ثمانون متراً شهدت على ذكريات كاملة ..
ولادة جديدة لفتاة جديدة .. الخطوات الأولى .. الكلمة الأولى .. المدرسة الأولى ..
لكل فتاة على حدا ...
طفولة ومراهقة ..
وقصص حب .. مشاجرات كثيرة ... ضجيج هائل وحياة نابضة
أربع فتيات وأب وأم ... وفي غالب الأحيان جدة إضافية ..
ثمانون متراً
حافظت على هؤلاء الأفراد زمنا ً يتجاوز التسع وعشرون عاماً ..
تشربت ابتسامتهم .. حزنت لدموعهم ... فرحت بانتصاراتهم وضمت إلى حدودها صهران أيضاً
وحفيد ...
أحداث كثيرة تتالت ... زواج الأولى .. الحفيد الذكر الأول .. خطوبة الثانية ..
وأكثر ...
وعي الأولى وجمالها .. طيبة الثانية ورقتها .. جنون الثالثة و شقاوتها ... بحة صوت
الرابعة ودلالها ..
وأخيراً تضحية الأم وحنان الأب اللا محدود ...
لطالما حلمنا نحن الستة بأن تصبح هذه المساحة الصغيرة أكبر .. فحتى غرفة والدي كانت
أيام الشهادات الثانوية تتحول إلى مقر دراسة .. فأربع فتيات وجدة في غرفة واحدة ليس
بالأمر السهل ..
حتى أننا مرات عديدة شارفنا على توقيع عقود شراء لمساحات أكبر لكن دون جدوى ..
الآن الصور مختلفة تماماً ...
فوادي السايح لم يعد كما كان قبلا ً ..
حتى الألوان التي كانت تزين الجدران قد تحولت إلى الأسود ..
حتى الذكريات أصبحت رمادا ً .. صورنا القديمة .. زواج أبي وأمي .. طفولتنا وأكثر من
ذلك بكثير ..
والدي لم يجدا شيئا ً سوا خمس ملاعق وصحن مكسور .. كان عليهما أن يخفان بمشيتهما
فالبناء مهدد بالسقوط في أي لحظة ..
وصلني أن دموع
أبي روت رماد الذكريات هناك ...
وأن حزن أمي زاد سواد الجدران سوادا ً ..
لم أتفاجأ أبدا ً .. فثلاثون سنة من العمل ليس بالأمر السهل إعادتها الآن ..
أبي .... لم أكن بقربك حينها .. ولا استطعت أن أقول لك هذا على الهاتف ..
لا تبك ِ ..
لا تبك ِ (بابا) ..
البيوت ليست
قوائم حجر ٍ فقط ... لا ... هي قوائم بشر ... وذاكرة كاملة ...
أختي الكبرى أتت لك بحفيد يعيد الحياة إلى أي مكان يسكنه ...
وأنا الثانية سأجلب لك أحفاداً كثر أيضاً ... وأخوتي أيضا ً ...
أما عن الذاكرة فلا تهتم .. فطالما نحن معاً سنبني ذاكرة جديدة ً وصورا ً جديدة ...
وأحداث جديدة ً أيضا ً ..
أمي ... أبي
...لا تبكون أو تحزنون ..
فبيت البنات (( فاضي مليان )) ..............................
https://www.facebook.com/you.write.syrianews