news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
محبس ...بقلم : رنيم جروج

على ذات الواجهة... وقفت إلى جانبه أتأمل أطقم الذهب الملفتة.. وأتخيل كم ستكون جميلة على صدري يوم فرحي..
أجده متردداً .. ستيني العمر.. ثيابه تدل على نظافة خارجية وألوانها الهادئة تدل على حكمة قلبية...
يده اليمنى تضغط بقوة على محرمة بيضاء تخفي شيئاً ما بداخلها.. لكن يده تعصر بقوة بحيث أنها لا تسمح لحشريتي أن تعرف مكنوناتها..


يقف قربي.. يتأمل الواجهة مثلي .. ويفكر..
يده اليسرى على فمه وإبهامها مفتوحا للأعلى.. يعيدها إلى طبيعتها.. يتنفس بسرعة واضحة.. كرجل خائف من شيء كبير.. يعيد وضعها على فمه وهكذا..
يخفي محرمته الصغيرة في جيبه الأيمن.. يرتجف.. يعاود الكرة ويخرجها لكن هذه المرة يضغط عليها بقوة أكبر.. يقرب يديه من بعضهما.... ويقرر...
بإبهامه الأيمن وسبابته المطوية يحاول أن يحرك محبسه في اليد اليسرى.. يحاول إخراجه بصعوبة بالغة.. للحظة خلت أنه سيقطع إصبعته..
بدأ يظهر ما خفي تحت المحبس الذهبي (السادة) من بشرة بيضاء ناصعة تختلف عما كان مكشوفاً.. شعرت حينها كم أن الحب يحتاج قلوباً بيضاء..
خلعه بعد عناء.. وضعه داخل المحرمة.. ووقف خارجاً


- دخلت المحل وأنا كلي أمل ألا يدخل خلفي..
تبعني ... سأل البائع مباشرة دون تردد: أتشتري ذهباً؟؟؟ فأجابه ما عندك؟؟
أخرج تلك المحرمة السرية الرطبة قليلاً ربما من عرق يده اليمنى...
فتحها..
(محبسه الذي خلعه للتو........... ومحبس مثله تماماً بحجم أصغر...)
تأملته بحنان .. رغم أن عيني لم تعد تود مشاهدة لحظة إضافية..


لم يبدي أي عوز أو ضعف.. لكن عينيه بقيت تلاحق المحبسين إلى الميزان.. ومن ثم إلى يدي الصائغ الذي مسكهما دون مبالاة بقيمتهما الروحية وقد بدأ بحساب قيمتهما على الآلة الحاسبة...
ومن ثم إلى قطعة مخملية داخل قفص زجاجي..


- توقف نبضي للحظة لأجل هذا العم الستيني.. فقد فهمت كل ما استغربته قبلاً...
أردت الخروج مسرعة.. نطقت شكراً مختنقة..
تسرب إلى أذني (عشرون ألفاً).. مضيت بسرعة.. بكيت وسط الطريق العام..دون أن يأبه أحد..
ألأجل عشرون ألفاً نبيع ذاكرة بكاملها.. أنبيع قلباً لأجل مبلغ زهيد كهذا؟؟؟
أنبيع حياة كاملة ..


ربما لأجل أن نبقى على قيد الحياة في هذه الأيام ...علينا أن نبيع كثيراً جداً من الحب المتصل بالقلب تماماً*

أرجوكم...ارحموا ذاكرتنا ..ارحموا قلوبنا ..
ارحموا محابسنا... ودعونا نعيش لنحب...
دعونا نحب...

*(هناك مقولة بأن المحبس يوضع في اليد اليسرى بالإصبع الرابع لأن هذا الإصبع يحتوي على شريان يصل إلى القلب مباشرة)

اللاذقية.. شارع الشيخ ضاهر
7/11/2012
6:30 مساءً

2013-07-26
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد