news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
حلاق بالوراثة ... بقلم : عزمي مخول

لا يمكنك أن تُبقي رأسك مرفوعاً، وأنت تستمع إلى تحليلاته السياسية حول ما يجري حولنا من أحداث، فهو لا يعطيك الفرصة، حتى للتعبير عن رأيك، ولو بهز الرأس للأعلى أو للأسفل، معترضاً أو موافقاً على ما يقوله، وذلك لطريقته بالإمساك بالرأس وإبقائه منخفضاً، وهو يتابع عمله ممسكاً بموسى الحلاقة ذي الشفرة الحادة، وهو يصول ويجول بها على رقبتك، منظفاً إياها من تلك الشعيرات التي استطالت ونمت في غير مكانها المناسب.


إنه صديقي الحّلاق أبو نضال، في العقد السادس، ويدير عمله من محله في وسط دمشق الذي ورثه عن والده، وورث عنه مهنته. وقد أصبح، في السنوات الأخيرة، مكاناً لسكنه ونومه ليلاً، بعد أن أصبح من المتعذر عليه العودة إلى مكان سكنه في ريف دمشق الملتهب منذ سنوات.
 


حتى في تلك الدقائق القليلة التي يطبق فيها فمه مثبتاً الخيط ما بين أسنانه وأصابع يديه، ليبدأ بنتف الشعيرات القصيرة في أعلى الخدين، وما يسببه لك ذلك من الغضب الذي يمكنك من التعبير عن رأيك. وتعتقد حينها أنه الوقت المناسب لتعبر عن رأيك، وتعترض على بعض ما قاله.

 

 يفاجئك وقد أرخى الخيط من أصابعه، متابعاً شرح وتوضيح أفكاره وتحاليله النقدية بفم نصف مطبق، وبذلك الخيط وقد أمسك به جيداً بين أسنانه، وتدلى من بين شفتيه لأسفل وجهه، صورة لا يمكنك وأنت تنظر إليه، إلا أن تتوقف عن الكلام، وأن تعطيه الانطباع بأنك توافقه على كل ما يتفوه به.
 


إدارة أبو نضال دكان الحلاقة الذي ورثه عن والده لم تتغيّر، فهو لا يزال يديره بتلك الطريقة القديمة، على الرغم من التحديات التي تواجهه من محلات الحلاقة الحديثة المنافسة له، والتي انتشرت في الجوار، وأدواته المستعملة لم يطرأ عليها أي تحديث، ولا تتعدى المقص وموسى الحلاقة وبعض ماكينات الحلاقة اليدوية، والتي أصبح مكانها المتاحف، وتفاجئك بأنها ما زالت تعمل. وما يفاجئ أبو نضال ويثير استغرابه، هو تسرب الزبائن، وعدم إقبال فئة الشباب على الحلاقة لديه وهو الحلاق أباً عن أب!
 


الأسبوع الماضي، وعندما ذهبت لأقص شعري الذي غزاه الشيب، ليفرقه بين لونين متناقضين، وماتعود مقص أبو نضال أن يفرق بينهما. وقبل أن يبدأ بعمله، ويجبرني في أثنائه على تقبل آرائه وتحليلاته السياسية للأحداث. فاجأني برأيه حول طريقة مقتل أحد القيادين البارزين، والذي وجدتني أوافق عليه وبلا إكراه هذه المرة.
 


فقد قال لي: من عاش بالبوط، بالـ (بوط) يقتل!

ليتابع بعدها عمله في إذلالي ...
 

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews
 

2015-05-07
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد