news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
الفرد والجماعة ( الجزء الرابع ) ... بقلم : نبيل حاجي نائف

المحاكاة والتقليد

التقليد والمحاكاةيساهم بشكل كبير ( وهما في الأساس من الموروثات البيولوجية ) , في نشوء الموروث الاجتماعي , فهذه تجربة توضح ذلك :


قام مجموعة من العلماء بالتجربة التالية :

 

و ضعوا 5 قرود في قفص , و في وسط القفص يوجد سلم و في أعلى السلم هناك موز . عندها يسرع أحد القرود لصعود السلم لأخذ الموز , فيقام برش جميع القرود بالماء البارد المزعج , فتسرع القرود الباقية للقرد الصاعد لإنزاله وضربه ومنعه من الوصول إلى الموز . وصار كل قرد يحاول الصعود لأخذ الموز, يقوم الباقون بمنعه و ضربه حتى لا يرشوا بالماء البارد . بعد مدة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم لأخذ الموز على الرغم من كل الاغراءات , خوفاً من الضرب .بعدها صار  العلماء يقومون بتبديل أحد القرود الخمسة و يضعوا مكانه قرداً جديداً أتوا به من الخارج , فكان أول شيئ يقوم به القرد الجديد أنه يصعد السلم ليأخذ الموز , ولكن فوراً الأربعة الباقين يضربونه و يجبرونه على النزول . بعد عدة مرات من الضرب يفهم القرد الجديد بأن عليه أن لا يصعد السلم مع أنه لا يدري ما السبب . لأنه لا يحدث رش بالماء البارد

 

ثم يقوم العلماء بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد يحل محله , وعندما  قام هذا القرد الجديد بالصعود لأخذ الموز قام البقية جميعهم بضربه , أي قام القرد المبدل بالمشاركة بالضرب . واستمر تبديل القرود بقرود جديدة حتى أصبحوا جميعهم جدد لم يرش عليهم الماء البارد , ومع ذلك يضربون أي قرد تسول له نفسه صعود السلم للوصول للموز . أي بدون أن يعرفوا ما السبب وإنما محاكاة وتقليد , وامتثال للجماعة وتصرفاتها

 

ماذا نستنتج من ذلك :

إن أهم عوامل اكتساب التصرفات والعادات الاجتماعية يتم بالاعتماد على المحاكاة والتقليد , فهناك دوافع أساسية لكي يقلد ويحاكي الكائن الحي أفراد بني جنسه , صحيح أن هناك سلبيات للتقليد والمحاكاة , ولكنها أقل بكثير من فوائدها وميزاتها .  من هذه الفوائد :

 

أولاً :  هي الأمان للكائن الحي , وذلك بالسير على طريقة ونهج من سبقوه و الذي ظهر جدواه .

ثانياً : هو الامتثال الجماعي , فهو بحاجة إلى أن يحظى بقبول الآخرين . وللامتثال الجماعي جذور بيولوجية عميقة

ثالثاً : التقليد هو الاعتقاد بأن الآخر قام باتخاذ القرار ويقوم بالعمل الصحيح , وفي عالم يغلفه التعقيد يفضل التنازل عن  مسؤولية اتخاذ القرار . وللتقليد مزاياه الخاصة , إنه يقدم الأساس للعملية التعليمية ويعزز من لحمة الجماعة .

 

 

فنحن كبشر نعتمد على ما هو منتشر بيننا كأساس فيما نتبنى من أفكار وعادات وقيم ومعارف , ونقاوم كل ما يستدعي تغيير ما تبنيناه , فالمحافظة وممانعة تغيير مبادئنا وأفكارنا هما أساس تصرفاتنا , ولا نقوم بتعديل أو تبديل أي منها إلا بصعوبة وببطء وبالتدريج ونادراً ما نتقبل التغير السريع , وهذه الممانعة أو العطالة لها ما يبررها ويستدعيها في الواقع .

 

 

  المحافظة وممانعة التغير والتجديد

 

كلنا مقلدون وكلنا محافظون نقاوم التغيير , إننا في كل أسس تفكيرنا وتعاملنا مع الأفكار نستعمل مناهج وآليات محددة اكتسبناها وتعودنا عليها , ويصعب علينا تغييرها حتى وإن كنا مقتنعين بأفضلية وضرورة هذا التغيير , فهذا التغيير يكون صعباً علينا , وكثيرا ًما نلجأ لتبرير ذلك بشتى الطرق المنطقية وغير المنطقية , والموضوعية وغير الموضوعية .

 

إن هذه الصعوبة لها أسسها في بنية جهازنا العصبي , وفي آلية عمله , ونموه وتناميه , فكل تعلم يتم نتيجة اشراطات أو ترابطات عصبية معينة جديدة , وأي إلغاء أو تعديل لهذه الاشراطات التي تم اكتسابها (بناؤها) غير ممكن إلا بتعلم اشراط جديد فوق الاشراطات السابقة , ويكون هذا على شكل نمو محاور ومشابك للخلايا العصبية وبالإضافة لآليات أخرى كهربائية و كيميائية مساعدة , وأي محاولة تعلم جديدة , في نفس المجال , سوف تصطدم بما هو موجود سابقاً . و لا يمكن إلغاء المحاور أو المشابك العصبية التي تم بناؤها ويجب البناء فوقها . فتعديل الأفكار والعادات التي تم اكتسابها وخاصةً إذا كان التعلم قوي وثابت , لا يمكن أن يحدث بسهولة مثلما يحدث هدم بناء قديم وإقامة بناء حديث مكانه , إن كل ما يتم اكتسابه وتعلمه لا يمكن إزالته نهائياً فسوف يبقى ويجري التعديل عليه فقط , ضمن حدود معينة , أو يبنى فوقه .

 

 

فتعلم طريقة تصرف أو تفكير جديدة صعب ولكن ليس مستحيلاً , فهو يحتاج إلى مجهود وممارسة أكثر من التعلم الأولي الذي تم بناؤه عندما كان الدماغ شاغراً . فتعلم اللغة الثانية بعد اللغة الأم صعب ويحتاج لمجهود مضاعف وممارسة مضاعفة , ولكن تعلم اللغة الثالثة والرابعة أقل صعوبة بكثير , وذلك نتيجة الاستفادة من الطرق والآليات المتشابهة بين اللغات , والتي يكون المتعلم قد تعلمها واكتسب مهارة في التعامل معها نتيجة تعلمه اللغة الثانية .

 

 

إن هذا يحدث شبيه له في المجتمعات أثناء تطورها وتغيرها , وتشكل البنيات الاجتماعية الجديدة , فالتغيير الجذري ليس بالأمر السهل وهو قليل جداً , فهو لا يحدث إلا بالتسلسل وأثناء النمو ونتيجة التغير التدريجي للأوضاع , وفي كل جيل جديد هناك إمكانية متاحة للتغيير في العادات والأفكار, ويمكن أحياناً أن تحدث تغيرات سريعة في البنيات الاجتماعية , ولكن ضمن حدود معينة تسمح بها الأوضاع .

 

 

أما في التغير الجذري أو السريع للبنيات الصناعية والتكنولوجية والعمرانية فيكون أسهل بكثير , ويمكن أن يحدث بسهولة في هذه المجالات .

إذاً في المجال العصبي والفكري والنفسي وكذلك الاجتماعي لا يمكن إزالة القديم وإحلال الحديث محله , فالتغيير يجب أن يتم مع بقاء القديم , وذلك إما بالإضافة عليه أو تعديله بما يسمح الوضع .

  

 

قيادة و إدارة أمور الجماعة , أنظمة الحكم , وتطور أنظمة الحكم .

إن المهام الأساسية لقيادة أي جماعة أكانت خلايا جسم أو مجموعة كائنات حية تعيش حياة جماعية, وبالنسبة لنا نحن البشر هي :

 

1 – إدارة أمور المعيشية للجماعة من مأوى وطعام وكافة مستلزمات المعيشة , والتعامل مع البيئة .   وتنظيم وتوزيع الأعمال فيما بينهم

2 – حل التناقضات أو التضاربات بالدوافع والأهداف والصراعات التي تنشأ بين الأفراد أو الجماعات , تنظيم العلاقات بينهم . بالعادات والتقاليد واعتماد الأخلاق , والتشريعات والقوانين ......

3 –الدفاع والحماية للجماعة من كل الأخطار الخارجية .

 

 

ففي كل جماعة بشرية تعيش معاً , مهما كان عددها , المهم  القدرة على الرعاية وتأدية الأعمال والخدمات وإدارة الأمور المعيشية للجماعة , الأفكار والعقائد والدساتير والقوانين الموجودة , المصالح والأهداف للأفراد . القدرة على الحماية والدفاع عن الجماعة 

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

 

2014-05-21
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد