، وآتا Ata المحدودة للمشروعات الزراعية،
وشركة أخوان هارون (Aron) للواردات والصادرات، واتحاد العمال الوطني الهستدروت
للتجارة والصناعة.
هذا بالإضافة إلى العديد من المشروعات الإسرائيلية الأخرى مع باقي دول منبع الحوض
التي تعلن عنها اسرائيل بشكل يومي، وترحب بها هذه الدول.
وأخيرا هل تكون محاولة توطيد العلاقات القطرية مع دول منبع النيل تصب في صالح دولة صديقة لها، طالب الأمير القطري بإلغاء الحصار الاقتصادي المفروض عليها من جانب العرب؟ وإن صح الأمر لماذا تصمت مصر عن هذه المحاولات للعبث في ملف مياه النيل وتهديد أمنها المائي، وماهو المقابل لذلك؟.